كيف سيحكم بوتين روسيا في ولايته الرئاسية الخامسة؟


لقد اُعتُبرتالانتخابات الرئاسية الروسية، سواء دوليًا أو حتى جزئيًا في روسيا نفسها، بأنها مجرد إجراء شكلي ـ تمامًا مثل إعلان “النتيجة القياسية” التي أظهرت فوز فلاديمير بوتين. والآن يطرح السؤال نفسه حول كيفية تطور الوضع في روسيا في الولاية الخامسة لفيلاديمير بوتين. 

استقرار نظام بوتين

وفقًا لريغينا هيلر، الباحثة في معهد أبحاث السلام وسياسة الأمن في جامعة هامبورغ، فإن “نسبة الـ 87٪ التي أُعلِن عنها هي تأكيد للنظام ومسار بوتين الديكتاتوري المتزايد. وهذه النتيجة لا تعكس إرادة الناخبين، بل إرادة النظام”، وهو ما يعطي “تفويضا مطلقا لسياسات بوتين، وبالتالي أيضا لسياساته وأفعاله في أوكرانيا”.

ويعتقد الخبير في شؤون شرق أوروبا هانز-هيننغ شرودر أن نظام بوتين قد استقر في الفترة الأخيرة. فقد واجه بوتين ونظامه أزمة العام الماضي بسبب التمرّد وتحطّم الطائرة، الذي تسبب في مقتل رجل الأعمال يفغيني بريغوجين قائد مجموعة فاغنر، التي تعتبر قوة خاصة تعمل في خدمة الدولة الروسية. كان رد فعل الكرملين بزيادة نشاط بوتين العام الماضي لإظهار “أنه يتحكم في الأمور”.

ووفقا للخبراء، فإن استمرار وجود النظام تدعمه عوامل مثل الوضع الاقتصادي المستقر والتخفيف من الآثار السلبية للعقوبات الغربية. بالإضافة إلى ذلك، سيكون هناك قمع واسع النطاق ضد المعارضين لحرب روسيا على أوكرانيا. وكل هذا يُمَكّن الكرملين من الاستمرار على حاله حتى بعد الانتخابات. وتقول ريغينا هيلر: “ما يمكنك رؤيته بالفعل هو أن بوتين سيستمر في السير على طريق الحرب، وأنه سيواصل الحرب بلا هوادة، حتى مع شدة غير منقوصة، وربما حتى تصعيدها”.

زيادة الضرائب لاستمرار الحرب؟

يتوقع الخبراء زيادة في الضرائب في روسيا، خاصة بعد دعوة بوتين في خطاب ألقاه أمام الجمعية الفيدرالية قبل الانتخابات للحكومة للعمل على تغييرات في تشريعات الضرائب “فالحرب لها ثمنها”، يؤكد شرودر.

وبحسب البروفيسور غيرهارد مانغوت، أستاذ العلوم السياسية المتخصص في العلاقات الدولية والبحوث الأمنية في مرحلة ما بعد الحقبة السوفيتية في جامعة إنسبروك، فإن الحكومة الروسية بحاجة إلى المال وإلى المزيد من الإيرادات، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال زيادة العائدات الضريبية، “وهذه العائدات ستُخصّص بشكل رئيسي من أجل الحرب”.

حدث تصويت غير قانوني داخل الأراضي المحتلة في أوكرانيا . في الصورة: متجر للهدايا التذكارية في مدينة بيرديانسك الأوكرانية المحتلةصورة من: Alexei Konovalov/TASS/dpa/picture alliance

توقعات بمزيد من التعبئة في روسيا؟

من المتوقع في روسيا أن تحدث تعبئة جديدة في وسط السكان، ويبدو الأمر واقعيا جدا لكثير من الناس، لأن بوتين لم يخفف من خطابه العسكري وتهديداته ، كما تقول هيلر. وتضيف: “نلاحظ أن الدعم الغربي لأوكرانيا ليس قويًا كما ينبغي أن يكون”، وهذا قد يعتبر فرصة جيدة للكرملين لمحاولة تغيير التوازن في الحرب لصالح روسيا.

لكن من ناحية أخرى، قد تكون التعبئة خطيرة لأنّ هناك الآن شعورا كبيرا بالتعب الناتج عن الحرب في الشارع الروسي، وفقًا لـ هيلر. ولكن على الرغم من ذلك، وأيضًا استنادًا إلى نتائج استطلاعات الرأي، يعتقد مانغوت أن الاحتمالات لا تشير إلى حدوث تعبئة جماهيرية مرة أخرى.

وفقا لشرودر، يعتمد القرار بشأن ما إذا كانت هناك تعبئة في المستقبل القريب أم لا على ما يخطط الروس للقيام به في أوكرانيا في الأشهر المقبلة. ويوضح الخبير: “إذا أرادوا هجوما وهزيمة أوكرانيا بالفعل، فسيتعين عليهم زيادة قواتهم المسلحة بشكل كبير، ليس فقط للفوز عسكريا، ولكن أيضا للسيطرة على البلاد”، وأضاف: “انطباعي هو أنه على الأقل حتى انتهاء الانتخابات في الولايات المتحدة فإن روسيا ستحرص فقط على إعطاء انطباع الحفاظ على اليد العليا وإعطاء الانطباع العام بأنهم في طريقهم صوب النصر”.

إذا تم التصويت على خروج جو بايدن من منصبه وانتخب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، فإن الوضع سيتغير بشكل كبير، وسيكون الوضع بالنسبة لأوكرانيا أسوأ بكثير. وفقا لشرودر، ومن المحتمل أن تكون التعبئة في روسيا غير ضرورية.

إعادة هيكلة الحكومة؟

ومع ذلك، لا يتوقع الخبراء تغييرات شاملة داخل القيادة الروسية نفسها. ويقول شرودر: “لا أرى حقا أي نقاط ضعف كبيرة في الوقت الحالي”. يقوم رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين بعمل جيد من وجهة نظرالكرملين. واستقر البنك المركزي وصانعو السياسات المالية في روسيا حاليا بعد ردود الفعل القوية والمفاجئة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على الهجوم على أوكرانيا، والتضخم بقي ضمن حدوده المقبولة. كما نجح الاقتصاد بأكمله في الانتقال من أوروبا إلى آسيا. ولذلك، لا يرى بوتين سببًا للتدخل، وفقًا لـ شرودر.

بيد أن هيلر تشير من جهتها إلى أن بوتين أعلن في خطابه أن روسيا بحاجة إلى نخبة جديدة موالية للحرب. وبحسب الخبيرة، قد يتعلق الأمر بـ “الأمراء الحمر”، أي أطفال رفاق بوتين الذين يعرفهم منذ فترة طويلة والذين يظهرون له الولاء. وتعتقد هيلر أن من المرجح إجراء عملية إعادة هيكلة داخل النخبة الحاكمة، مع تداعيات طويلة الأمد، بهدف التحضير لانتقال منظم للسلطة لفترة ما بعد بوتين من أجل ضمان استمرارية النظام.

أعده للعربية: علاء جمعة

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اضف تعليق
Comments (0)
Add Comment