حتى الآن كان يعتبر أصغر وزير للتعليم في تاريخ البلاد، وهو حاليا أصغر رئيس وزراء، فقد تم يوم الثلاثاء (التاسع من يناير/ كانون الثاني 2024) تعيين غابرييل أتال رئيسًا جديدًا للحكومة الفرنسية. وبذلك يحل أتال محل إليزابيث بورن، التي قدمت استقالتها الاثنين (الثامن من يناير/ كانون الثاني 2024)
ولا يشكل تعيينه مفاجأة كبيرة؛ فعتال يعتبر من أقرب المقربين للرئيس إيمانويل ماكرون منذ انتخابه رئيسا للبلاد لأول مرة في عام 2017. وقالت وزيرة طلبت عدم ذكر اسمها: “إنها المرة الأولى التي يعين فيها ماكرون شخصا قريبا منه بهذا الشكل”. أضافت: “بعد الخلاف حول قانون الهجرة، من المفهوم أنه يبحث عن التضامن”.
وكان القانون، الذي تم إقراره في ديسمبر/ كانون الأول، مثيراً للجدل إلى درجة أن وزير الصحة أورليان روسو استقال احتجاجاً على إقراره.
لا يقتصر الأمر على أن أتال وماكرون يتقاسمان صغر السن والطموح العالي وقلة الحاجة إلى النوم. وتمامًا مثل ماكرون، فإن غابرييل (يكتب أيضا: غابريال) أتال هو أيضًا اشتراكي سابق. وفي عام 2017 تحول من الاشتراكيين إلى حركة “إلى الأمام” التي أسسها ماكرون. وقبل تعيينه رئيسًا للوزراء، كان غابرييل أتال قد شغل بالفعل العديد من المناصب الحكومية؛ على الرغم من أن عمره 34 عامًا فقط.
مسيرة كما يقول “الكتاب الفرنسي”
ولد غابرييل أتال عام 1989 في إحدى ضواحي باريس، وهو ابن محام ومنتج سينمائي، أما أمه فهي موظفة، وتمتع غابرييل بتعليم ممتاز. فبعد حصوله على شهادة البكالوريا من مدرسة خاصة، درس في جامعة “ساينس بو” (Science Po) الشهيرة في باريس، وقبل تخرجه، أصبح أصغر مستشار وكاتب خطابات لوزيرة الصحة آنذاك ماريسول تورين.
تواصلت مسيرته السياسية بسلاسة، ففي سن 28 عامًا أصبح أصغر سكرتير دولة، وفي سن 29 عامًا أصبح متحدثًا باسم الحزب، حزب النهضة، الذي كان يعرف حتى سبتمبر/ أيلول 2022 باسم “الجمهورية إلى الأمام”. وفي سن 33 عامًا أصبح وزيرًا. أتال يعيش في علاقة مع ستيفان سيغورني، زعيم المجموعة الليبرالية “تجديد أوروبا” بالبرلمان الأوروبي؛ وبالتالي فهو أيضًا أول رئيس وزراء مثلي الجنس بشكل علني في فرنسا.
بين التنمر والعباءة
مؤخرا، صنع غابرييل أتال لنفسه اسمًا كوزير للتعليم بمبادرات كان من الممكن أن تأتي أيضًا من المعسكر اليميني. فمباشرة بعد بدء العام الدراسي، أعلن في 27 أغسطس/ آب 2023 حظر ارتداء العباءة في المدارس والمعاهد الحكومية، وهو ما صادق عليه مجلس الدولة، أعلى سلطة إدارية. وأثار الموضوع غضبًا وتغطية إعلامية مستمرة لأسابيع. وعلق أحد موظفي الوزارة قائلا: “إنه ينجرف، مثل ماكرون، أكثر فأكثر نحو اليمين”.
كما أراد أن يجعل موضوع الزي المدرسي أكثر شعبية واقترح مرحلة اختبار في بعض المدارس. وأصبح “الرسوب” وإعادة العام الدراسي عند الحصول على درجات سيئة ممكنًا مرة أخرى. وبعد انتحار أحد الشباب، التزم أيضًا بمكافحة التنمر وأراد تقديم ما يسمى بدورات التعاطف المبنية على النموذج الدنماركي في المدارس. ويجب أن يكون الطلاب على دراية بالموضوع.
يثير الإعجاب وأيضا السخرية حتى بين مؤيديه
وبين تصريحاته حول “صدمة المعرفة” و”مدرسة الحقوق والواجبات” وتبنيه موقفا لصالح فرض زي رسمي ومنع العباءة في المدرسة، أصبح الوزير الشاب موجودا في كل مكان ويشغل ساحة الإعلام، مثيرا إعجاب كبار السن الذين يشكّلون قلب الناخبين المؤيدين لماكرون.
قبل أسابيع، عبّرت مستشارة حكومية عن استغرابها لهذا الحماس لـ”رجل السلطة” هذا الذي يثير سخرية حتى بين مؤيديه بسبب “اعتداده بتفوقه”.
ورأت زعيمة كتلة اليسار الراديكالي ماتيلد بانو أنه “ماكرون جونيور متخصص بالغطرسة والازدراء”.
وبتعيين أتال، يكون ماكرون قد اختار سياسياً يحظى، بحسب استطلاعات الرأي، بشعبية كبيرة لدى الشعب. وبعد عواصف محمومة من الحماس في الظهور العلني، تحدثت وسائل الإعلام الفرنسية عن “أتالمانيا” (أي حب أتال).
الآن تتمثل مهمة غابرييل أتال الأولى كرئيس للحكومة في إعادة تشكيل فريقه الحكومي. ويفترض أنه ليس لديه الكثير من الوقت لذلك. ومن المتوقع أن الرئيس ماكرون بنفسه قد قرر منذ فترة طويلة من سيشغل المناصب في الحكومة.