صراع حماس وإسرائيل.. حينما تجد مصر نفسها تسير على حبل مشدود! | سياسة
تسعى مصر إلى تحقيق توازن صعب وباتت وكأنها تسير على حبل دبلوماسي مشدود حيال الصراع الحالي بين إسرائيل وحركة حماس.
فمعبر رفح الحدودي بين مصر وغزة يعد المنفذ الرئيسي لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكن الحكومة المصرية في الوقت نفسه وضعت خطا أحمر ضمنيا فيما يتعلق باستقبال النازحين من القطاع مع مخاوف القاهرة من مخططات التوطين.
وفي مقابلة مع المانيا اليوم، قالت ميشيل بيس، الزميلة المشاركة في مركز “تشاتام هاوس” البحثي ومقره لندن، إن موقف القاهرة “يعتمد بشكل متزايد على ما يرد من معلومات عن حصيلة القتلى المدنيين وتزايد القلق مع استمرار العملية العسكرية الإٍسرائيلية البرية [في غزة] بالإضافة إلى ما يُقال عن ضغوط أوروبية وأمريكية لفتح معبر رفح الحدودي أمام الفلسطينيين الذين يرغبون في العبور من غزة“.
أوضح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن معبر رفح الحدودي، المنفذ الوحيد على قطاع غزة غير خاضع لسيطرة إسرائيل، لن يصبح مدخلا للفلسطينيين من غزة إلى بلاده. ففي اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، أكد السيسي على أن “مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأراضي المصرية.”
وفي ذلك، قالت بيس، الأستاذة في جامعة روسكيلد بالدنمارك، إن الموقف المصري نابع من استحضار واقعة “النكبة عام 1948، حيث لم يُسمح للفلسطينيين الذين أُجبروا على ترك منازلهم وقراهم على العودة إليها بعد انتهاء الحرب. وتضع مصر نصب أعينها إحتمالية تكرار الأمر”.
من جانبه، يرى تيموثي كالداس، نائب مدير معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط في واشنطن، إنه رغم المخاوف المصرية، إلا أنه “يحق للمدنيين في غزة طلب اللجوء. ويعود لهم هم فقط تقرير كيف ومتى يمارسون هذا الحق. ومصر ملزمة بالسماح للمدنيين بالدخول، إذا أرادوا ذلك”.
وفي مقابلة مع المانيا اليوم، أضاف “ومع ذلك، ينبغي على شركاء إسرائيل الدوليين أن يؤكدوا بشكل قاطع أن سكان غزة لهم الحق في العودة إلى غزة عندما تنتهي الأعمال العدائية، ويجب تحذير قادة إسرائيل من أن منعهم من القيام بذلك سيشكل تطهيرا عرقيا”.
تهديد محتمل للأمن المصري
وقالت بيس إن الحكومة المصرية ترى أنه سيكون من الصعب التمييز بين المسلحين الفلسطينيين واللاجئين المدنيين من سكان غزة في حالة السماح للغزاويين بدخول الأراضي المصرية. وأضافت “إذا أقامت الجماعات الجهادية الفلسطينية روابط لوجستية وأيديولوجية وعملياتية مع [أقرانها] في سيناء، فإن مصر تخشى أن يحاول هؤلاء المسلحون شن هجمات على إسرائيل انطلاقا من الأراضي المصرية، لترد إسرائيل بعمل انتقامي وهو ما سيزعزع علاقاتها مع مصر“.
ويأتي هذا الرأي متفقا مع ما أعرب عنه السيسي خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في القاهرة الشهر الماضي. وقال الرئيس المصري “نقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، هو نقل لفكرة المقاومة والقتال من غزة إلى سيناء، لتكون الأخيرة قاعدة لانطلاق الهجمات ضد إسرائيل، وحينها يكون لها (إسرائيل) الحق في الدفاع عن نفسها، وبالتالي تقوم في إطار رد الفعل بالتعامل مع مصر، وتوجيه ضربات للأراضي المصرية“.
وأضاف “سوف يتلاشى بين أيدينا السلام الذي حققناه، في إطار فكرة تصفية القضية الفلسطينية”، في إشارة إلى اتفاق السلام المبرم بين مصر وإسرائيل المبرم عام 1979، حيث كانت مصر أول دولة عربية وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل.
من جانبه، قال كينيث روث، المدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش والأستاذ الزائر في جامعة برينستون الأمريكية، إن السيسي “يبدو متوافقا مع محاولات إسرائيل لسحق حماس لأنه استخدم العنف المروع لسحق الإخوان المسلمين بما في ذلك مذبحة رابعة عام 2013 التي راح ضحيتها 817 متظاهرا“.
الجدير بالذكر أن حماس ترتبط بعلاقات تاريخية مع جماعة الإخوان المسلمين، التي تأسست في مصر إبان عشرينيات القرن الماضي، وقد جرى حظر الجماعة عام 2013 بعد الإطاحة بالرئيس السابق المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي .
يذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
قمع المتظاهرين
وفي السياق ذاته، قال ناثان براون، أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن، إن الصراع بين حماس وإسرائيل نجم عنه شكلا مغايرا للعلاقة بين الحكومة المصرية والشعب المصري.
وأضاف براون، الزميل في معهد هامبورغ للدراسات المتقدمة، “لقد حدث تراجع في حجم الخلافات (بين الحكومة والشعب) بسبب الصعوبات الاقتصادية وأيضا بسبب الاستبداد.. لقد انصب الاهتمام بدلا من ذلك على حماية حدود مصر“.
وأشار براون إلى أن هذا الأمر يلقى قبولا من السيسي الذي من المرجح أن يُعاد انتخابه في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها غير ديمقراطية، فضلا عن أن حصول القاهرة على مساعدات دولية مقابل تقديم مساعدات لغزة قد يساهم في تخفيف الأزمة الاقتصادية التي تئن منها مصر منذ سنوات.
يُضاف إلى ذلك أن طول أمد الصراع بين حماس وإسرائيل من شأنه أن يؤثر على معدلات تدفق السياح إلى مصر. وتعد السياحة ركيزة اقتصادية هامة للبلاد.
ورغم ذلك، تساور روث الشكوك في أن حالة الوفاق والوئام بين الشعب المصري وحكومته، بسبب هذا الصراع، ستستمر طويلا.
وقال “مثلما تحول الرأي العام من التعاطف مع إسرائيل بعد هجوم حماس المروع في السابع من أكتوبر / تشرين الأول ضد المدنيين الإسرائيليين، إلى الارتياع إزاء العدد الكبير من القتلى المدنيين الفلسطينيين جراء القصف الحالي، فأنه يجب التفكير في أنه ستُطرح أسئلة حول سبب استمرار الشراكة بين الحكومة المصرية وإسرائيل مع استمرار القصف الإسرائيلي”.
ويرى نشطاء أن الحكومة المصرية تعمل على القضاء على أي معارضة في مهدها.
فبعد دعوة متظاهرين إلى تحقيق العدالة والحرية خلال مسيرات متضامنة مع غزة جرت بموافقة الحكومة، اعتقلت قوات الأمن عشرات المحتجين في القاهرة والإسكندرية، فيما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنه تم توجيه اتهامات بـ”الانضمام إلى جماعة إرهابية” و”ارتكاب عمل إرهابي” ضد 16 متظاهرا.
جنيفر هولايس / م. ع