خبراء: المواجهات في البحر الأحمر "فرصة ذهبية" للحوثيين!


يرى خبراء أن التصعيد الحالي بين الميليشيات الحوثية في اليمن  من جهة وتحالف “حارس الازدهار” بقيادة واشنطن في البحر الأحمر من جهة أخرى، يصب في صالح الحوثيين إذ بات موضع ترحيب بين الكثير من سكان البلاد حتى من الأصوات المنتقدة للحوثيين.

وفي ذلك، قال المحلل السياسي اليمني هشام العميسي إن الحوثيين، المدعومين من إيران، “كانوا يبحثون منذ وقت طويل عن فرصة للانخراط في مواجهة مع الولايات المتحدة. فعلى مدى السنوات الثماني الماضية كانوا يقولون لأنصارهم إنهم في حالة حرب مع الولايات المتحدة وإسرائيل”.

وفي مقابلة مع المانيا اليوم، أضاف أن “الحوثيين يرون (الصراع الحالي) بمثابة فرصة ذهبية  لهم ولذا يرغبون في الاستفادة منه”.

ومازال اليمن يئن تحت وطأة حرب أهلية منذ إطاحة الحوثيين بالحكومة المعترف بها دوليا والسيطرة على  صنعاء عام 2014. وقد أدى ذلك إلى انقسام اليمن وتدمير بنيته التحتية فيما أضحى الصراع هناك بمثابة حرب بالوكالة بين السعودية وإيران، وحول اليمن إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

ويسيطر الحوثيون في الوقت الراهن على أجزاء كبيرة من شمال اليمن  وغربه فضلا عن قدرتهم إلى حد كبير على تعطيل الملاحة البحرية الدولية في عرض البحر الأحمر، بينما تسيطر القوات الحكومة المعترف بها دوليا على جنوب وشرق البلاد.

لكن بعد تسع سنوات من القتال، تغيرت سياسة السعودية  بشأن اليمن إذ تحدث ولي العهد السعوي محمد بن سلمان صراحة عن رغبته في خروج بلاده من هذه الحرب فضلا عن انخراط السعودية في مفاوضات مع الحوثيين للوصول إلى اتفاق شامل يؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم  بما يمهد الطريق أمام إنهاء الحرب التي تقودها الرياض في اليمن منذ تسع سنوات.

وفي هذا السياق، يتوقع أن يضع المبعوث الأمريكي الخاص  لليمن  تيم ليندركينغ في وقت لاحق من الشهر الجاري اللمسات الأخيرة على اتفاق سلام بين السعودية والحوثيين.

وفي تعليقه، قال العميسي إنه “من خلال إجبار السعودية على قبول (الحوثيين كحكومة وطنية لليمن)، فإن الحوثيين يأملون في أن تحذو باقي دول العالم حذو الرياض ما يمهد الطريق أمام منحهم الشرعية الدولية في نهاية المطاف” .

بدوره، يشير توماس جونو، أستاذ مشارك بجامعة أوتاوا ومحلل سابق لدى الحكومة الكندية في شؤون الشرق الأوسط، إلى أن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعترف في الوقت الراهن بالحوثيين كحكومة شرعية في اليمن.

وفي مقابلة مع المانيا اليوم، أضاف “يريد الحوثيون أن يُرغموا المجتمع الدولي على التعامل معهم من خلال شن هجمات ضد السفن وإطلاق صواريخ  وأيضا من خلال التفاوض مع السعودية. يريد الحوثيون أيضا أن يثبتوا أنهم بمثابة عنصر رئيسي وفعال في محور المقاومة بقيادة إيران”.

مازال اليمن يئن تحت وطأة حرب أهلية منذ إطاحة الحوثيين بالحكومة المعترف بها دوليا والسيطرة على  صنعاء عام 2014صورة من: Mohammed Hamoud/Anadolu/picture alliance

ويعادي ما يسمى بـ”محور المقاومة” الولايات المتحدة وإسرائيل. وهو تحالف عسكري غير رسمي يضم إيران وحماس وحزب الله وفصائل عراقية شبه عسكرية. 

يذكر أن حركة حماس، هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

كذلك تعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أعضاء في جامعة الدول العربية. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ “منظمة إرهابية

الحوثيون… الطرف المستفيد

وألقت هجمات الحوثيين على سفن الشحن في عرض البحر الأحمر بظلالها على الملاحة الدولية خاصة مضيق باب المندب الهام لطرق التجارة العالمية إذ يمثل المسار الإجباري إلى المدخل الجنوبي لقناة السويس.

ويمر قرابة 12 في المئة من  حجم التجارة العالمية عبر قناة السويس التي تربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر حيث تعد أقصر طريق بحري بين آسيا وأوروبا.

