قطر والعراق والسعودية المتجددة .. أمل العرب في كأس آسيا
تغير الكثير منذ آخر نسخة لكأس آسيا، في عام 2019، والتي احتضنتها الإمارات، وأحرز الأدعم القطري لقبها بفوز صريح على اليابان في النهائي. هل يمكن أن تكرر قطر فعلتها وتحرز اللقب مجددا، خصوصا وأن البطولة الحالية تنظم على أرضها؟ أو أن يتمكن منتخب عربي آخر من الحفاظ على اللقب في حوزة عرب آسيا؟
المعطيات الحالية ترجح كفة فرق شرق آسيا، وخصوصا اليابان، لخطف اللقب، ولكن تبقى هناك عوامل قد تساعد المنتخبات العربية، خصوصا وأن عددها هذه المرة 10 منتخبات من أصل 24 منتخبا في كأس آسيا.
حامل اللقب: الكأس لن يخرج من الدوحة
ولو نظرنا إلى حامل اللقب ومستضيف هذه الدورة المنتخب القطري، لوجدناه متعطشا لمصالحة جماهيره بعد الأداء المخيب الذي قدمه في كأس العالم 2022 وخروجه من الدور الأول. إلا أن التغيير المفاجئ للمدرب قبل شهر من موعد البطولة أربك حسابات “الأدعم” كما يطلق عليه محبوه.
المدرب الجديد، الإسباني “تينتين” ماركيس لوبيس، وهو مدرب نادي الوكرة السابق يقرّ أن الوقت قصير جدا، لكنه يأمل أن يثق اللاعبون بطريقته وأسلوبه، ويقول: “إذا كنا يدا واحدة سنتساعد”. ويضيف: “هذا هو الوضع الآن، بالتأكيد الوقت قصير، وفي كرة القدم، الضغوط موجودة بشكل دائم، لكن الأمر يعتمد على الضغط الذي تضعه على اللاعبين. الأهم ، برأيي، بالنسبة للاعبين، هو أن يستمتعوا بالمباريات”. ومع ذلك صرح لوبيس أن طموحه هو الوصول إلى نهائي البطولة.
لذلك يتطلع رفاق المعز علي إلى تكرار سيناريو أمم آسيا 2019، عندما حققوا مفاجأة من العيار الثقيل وتغلبوا على عمالقة آسيا، وتوجوا باللقب القاري الوحيد.
ويرى الصحفي الرياضي ظفر الله المؤذن أن عامل الأرض والجمهور والرغبة في تعويض إخفاق المونديال، تشكل دافعا قويا للمنتخب القطري للذهاب بعيدا في البطولة.
أسود الرافدين وحلم تكرار 2007
كما يرى ظفر الله المؤذن أن العراق هو من الفرق العربية التي لديها حظوظ. المنتخب العراقي، الذي تحلم جماهيره بتكرار سيناريو بطولة 2007، التي انتهت بتتويج “أسود الرافدين” باللقب، تبدو حظوظه في الدور الأول معقولة. فباستثناء اليابان، المرشح الأول لحصد اللقب، يمكن للعراقيين أن يعبروا إندونيسيا وفيتنام، واحتلال المركز الثاني، أو على الأقل يكونوا من بين أفضل أصحاب المركز الثالث في دور المجموعات، كي يتأهلوا للدور ثمن النهائي. وهي بالتأكيد خطوة في مشوار يتمناه العراقيون أن يطول، خصوصا بعد أن توج منتخبهم بكأس الخليج 2023، وقدم أداء مقبولا في المباريات الودية الأخيرة.
وإضافة إلى نجوم الدوري المحلي، مثل حسين جابر ومحمد علي عبود وعلي فايز، استدعى العراق عددا من المحترفين في الخارج ليكونوا قوة إضافية في تشكيلة المدرب الإسباني خيسوس كاساس، أبرزهم سومر الماجد وكيفن يعقوب ويوسف أمين وعلاء عباس والحارس سعد ناطق.
وسيفتتح العراق مشواره في 15 يناير/كانون الثاني بلقاء المنتخب الإندونيسي في مواجهة يعني الفوز بها راحة نفسية للعراقيين في مشوار الدور الأول.
ولعل المنتخب العُماني هو أحد المنتخبات صاحبة الأداء الجميل، بقيادة مدربه الكرواتي برانكو إيفانكوفيتش، الذي يعرف منتخبات القارة الآسيوية جيدا. ويعول إيفانكوفيتش على خبرة جميل اليحمدي، وأحمد الكعبي وحارس المرمى فايز الرشيدي، ليقودوا منتخب السلطنة في المهمة القارية.
لكن الخبير الرياضي التونسي ظفر الله المؤذن، يقول في حوار مع المانيا اليوم عربية، إنه لا يرى أي منتخب عربي آخر قادر على المنافسة، باستثناء قطر والعراق، وبنسبة أكبر السعودية، التي فازت ثلاث مرات باللقب.
السعودية أقوى المنتخبات العربية
28 سنة مرت على رفع المنتخب السعودي كأس آسيا في بطولة 1996 في الإمارات، ومن حينها غابت الكأس القارية عن خزائن الأخضر، الذي اكتفى بالوصول إلى نهائي نسختي 2000 وخسرها أمام اليابان، و2007 وخسرها أمام العراق.
