صفقة الرهائن بين إسرائيل وحماس..”الشيطان” يكمن في التفاصيل؟ | سياسة
أعلنت إسرائيل وفلسطينيون الخميس (23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023) أن الهدنة التي تم الاتفاق عليها الأربعاء لإطلاق سراح رهائن في مقابل معتقلين فلسطينيين، لن تبدأ قبل يوم الجمعة.
وأوضح مصدر فلسطيني مطلع على مباحثات اتفاق الهدنة إن التأخير “له علاقة بتفاصيل اللحظات الأخيرة المتعلقة بأسماء الأسرى الاسرائيليين وآلية تسليمهم”. ويقضي الاتفاق الذي يفترض أن يسري لأربعة أيام في قطاع غزة بتوقف القصف والقتال المستمر هناك منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وقيام حماس بتسليم خمسين رهينة من الرهائن الذين خطفتهم خلال هجومها غير المسبوق على إسرائيل. وبالمقابل تقوم إسرائيل بالإفراح عن أسرى فلسطينيين. وخلال هجومها خطفت حماس إلى قطاع غزة نحو 240 شخصاً، بينهم أجانب وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية. وتعتقل إسرائيل في سجونها نحو سبعة آلاف فلسطيني، وفق نادي الأسير الفلسطيني.
ما تفاصيل الاتفاق؟
وافق الطرفان بموجب الاتفاق على هدنة لأربعة أيام ليتسنى تحرير 50 امرأة وقاصراً من الرهائن مقابل 150 امرأة وطفلا من الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل في سجونها.
ومن المتوقع الإفراج عن الخمسين رهينة على دفعات، ويُحتمل أن يكون ذلك بواقع حوالي 12 رهينة يومياً خلال وقف إطلاق النار الذي سيستمر لأربعة أيام. وهؤلاء الرهائن من أصل نحو 240 تحتجزهم حماس منذ أن شنت هجومها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ووصف طرفا الاتفاق توقف القتال بأنه “هدنة إنسانية”. وذكرت إسرائيل في بيان أن وقف القتال سيُمدد بواقع يوم مقابل الإفراج عن كل دفعة من نحو عشر رهائن.
وقالت حماس إن إسرائيل وافقت على وقف حركة الطيران فوق شمال غزة من العاشرة صباحاً (0800 بتوقيت غرينتش) حتى الرابعة مساء (1400بتوقيت غرينتش) في كل يوم من أيام الهدنة. كما وافقت على وقف حركة الطيران على مدار الساعة فوق جنوب القطاع خلال مدة الهدنة. وحسب حماس تعهدت إسرائيل بعدم مهاجمة أو القبض على أي شخص في غزة خلال الهدنة، وأن الأشخاص بوسعهم التحرك بحرية على طول شارع صلاح الدين، وهو الشارع الرئيسي الذي سلكه كثير من الفلسطينيين الذين غادروا شمال غزة عندما أطلقت إسرائيل اجتياحها البري.
وقال محمد الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية وهو كبير المفاوضين القطريين في محادثات وقف إطلاق النار إنه بموجب الاتفاق “لن يكون هناك أي هجوم على الإطلاق. لا تحركات عسكرية، لا توسع، لا شيء”.
متى يبدأ الاتفاق؟
وقال المفاوض القطري يوم أمس الأربعاء، 22 أكتوبر/ تشرين الأول إن توقيت بدء الهدنة سيُعلن في غضون 24 ساعة. وأجّلت إسرائيل البدء لتمنح محكمتها العليا وقتاً لسماع طعن في الاتفاق قدمه معارضون يرون فيه تنازلا ضخم لحماس. ومن غير المتوقع أن يعرقل حكم المحكمة الاتفاق.
كيف سيُنفَّذ الاتفاق؟
قالت قطر إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ستعمل في غزة على تسهيل الإفراج عن الرهائن في إطار الاتفاق. ومن المتوقع نقل الرهائن عبر مصر، وهي الدولة الوحيدة بخلاف إسرائيل التي تشترك في حدودها مع غزة.
ومن المتوقع خلال الهدنة دخول شاحنات محملة بالمساعدات والوقود إلى قطاع غزة الذي يعيش فيه 2.3 مليون نسمة يعانون من نفاد الغذاء. وخرجت مستشفيات كثيرة في غزة عن الخدمة بشكل جزئي بسبب عدم توفر وقود لتشغيل مولدات الكهرباء فيها.
من الرهائن الذين سيُفرج عنهم؟
لم تصدر حماس قائمة كاملة بأسماء المحتجزين في غزة. وذكر مسؤول أمريكي أن حماس قالت إنها بحاجة إلى هدنة “لتحديد مواقع الأشخاص”. وليس جميع الرهائن الذين أُخذوا في السابع من أكتوبر/تشرين الأول محتجزين لدى حماس.