وعلى أرض الواقع في اليمن، تقول منار صالح، أم في عامها العشرين و تعيش في صنعاء، إن هجمات الحوثيين  تخيفها بسبب أنها تهدد استقرار اليمن “الهش”، مضيفة “اليمن لم يشهد سلاما واستقرارا حقيقيا منذ تسع سنوات”.

ورغم ذلك، قالت منار في حديثها إلى المانيا اليوم إنه ينبغي دعم الفلسطينيين في غزة، لكن “بطرق أخرى غير التضحية بالوضع في اليمن مرة أخرى”، على حد قولها.

وتتفق في هذا الرأي أم عمار، وهي أم لخمسة أطفال في صنعاء، قائلة إنها “مستعدة لدعم الفلسطينيين بكل السبل الممكنة، لكن دون الإضرار ببلدنا”.

وجهت اتهامات عدة لإيران بإمداد الحوثيين بتقنيات عسكرية ومنها تقنيات الطائرات المسيرةصورة من: Mohammed Hamoud/Anadolu/picture alliance

وفي السياق ذاته، قال عبد الغني الإرياني، الباحث البارز في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، إن “الشعب اليمني يؤيد الحوثيين على نطاق واسع بسبب حماس اليمنيين الكبير للقضية الفلسطينية”.

وفي مقابلة مع المانيا اليوم، أضاف أنه في ضوء التطورات الأخيرة “حصل الحوثيون أخيرا على دعم شعبي واسع بعد أن كانوا مَبغُوضين لسنوات بسبب تعاملهم القاسي مع سكان ومناطق سيطرتهم وأيضا بسبب (تورطهم) في عمليات فساد وحملات قمع و أيديولوجيتهم العنصرية”.

وأشار إلى أن الحوثيين “انتصروا في هذه المواجهة في اليوم الأول الذي أطلقوا فيه أول صاروخ”.

النصر العسكري ليس له هدف

ويرى محمد الإرياني، محلل الأبحاث في مركز سياسات اليمن، أن التفوق العسكري ليس الأمر الحاسم في تحديد مسار الأزمة الحالية، مضيفا أن تحالف “حارس الازدهار” بقيادة واشنطن في البحر الأحمر لم يحقق   انتصارا عسكريا  ضد الحوثيين.

وفي مقابلة مع المانيا اليوم، أضاف أن التصعيد الحالي في البحر الأحمر “سوف يمنح الحوثيين فرصة للشروع في المزيد من الأعمال الاستفزازية فيما يبدو أن استراتيجيتهم تعتمد على فرضية محدودية القدرة الأمريكية في الرد بشكل قوي خاصة في ضوء انشغال الداخل الأمريكي بالانتخابات الرئاسية”.

عرض الحوثيون خلال الذكرى التاسعة لاستيلائهم على صنعاء مجموعة من الأسلحة والصواريخ المتطورةصورة من: Mohammed Huwais/AFP/Getty Images

وفي السياق ذاته، يرى العميسي أن الصراع الحالي لا يثقل كاهل الحوثيين اقتصاديا، مضيفا “شن هجوم بطائرة بدون طيار على سفينة شحن في البحر الأحمر يكلف الحوثيين حوالي 1200 دولار فيما يتحمل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قرابة 1.5 مليون دولار مقابل إطلاق صاروخ واحد.”

ويحذر الباحث من أن شن هجوم بري ضد الحوثيين سوف يصب في صالحهم، مضيفا “سوف يعزز نشر قوات برية شرعية الحوثيين ليس فقط في  اليمن  وإنما في محيطه الإقليمي”.

وقال العميسي “لقد رصدنا في خلال الأسابيع القليلة الماضية إعراب الأشخاص الذين كانوا يناهضون الحوثيين عن تعاطفهم معهم. لقد استغل الحوثيون الحرب في غزة للشروع في  حملة تجنيد  واسعة النطاق.”

وأضاف “للتذكر بات 80 بالمئة من سكان اليمن في حاجة إلى المساعدات الإنسانية ما يعني أن الكثير منهم في براثن الفقر. فإذا كان الوضع الحالي سيتيح لهم فرصة كسب لقمة العيش من خلال بوابة الانضمام إلى الجيش أو إحدى الفصائل الأخرى، فسوف يقبلون هذا الخيار”.

وقال إن “اليمنيين لا يريدون الحرب، لكن إذا فرضت عليهم، فهم يجيدون القتال كما أثبتوا خلال السنوات الثماني الماضية.”

أعده للعربية: محمد فرحان

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اضف تعليق
Comments (0)
Add Comment