ينحني دانيال سكوبيو، وهو رجل بلا مأوى من وارسو، إلى طاولة مغطاة بالصور، يختار واحدة منها تمثل قريبته، وتظهر فيها فاتحة ذراعيها وموجهة ابتسامتها نحو الشمس. ويعلّق سكوبيو، وهو مدمن كحول و مخدرات سابق يبلغ 27 عاماً حفر على يده وشم عقرب، بقوله: “إنها بالأبيض والأسود، لكنها تجسّد لحظة من الفرح والحرية”.
يشارك سكوبيو وآخرون في مبادرة في أوروبا الوسطى بعنوان “صوّرها!”، وتهدف إلى توزيع كاميرات قابلة للاستخدام مرة واحدة على مشردين. وتحدث عدد منهم مع وكالة “فرانس برس” في حديقة بالعاصمة البولندية.وهدفَ هذا المشروع العابر للحدود والذي أثمر معرضاً في بودابست، إلى تغيير صورة المشردين في المجتمع. وتشير منسّقة المشروع، نورا باغدي، في تصريح لوكالة “فرانس برس” إلى أن “لا أحد يرى هؤلاء الأشخاص أو يسمعهم في معظم الأحيان، أو يُنظر إليهم بصورة سلبية جداً”. وتشرح أن “الصور تسمح باكتشاف حياتهم الخاصة المليئة بالألوان والحب والجولات في المدينة”.
صور فوتوغرافية يلتقطها مشردون
وحرص عشرات المشاركين التشيكيين والمجريين والبولنديين والسلوفاكيين على تصوير كل شيء، بدءاً من الوجبات المشتركة إلى الحيوانات الأليفة مروراً بالانعكاس في البرك والساعة الذهبية. وتتولى إدارة المشروع مؤسسة مينهيلي المجرية التي تعنى بمساعدة المشردين، ويحظى بدعم من صندوق فيشغراد الدولي. عندما وُزّعت للمرة الأولى على المشرّدين آلات التصوير القابلة للاستخدام مرة واحدة، كانت ردود الفعل متباينة، إذ قَبِلَ البعض التحدي، لكنّ آخرين شعروا بأن ليس لديهم ما يقدمونه.
وزعت كاميرات على مشردين وطلب منهم توثيق مشاهداتهم
وتروي المنسقة في بولندا إيزابيلا كروزينسكا أن المشرّدين كانوا يستغربون قائلين: “المطلوب أن أصوّر؟ أنا؟ وماذا عسايَ أُظهِر في الصوَر؟”. وترى أن الأمر كان ناجماً “عن انعدام الثقة بالنفس”. وتضيف “اضطررنا إلى أن نخفف عنهم هذا العبء، وأن نقول لهم إن كل ما يلفت انتباههم من حولهم جيد”. تحمّس سكوبيو للفكرة. وما هي إلا بضعة أيام حتى نفدت منه بكرات الصور. وهؤلاء الرجال سبق أن تعاونوا في فرقة مسرحية للمشردين لم تعد موجودة الآن، كانت تتيح لهم، مثل مشروع التصوير الفوتوغرافي، الفرصة لنسيان مشاكلهم. ويقول سكوبيو “أنا فخور حقاً بنفسي لأنني تمكنت من تدبّر أمري (…) ومن البحث عن طرق لقضاء وقتي حتى لا تراودني أفكار غبية بعد الآن”.
نقطة تحول في حياتهم!
من أسنان سكوبيو المكسورة يُعرَف أنه عاش سنوات صعبة، كان فيها مدمناً للمخدرات و الكحول، وكان يتورط في سرقات ومشاجرات، وينام تارة عند رفقاء من هذين الوسطين، أو على المقاعد العامة في الشوارع. وكانت نقطة التحول عندما استيقظ ذات يوم على عشب رطب ومبلل، وكان لا يزال تحت تأثير المسحوق االأبيض وزجاجة فارغة في جيبه. ومنذ ست سنوات، لا يتعاطى سكوبيو أياً من المادتين، ويعيش سكوبيو في مركز للمشردين، ويعمل على الحصول على شهادة الدراسة الثانوية. ويقول بفخر: “أنا دليل حي على أن في إمكان المرء الخروج من أي وضع هو فيه، والتخلي عن أي مادة وبدء حياة جديدة”.