بيد أن السعودية 2024 تبدو في وضع جديد كليا على الصعيد الرياضي، عقب القرار الذي اتخذته الأسرة الحاكمة بالاعتماد على الاستثمار الرياضي بلا حدود، سواء باستثمارات خارجية، أو بتطوير الدوري المحلي عبر اجتذاب نجوم عالميين من الطراز الأول، كالبرتغالي رونالدووالفرنسي بنزيمة والبرازيلي نيمار، والجزائري محرز وغيرهم الكثير. واحتلت أندية الدوري السعودي المركز الثاني عالمياً في الانفاق على اللاعبين الجدد خلال الفترة الصيفية، بإجمالي بلغ 875,4 مليون دولار أميركي، خلف الدوري الإنجليزي (1,98 مليار).
وهنا يقول الصحفي الرياضي السعودي هتّان النجار في حديث مع المانيا اليوم عربية: “استقطاب النجوم العالميين والطموح بجعل الدوري السعودي أحد أقوى خمس دوريات عالميا، سيكون له أثر كبير على المدى المتوسط والبعيد”. لأن هذا يحفز اللاعب السعودي على المنافسة لحجز مكان في تشكيلة ناديه، وأن يكون واحدا من بين 15 لاعبا سعوديا يشارك مع النادي، بعد القرار الذي صدر بالسماح لكل نادي بتسجيل 25 لاعبا، منهم 10 أجانب كحد أقصى. وبالتالي فقط من لديهم “مهارة عالية ومستويات عالية سيضمنون المشاركة” مع النادي، وهذا الشيء سينعكس على المنتخب بالتأكيد.
فيما اعتبر المدرب البرتغالي نيلو فينغادا، آخر من قاد السعودية لتحقيق اللقب عام 1996، أن سياسة استقطاب اللاعبين الأجانب “لن تفيد المنتخب” السعودي. وقال إن “جودة الدوري السعودي أصبحت أفضل الآن، لكنها في رأيي لن تفيد المنتخب، نظراً لسيطرة المحترفين على التشكيل الأساسي للأندية، وهذا ليس جيدا”.
مشروع طويل الأمد
ويلعب الأخضر في المجموعة السادسة إلى جانب عُمان، وقرغيزستان، وتايلاند، محاولا إحراز اللقب الرابع في تاريخه بعد أعوام 1984، 1988، 1996.
وعلى صعيد الإدارة الفنية، اختار الاتحاد السعودي الاستعانة بمدرب كان قد فاز حديثا بكأس الأمم الأوروبية مع منتخب بلاده إيطاليا. إنه روبرتو مانشيني الذي أدهش القارة الأوروبية وقاد الآزوري للنهوض مجددا بعد سنوات من الغياب القاري والعالمي.
والآن ومنذ تولي مانشيني (59عاما) قيادة الجهاز الفني للمنتخب السعودي، في آب/أغسطس 2023، بعقد يستمر حتى صيف 2027، يريد المدرب المعروف بمسيرته الحافلة أن يعيد السعودية إلى سكة الألقاب. فهل يتحقق ذلك في هذه النسخة من كأس آسيا؟
مشوار مانشيني مع الأخضر، خلال الأشهر القليلة التي قضاها معه، شهد خوض ستة لقاءات انتهى نصفها بالهزيمة، مقابل فوزين وتعادل. حصيلة ليست مرضية تماما. ولكن تصريح مانشيني بأن هناك “12 لاعبا فقط قادرون على تمثيل المنتخب السعودي”، كما يقول الصحفي هتان النجار من صحيفة الرياض السعودية، أمر يعكس تراجع مستوى المنتخب السعودي، بعد الأداء الكبير في مونديال قطر.
للاعبي الخبرة في صفوف الأخضر دور كبير، رغم استبعاد أسماء بارزة تألقت في مونديال قطر كسلطان الغنام وسلمان الفرج وعبدالله المعيوف.
وتبقى الآمال معقودة على نجوم مثل سالم الدوسري، والجميع يذكر كيف تفوق الدوسري على الأسطورة الأرجنتينية الحيّة ميسي، في المواجهة المباشرة بين الطرفين في المونديال. وتعول الجماهير السعودية على الدوسري ليقود المنتخب نحو أدوار متقدمة في النهائيات الآسيوية. الدوسري (32 عاما) توج بلقب أفضل لاعب في القارة خلال 2023، ويمني النفس بالمزيد.
ويرى النجار أنه وفقا للإمكانيات والوضع الحالي، يمكن للمنتخب أن “يصل إلى ربع النهائي”. ولكن وبغض النظر عن نتائج المنتخب في هذه النسخة من كأس آسيا، يرى النجار أن مهمة مانشيني هي التحضير لمونديال 2026، ولكأس آسيا 2027 التي ستحتضنها السعودية، حينها سيكون المنتخب منافسا أساسيا على اللقب الآسيوي.
ما يعني أن نسخة هذا العام أقرب بكثير لمنتخبات شرق القارة، وخصوصا اليابان، كما يقول الصحفي ظفر الله المؤذن، الذي قال: “ليس من باب التشاؤم، وإنما نظرا للمعطيات، فأنا أستبعد أن ينافس العرب على اللقب، بسبب قوة منتخبات آسيا الأخرى، وخاصة اليابان المتعطش للقب جديد، ولا ننسى الشمشون الكوري الجنوبي، وكذلك المنتخب الأسترالي، ومن غرب القارة إيران.