وأضاف المسؤول الأمريكي أن الخمسين امرأة وقاصراً تحت 19 عاماً الذين ستفرج عنهم حماس يوجد بينهم ثلاثة مواطنين أمريكيين منهم طفلة ستكمل عامها الرابع بعد غد الجمعة.
وقالت الحكومة الإسرائيلية إن ما يزيد على نصف الرهائن البالغ عددهم 240 رهينة تقريباً من الأجانب وحملة الجنسيات المزدوجة من حوالي 40 دولة من بينها الأرجنتين وبريطانيا وتشيلي وفرنسا وألمانيا والبرتغال وإسبانيا وتايلاند والولايات المتحدة، فضلاً عن المدنيين والجنود الإسرائيليين المحتجزين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
من هم الفلسطينيون الذين سيُفرج عنهم ولماذا احتجزوا؟
قدمت إسرائيل قائمة بها أسماء نحو 300 سجين فلسطيني ربما يُفرج عنهم، وهو عدد مساو لمثلي عدد النساء والقُصَّر الذين وافقت على الإفراج عنهم في بادئ الأمر، وأشارت إلى أنها تتوقع الإفراج عن أكثر من 50 رهينة بموجب الاتفاق.
وقالت جمعية نادي الأسير الفلسطيني إنه حتى اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2023 تحتجز إسرائيل 7200 سجينا من بينهم 88 امرأة و250 قاصراً تبلغ أعمارهم 17 عاماً وما دون.
وأغلب الموجودين على القائمة التي تتألف من 300 شخص من الضفة الغربية المحتلة والقدس وجرى احتجازهم في حوادث على غرار محاولة تنفيذ عمليات طعن ورشق الجنود الإسرائيليين بالحجارة وتصنيع عبوات ناسفة وإلحاق أضرار بممتلكات وإجراء اتصالات مع منظمات عدائية. ولا يوجد بينهم أي متهم بارتكاب جريمة قتل. وتم احتجاز الكثيرين بأمر إداري، أي أنهم احتُجزوا من دون محاكمة.
وقال مسؤول فلسطيني إن السجناء المفرج عنهم ربما تنقلهم حافلات إلى المقر الرئاسي للسلطة الفلسطينية أولاً مثلما هو الحال في عمليات الإفراج السابقة على الرغم من عدم اضطلاع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدور في مفاوضات الهدنة.
من تفاوض على الاتفاق؟
قامت قطر بدور محوري في الوساطة. وتملك حماس مكتباً سياسياً في الدوحة، وتبقي الحكومة القطرية على قنوات تواصل مفتوحة مع إسرائيل، إلا أنها لم تطبّع العلاقات معها على خلاف بعض الدول الخليجية الأخرى.
واضطلعت الولايات المتحدة أيضا بدور مهم، إذ أجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن اتصالات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الأسابيع السابقة للاتفاق. واشتركت مصر أيضاً في مفاوضات الوساطة في التوصل إلى اتفاق.
لم استغرقت المفاوضات ذلك الوقت الطويل؟
أُعلن الاتفاق بعد 46 يوماً من بداية الحرب، وهي أحد أعنف الصراعات التي تندلع بين الطرفين. وقتلت حماس 1200 إسرائيلي عند تنفيذ هجومها على جنوب إسرائيل، وهو أكبر عدد قتلى في يوم واحد منذ إعلان الدولة في عام 1948، وردت إسرائيل بشن قصف جوي وإطلاق توغل بري أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من 13 ألف فلسطيني، وهو أكبر عدد قتلى حتى الآن خلال الحروب الأخيرة.
وبدأت المفاوضات المبدئية الصعبة للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس بعد أيام من وقوع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لكن التقدم كان بطيئاً. وقال مسؤولون أمريكيون إن هذا يرجع بشكل جزئي إلى أن الاتصالات بين الطرفين المتحاربين تعين إجراؤها عبر الدوحة أو القاهرة بخصوص كل تفصيل مثل الحصول من حماس على قائمة كاملة بمن سيُفرج عنهم.
ورغم التوصل إلى اتفاق قالت حماس إن “الأصابع لا تزال على الزناد”. وقالت إسرائيل إن الصراع سيستمر حتى تحرير جميع الرهائن والقضاء على حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى كمنظمة إرهابية. وحينما شنت إسرائيل آخر اجتياح بري كبير في غزة في عام 2014، استغرق الأمر آنذاك 49 يوماً حتى التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرقين.
خ.س/ إ.م/ ع.خ (رويترز، أ ف ب)