ويُعد معرض بودابست الذي يستمر إلى نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني، المكان الوحيد في الوقت الحالي الذي يمكن فيه مشاهدة مجموعة مختارة من بضع عشرات من الصور التي التقطت أثناء المشروع. وتُظهر إحداها، وهي لقطة بالأبيض والأسود صوّرها سلافومير بليشتا، حاملة دراجات هوائية من منظور نملة، وتشكل الأقواس المعدنية نفقاً به شخص صغير في آخره. وقال هذا الرجل البالغ من العمر54 عاماً والذي كان مدمناً على الكحول لوكالة “فرانس برس”، “لم أترك الكاميرا عملياً طوال هذا الوقت. اكتفيت بالتجوّل بحثا عن أشياء مثيرة للاهتمام”. لم يكن هذا ليكون ممكناً لو بقي ينام في الشارع ويشرب الكحول .واليوم، بعد عام من انقطاعه عن الكحول وعودته أخيراً للسكن في البيت يقول فرحاً: “في ذلك الوقت، لم أكن لأتحدث بهذه الطريقة. كنت سأبقى صامتاً. اليوم، لا داعي للقلق، أنا شخص جديد، منفتح على الناس، مبتسم”.
(أ ف ب / إ.م)
-
لندن بعيون مصورين “متشردين”
“لم أصدق أنني قد وجدت بانكسي آخر”، تقول سافرون سايدي حين صادفت هذه الجدارية. طلبت سايدي من رجل يعمل في حانة أن يمسك رباط كلبها لتلتقط هذه الصورة. حينها قال لها النادل: “يبدو أن بانكسي يحب الكلاب!”. قضت سايدي معظم أوقات حياتها في دور الرعاية، مضيفة أن الصحة النفسية والأنشطة الفنية هما شريان الحياة بالنسبة لها. ستتصدر هذه الصورة غلاف التقويم لعام 2017 في هوكستون بشرق لندن.
-
لندن بعيون مصورين “متشردين”
في الصورة تظهر ميا ليونز، صديقة جاكي كوك. التقطت جاكي هذه الصورة لصديقتها ميا عند مغادرتها لمترو أنفاق لندن. تزور جاكي وميا دورة للدراما وتذهبان معاً إلى مركز هارينجي للمعالجة، الذي تتم إدارته بالتعاون مع مأوى سانت مونجو للمشردين. تقوم ميا بتعليم صنع الأواني الفخارية، بينما تعلم جاكي التأمل بشكل تطوعي. مشروع التقويم السنوي هذا مُنظم من قبل مقهى الفن Cafe Art وممول عبر التمويل الجماعي.
-
لندن بعيون مصورين “متشردين”
“كنت أسير في الجهة الغربية للمدينة، ولفت انتباهي شكل موقف الدراجات هذا. اعتقدت بأنها ستكون صورة جيدة، لذا قمت بالتقاطها مستخدماً هاتفي المحمول لأنني لا أملك كاميرا”. هذا ما قالته المصورة إيلا سوليفان. تتابع المصورة حالياً دورس التصوير الفوتوغرافي بالإضافة إلى دورة لتصفيف الشعر في أكاديمية لندن للتدريب المهني بكامدن.
-
لندن بعيون مصورين “متشردين”
“طلبت من صديقي أن يقف إلى جانب اللوحة الجدراية لاعتقادي بأن ذلك سيضيف جمالية أكبر للصورة”. دفعت المصورة جيرالدين كريمينز منزلها وعملها ثمن إدمانها المخدرات، قبل أن تتخلص كلياً من المشكلة منذ عدة أعوام. تعمل جيرالدين حالياً في مقهى Cafe Art لاكتساب خبرة ومهارات في المبيعات.
-
لندن بعيون مصورين “متشردين”
“هذه هي الصورة الأنجح من ضمن 26 صورة التقطتها”، يقول المصور ريتشارد فليتشر، ويضيف: “أنام بصعوبة خلال فترة الصيف ولكن لا بأس. أما في فصل الشتاء، فقد كان لديّ مأوى لقضاء الليل فيه، ومن الممكن أن أعود إليه إن بقيت هنا في شهري تشرين الأول وتشرين الثاني”. فليتشر عضو في مجموعة فنون مخصصة للمشردين مقرها لندن.
-
لندن بعيون مصورين “متشردين”
“هذا هو حقل مايفيلد لأزهار الخزامى، غرب كرويدون. كنت في نزهة على دراجتي الهوائية وأعجبني هذا المنظر الجميل، فالتقطت هذه الصورة”. هيو غاري، جندي سابق، خدم في الجيش البريطاني وتم مساعدته بعد ذلك بتأمين سكنه في “بيغ هاوس”، وهو نزل خاص بالجيش. يقول هيو أيضاً إن العديد من المشردين في المدينة كانوا في السابق في الجيش، لكن قلة هم من يمدون يد العون لهم.
