"علينا محاسبة المسؤولين"
كارثة إنسانية تحدث في شمال سوريا. يوجه وزراء خارجية 14 دولة من دول الاتحاد الأوروبي الآن نداءً عاجلاً إلى أطراف النزاع. نُشر البيان على موقع T-Online.de.
تدور حاليًا في إدلب واحدة من أخطر الكوارث الإنسانية في النزاع السوري – وهي أزمة مستمرة الآن منذ ما يقرب من عشر سنوات وتسببت بالفعل في معاناة هائلة. يواصل النظام السوري استراتيجيته لإعادة السيطرة العسكرية على البلاد بأي ثمن ، بغض النظر عن تداعياتها على السكان المدنيين السوريين. زادت منذ ديسمبر/ كانون الثاني بالاستعانة بالطائرات الحربية الروسية كثافة عمليات النظام في شمال غرب البلاد.
أدت الغارات الجوية المستمرة وإسقاط القنابل إلى فرار ما يقرب من مليون سوري في غضون أسابيع قليلة. هياكل المساعدات الإنسانية مثقلة بالكامل. يبحث مئات الآلاف من الناس وخاصة من النساء والأطفال عن الحماية في مخيمات مؤقتة ويعانون من البرد والجوع والأوبئة. فيما يعد انتهاك للقانون الإنساني الدولي اضطرت 79 مستشفىً ومركزاً صحياً لإغلاق أبوابها. وكذلك تعرضت مدارس ومرافق الحماية لهجمات متعمدة. وقُتل 298 مدنياً في إدلب منذ 1 يناير/ كانون الثاني، وفقًا لبيانات مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
نحن على دراية تامة بوجود فصائل متطرفة في إدلب و نحن لا نتعامل مع الإرهاب باستخفاف ولكن نواجهه بحزم ونأتي في مقدمة المتصدين لتنظيم داعش .لا يمكن ولا ينبغي استخدام التصدي للإرهاب لتبرير الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، تلك التي نواجها كل يوم في شمال غرب سوريا.
وقد حذرت الأمم المتحدة من حدوث أزمة إنسانية لم يسبق لها مثيل إذا استمر الهجوم الحالي. إننا ندعو النظام السوري ومؤيديه إلى إنهاء هذا الهجوم واحترام وقف إطلاق النار المتفق عليه في خريف عام 2018 وندعوهم إلى وقف القتال فوراً والوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي. ويشمل ذلك حماية العاملين في المجال الإنساني والعاملين الطبيين، الذين فقد كثير منهم حياتهم في الخدمة المدنية في إدلب. كما ندعو روسيا إلى مواصلة المفاوضات مع تركيا لتخفيف حدة الوضع المروع في إدلب والمساهمة في التوصل إلي حل سياسي.
إضافة إلى ضرورة وقف إطلاق النار فوراً في إدلب ندعو روسيا إلى عدم منع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الأشهر المقبلة من تجديد آلية نقل المساعدات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها بشكل عاجل إلى شمال غرب سوريا. لقد أصابت روسيا هذه الآلية بالشلل في شمال شرق سوريا ، لذا يتعين علينا الآن إيجاد بدائل لمعبر “اليعربية” الحدودي. من يستطيع في الوقت الحالي التكهن بأن النظام السوري سيسمح بناء على مبادرة منه بتوصيل المساعدات إلى المحتاجين عندما يكون النظام نفسه هومن يتحمل المسؤولية الرئيسة عن محنتهم؟
أخيرًا يجب أن نتذكر أنه لا يمكن إنهاء الأزمة في سوريا بشكل دائم إلا عن طريق تسوية سياسية للنزاع. لا يمكن أن يحدث التطبيع السياسي إلا إذا تم انجاز عملية سياسية حقيقية لا رجعة فيها. يركز النظام على استراتيجيته العسكرية ويسعى إلى تقويض أي عملية سياسية شاملة عن طريق عرقلة أي محادثات دستورية يقودها المبعوث الخاص للأمم المتحدة جير بيدرسن في جنيف. ولكن الإصلاح الحالي يستند إلى اعتقاد زائف. وسوف تؤدي نفس الأسباب نفس التأثيرات: التطرف، وعدم الاستقرار في سوريا والمنطقة، والتشريد ــ في بلد أصبح أكثر من خمسين في المائة من عدد سكانه مشردين وفارين. إن الدول المجاورة لسوريا يستحقون الثناء على الجهود الهائلة التي يبذلونها لحماية السوريات والسوريين الذين اضطروا إلى مغادرة أوطانهم.
بالنظر إلى هذه المأساة يعترف الأوروبيون أيضاً بمسئوليتهم تجاهها. يُعَد الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء أكبر الجهات المانحة في مجال المساعدات الإنسانية للشعب السوري. وسوف نواصل هذه الجهود المشتركة ونتوسع فيها آخذين الأزمة في إدلب في الاعتبار.
سوف تواصل أوروبا ممارسة ضغط على النظام حتى يشارك بجدية في العملية السياسية. قام الأوروبيون في 17 فبراير/ شباط بفرض عقوبات جديدة موجهة على أساس فردي ضد رجال الأعمال السوريين، الذين يدفعون بالجهود الحربية للنظام إلى الأمام ويستفيدون من تبعاتها.
نحن ملتزمون أيضاً بمواجهة الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة في سوريا. الأمر يدور هنا بالأساس حول القانون والعدالة. كما أنهما شرطان ضروريان للسلام الدائم في سوريا، التي انقسم المجتمع فيها بشدة جراء نزاع استمر عشر سنوات تقريباً. إننا نريد مواصلة دعم آليات الأمم المتحدة لمكافحة الإفلات من العقاب – لجنة التحقيق المعنية بالجمهورية العربية السورية وكذا الآلية الدولية والمحايدة والمستقلة (IIIM). إنهم يجمعون أدلة مهمة حتى يتمكنوا في المستقبل من رفع دعاوى ضد من تتم إدانتهم بارتكاب جرائم خطيرة.
سنواصل علاوة على ذلك العمل من أجل رفع دعاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية. سنحافظ على انخراطنا أيضاً في إطار أنظمتنا القانونية المحلية ونضمن ألا تمر الجرائم المرتكبة في سوريا دون عقاب. وتشمل هذه الجرائم استخدام الأسلحة الكيميائية، وهو انتهاك خطير للقانون الدولي الأساسي. يتعين علينا تحديد المسئولين وتحميلهم المسئولية. كما أنه علينا تحديد مكان ومصير عديد من السجناء والمفقودين.
وفيما يلي أسماء وزراء الخارجية المشاركين :
فيليب جوفين (بلجيكا)
جيبي كوفود (الدنمارك)
هايكو ماس (ألمانيا)
اورماس رينسالو (أستونيا)
بيكا هافيستو (فنلندا)
جان إيف لو دريان (فرنسا)
سيمون كوفيني (أيرلندا)
لويجي دي مايو (إيطاليا)
ليناس لينكوفيتشيوس (ليتوانيا)
ستيفانوس بلوك (هولندا)
ياتسيك تشابوتوفيتش (بولندا)
اوجستو سانتوس سيلفا (البرتغال)
آن ليندا (السويد)
أرانتشا جونزاليز لايا (إسبانيا)
مصدر النص: وزارة الخارجية الألمانية
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
المصدر