بعد عام على رحيله عن عمر 82 عاما بسبب مرض سرطان القولون، أحيت البرازيل ذكرى وفاة اسطورة كرة القدم بيليه. وتم ضع قميصه الشهير رفقة السامبا، على تمثال المسيح المخلص في ريو دي جانيرو، الذي يعد رمزا للمدينة البرازيلية.
وحفر أديسون أرانتيس دو ناسيمنتو، المعروف بـ(بيليه)، اسمه بحروف من ذهب في سجلات كرة القدم، بفضل الإنجازات والألقاب الجماعية والفردية التي توج بها خلال مسيرته الرياضية، بالإضافة لقدراته ومهاراته الفذة التي أمتعت عشاق اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
وخلال مسيرة احترافية استمرت لأكثر من عقدين، أمتع بيليه جماهير كرة القدم، وحصد عددا هائلا من الألقاب.
وتواجد الأسطورة البرازيلي على رأس قائمة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لأفضل اللاعبين في القرن العشرين، كما منحته اللجنة الأولمبية الدولية لقب أفضل رياضي في القرن الماضي بجانب حلوله في قائمة مجلة “تايم” الأمريكية لأهم 100 شخصية في القرن الماضي.
كما اقتسم بيليه لقب لاعب القرن من الفيفا مع الأسطورة الأرجنتيني الراحل دييغو مارادونا، وكذلك من الاتحاد الدولي للتأريخ والإحصاء بفضل مسيرته الحافلة بجانب دخوله موسوعة غينيس” للأرقام القياسية بعد تسجيله 1279 هدفا خلال 1363 مباراة على مستوى كافة المسابقات سواء مع الأندية أو المنتخبات الوطنية.
ميلاده ونشأته
وولد بيليه “الجوهرة السوداء” في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1940 في مدينة تريس كوراكوي، وبعد تألقه في ملاعب كرة القدم تم إطلاق اسمه على شارع في المدينة بجانب وضع تمثال له بالقرب من وسط المدينة.
ونشأ في أسرة فقيرة بولاية ساو باولو، وكان يتحصل على المال من خلال العمل في المقاهي كخادم، وأشرف والده على تعليمه فنون الكرة حيث لم يكن قادرًا على تحمل نفقات التعلم في الأندية أو المراكز المتخصصة، إذ إنه كان عادة ما يلعب بجورب محشو بورق الجرائد ومربوط بخيط.
ولعب بيليه في صفوف عدة فرق للهواة خلال فترة شبابه ونجح في قيادة نادي باورو الرياضي للناشئين للفوز ببطولتين للشباب في ولاية ساو باولو وانتقل بعدها لنادي راديوم لكرة الصالات، وفاز معه بعدة بطولات.
وبدأ مسيرته الاحترافية في سن الـ15، وانضم للمنتخب البرازيلي في العام التالي مباشرة، حيث حقق مع منتخب بلاده مسيرة استثنائية وساهم في فوزه بثلاثة ألقاب في كأس العالم أعوام 1956 و1962 و1970 ليصبح حتى يومنا هذا اللاعب الوحيد في التاريخ الذي فاز بلقب المونديال ثلاث مرات.
ويحملبيليه لقب الهداف التاريخي لسانتوس برصيد 643 هدفا خلال 659 مباراة خلال العصر الذهبي لفريقه، والذي شهد تتويجه بلقب كوبا ليبيرتادوريس في عامي 1962 و1963 بجانب الفوز بلقب كأس إنتركونتينينتال مرتين في نفس العامين.
وفي الموسم التاسع عشر له مع سانتوس عام 1974 أعلن بيليه الاعتزال، لكنه كان يشارك على فترات متباعدة مع الفريق في المسابقات الرسمية، وفي العام التالي عاد من الاعتزال شبه الرسمي والتحق بفريق نيويورك كوزموس، حيث ظل معه لمدة عامين.
اعتزاله اللعب
وفي الأول من تشرين الأول/أكتوبر 1977 أسدل بيليه الستار على مسيرته المبهرة عبر مباراة استعراضية جمعت بين كوزموس وسانتوس وانتهت بفوز الفريق الأمريكي بهدفين مقابل هدف وسجل حينها بيليه أخر أهدافه، من ركلة حرة مباشرة من مسافة 30 ياردة.
وبعد الاعتزال شغل بيليه منصب سفير النوايا الحسنة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في عام 1994، وفي العام التالي عينه الرئيس البرازيلي فيرناندو هنريكي كاردوسو في منصب وزير فوق العادة للرياضة، حيث اقترح إصدار تشريع لتقليص الفساد في كرة القدم البرازيلية، وهو التشريع الذي عرف بأسم “قانون بيليه“.
وحصل على وسام الفروسية الفخرية من الملكة إليزابيث الثانية في حفل أقيم في قصر باكنجهام، كما شارك في مراسم حفل افتتاح مونديال 2006 في ألمانيا.
وساهم بيليه في عام 2009 في فوز ريو دي جانيرو بشرف استضافة أولمبياد 2016، وفي عام 2010 حصل على لقب الرئيس الفخري لنادي نيويورك كوزموس.
ولكن الحالة الصحية للجوهرة السوداء تدهورت بشكل تدريجي في السنوات العشر الأخيرة، حيث خضع لعملية جراحية في الفخذ في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 ، وظهر على كرسي متحرك.
وفي أيلول/سبتمبر 2021 ، خضع بيليه لعملية جراحية لاستئصال ورم في الجانب الأيمن من القولون، وتم نقله لوحدة العناية المركزة بعد تدهور حالته. وتلقى بيليه بعد ذلك العلاج الكيميائي لكنه عانى بعد ذلك من مشاكل في القلب وتورم عام في الجسم، قبل أن يتم الإعلان في كانون الأول/ديسمبر 2022 عن تدهور الحالة الصحية للأسطورة البرازيلي، وحاجته للرعاية الصحية على مدار الساعة.
وفي مساء الخميس الموافق 29 كانون الأول/ديسمبر، أعلن مستشفى ألبرت أينشتاين عن وفاة بيليهعن عمر يناهز 82 عاما، ليضع كلمة النهاية على حياة أحد أهم نجوم الساحرة المستديرة في العالم.
زيجاته السابقة
تزوج بيليه 3 مرات، وخاض العديد من العلاقات الغرامية، التي أثمرت عن إنجابه 7 مرات، حيث كانت الزيجة الأولى لبيليه في 21 شباط/فبراير 1966، عندما تزوج روزماري دوس ريس شولبي، ذات الأصول الأرجنتينية والبرازيلية، حيث أنجبا ابنتين وابنا، قبل أن ينفصلا عام 1982.
وفي نيسان/أبريل 1994، تزوج بيليه للمرة الثانية من عالمة النفس والمغنية الإنجيلية آسيرا ليموس سيكاساس، حيث أنجبا توأمين في 28 أيلول/سبتمبر 1996، من خلال علاجات الخصوبة، لكنهما انفصلا عام 2008.
وكرر بيليه تجربته مع الزواج مجددا في عام 2016 وهو في عامه الـ75، حيث تزوج من سيدة الأعمال البرازيلية مارسيا سيبيلي أوكي التي كانت تصغره بـ25 عاما، ولم ينجب منها.
وبخلاف أبنائه الخمسة، أنجب بيليه مرتين من خلال علاقات عاطفيةعابرة، ليصبح لديه 7 أبناء.
ع.أ.ج/ أ ح (د ب ا)