-
لندن بعيون مصورين “متشردين”
“أحببت هذا الشكل المنحوت والإضاءة والانحناء، وأحببت أيضاً ظهور الحافلة في الصورة، لأنها بمثابة رمز للندن، بالإضافة إلى ظهور جزء بسيط من كاتدرائية القديس بولس”. اضطرت المصورة إيلينا ديل فال للهروب مع أمها بسبب العنف المنزلي، ولذلك قضت معظم حياتها بلا مأوى على نحو متقطع. ولكنها الآن أكثر استقراراً بعد استئجار شقة خاصة بها. تضيف إيلينا: “ساعدني التصوير على رؤية ما حولي من منظور مختلف”.
-
لندن بعيون مصورين “متشردين”
شاركت بياتريس، التي لم تشأ الإفصاح عن اسم عائلتها، بمسابقة تصوير للمشردين مشابهة في العام الماضي حين نالت جائزتها الأولى. وعن مشاركتها لهذه السنة قالت: “لقد كان يوماً حاراُ جداً، وراقت لي زرقة السماء وبياض الجدار، ثم رأيت ذلك المرشّ الأحمر، ما أضاف لوناً رائعاً لتلك الصورة، ولكنني شعرت بوجود نقص ما، فقمت برفع يدي ليتشكل ظلاً قوياً على الجدار، فاكتملت الصورة”.
-
لندن بعيون مصورين “متشردين”
التقط المصور كيث نورس هذه الصورة لصديقته لويس دانبي في هاتون غاردن، حي المجوهرات بلندن. كان نورس بلا مأوى منذ عام 1984 وحتى 1992، واعتاد المبيت في العراء تحت جسر غير مستخدم للسكك الحديدية. يقول نورس: “آنذاك كان الوضع صعباً جداً”.
-
لندن بعيون مصورين “متشردين”
“بعد انتهاء العاصفة المطرية الضخمة، بقيت سحابة في السماء وكانت الشمس قد شكلت لوناً برتقالياً جميلاً قبيل مغادرتها في آخر النهار. كان منظراً رائعاً”. تسكن سيلينا في كنيسة جنوب لندن بشكل غير قانوني مع 30 إلى 40 شخصاً آخرين. وهي تحضر بشكل دوري برنامج للتصوير الضوئي في مقهى الفن Cafe Art.
-
لندن بعيون مصورين “متشردين”
التقط لاز أوزيردين هذه الصورة بالقرب من محطتي هايبوري وإيسلنغتون، ويقول: “في هذه الصورة .. أنا كل شيء وأنا لا شيء”. انتقل أوزيردين من هنغاريا إلى لندن بسبب إدمانه الكحول في عام 2004. تلقى لاز علاجه في مشفى لمدة ستة أشهر إلى أن تمكن من الوقوف على قدميه مجدداً بمساعدة كل من مركز هارينجي للمعالجة وملجأ سانت مونجو. يدرس أوزيردين حالياً ليصبح باحثاً اجتماعياً في المستقبل.
-
لندن بعيون مصورين “متشردين”
المصور الفوتوغرافي ليو شاؤول قال إنه كان يرغب بزيارة محمصة البن في بلدة كامدن منذ مدة طويلة، وجاءت المسابقة كذريعة جيدة تأخذه إلى هناك. في الوقت الحالي، يتعالج ليو من إدمانه على الكحول، وعلق على ذلك بقوله: “إن الإدمان مرض أناني، والعلاج منه لا بد أن يكون أنانياً كذلك”.
-
لندن بعيون مصورين “متشردين”
جاء كريستوفر مكتافيش عام 1971 إلى لندن من قرية صغيرة في تورنتو بكندا بعد أن طُرد من منزله بسبب تعاطي المخدرات. وقضى كريستوفر عامي 1998 و1999 في لندن متشرداً بلا مأوى. أما في الوقت الحالي، فهو يسكن في شقة تابعة لإحدى جمعيات الإسكان، ويغني مع فرقة خاصة للأشخاص الذين اختبروا التشرد. في الصورة انعكاس لكاتدرائية القديس بولس بلندن.
الكاتب: إنغا جانيوليت/ ريم ضوا
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});