ريما بنت بندر.. أميرة على عرش الرياضة السعودية!
تعززت حظوظ السعودية لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2034 بعد أن باتت أستراليا آخر دولة تقرر عدم المضي قدما في سباق الترشيح، ما يعني أن المملكة سوف تستضيف المونديال دون تصويت أو معارضة.
جاء القرار باعتباره ذروة النجاحات الرياضية للسعودية، بما في ذلك ضم نجوم كبار من أمثال الأسطورة كريستيانو رونالدو الذي يلعب في صفوف النصر، وأيضا فوز بطل العالم للوزن الثقيل تايسون فيوري على لاعب فنون القتال المختلطة فرانسيس نغانو في نزال دار رحاه في الرياض.
ويُضاف إلى ذلك فوز نيوكاسل يونايتد المملوك للسعودية على باريس سان جيرمان المملوك لقطر في دوري أبطال أوروبا.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، سيكون شعار عملاق النفط السعودي أرامكو، أكبر شركة نفط في العالم، حاضرا في جميع فعاليات كأس العالم للكريكيت بمدينة أحمد آباد في الهند، على غرار سباقات فورمولا واحد من أستراليا إلى أذربيجان. هذا بالإضافة إلى العديد من الأحداث الرياضية البارزة الأخرى مثل المصارعة وحتى جولات “ليف غولف” الأكثر قوة في عالم الغولف.
وتمتلك أرامكو المملوكة للحكومة السعودية قرابة 26 اتفاق رعاية رياضي، بحسب بيانات حصلت عليها المانيا اليوم من منظمة “ألعب اللعبة” الدنماركية والتي تقول إنها ترمي إلى تعزيز “الديمقراطية والشفافية وحرية التعبير في الرياضة العالمية”.
وأشارت البيانات إلى أن التفوق على أرامكو في الرعاية الرياضة، يأتي من جهة سعودية أيضا من خلال بوابة صندوق الاستثمارات العامة السعودي ” بي آي إف” الذي يمتلك نادي نيوكاسل ويضم 137 رعاية إما بشكل مباشر أو عبر شركات تابعة له. ما يعني استحواذه على نصيب الأسد من اتفاقات الرعاية السعودية البالغة 232 في عالم الرياضة.
ونظرا إلى أن كل من أرامكو وصندوق الاستثمارات العامة مملوكين للحكومة السعودية، فإن هناك مخاوف من الخلط بين السياسة والرياضة من قبل شخصيات سعودية تحظى بنفوذ دبلوماسي وسياسي كبير، لتمهيد الطريق أمام فرض تأثير رياضي كبير.
أميرة ذات نفوذ
وتعد الأميرة ريما بنت بندر آل سعود واحدة من هذه الشخصيات، حيث تحمل ريما التي تنتمي إلى العائلة المالكة أربعة ألقاب رسمية رفيعة المستوى في الرياضة، وفقا لما ذكرته المنظمة الدنماركية.
وفي مقابلة مع المانيا اليوم، قال جيمس دورسي، زميل أول في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية ومؤلف كتاب “العالم المضطرب لكرة القدم في الشرق الأوسط” إن الأميرة ريما “ترسم الصورة التي يريد [ولي العهد] محمد بن سلمان رسمها للسعودية: ما يعني التطلع إلى المستقبل والليبرالية الاجتماعية ومنح الفرص للنساء”. وأضاف أن ريما “تحقق كل ذلك، لذا فهي تعد المرشحة المثالية”.
ولا تتوقف مناصب الأميرة ريما على ما ذُكر آنفا، فهي أول سفيرة سعودية لدى الولايات المتحدة وهي عضوة في مجلس إدارة اللجنة الأولمبية السعودية باعتبارها رئيسة للجنة النسائية فضلا عن عضويتها في اللجنة الأولمبية الدولية.
وفي ذلك، قال ستانيس إلسبورغ، الخبير في المنظمة الدنماركية، إن هذا الأمر “يثير تساؤلات حرجة حول تضارب المصالح ومسألة الولاء وما يسمى باستقلالية الرياضة الذي تروج له اللجنة الأولمبية كثيرا”.
ويتساءل إلسبورغ “هل ستكون (الأميرة ريما) مستعدة وقادرة على دعم استقلالية اللجنة الأولمبية الدولية بشكل فعال كسياسية وممثلة للحكومة السعودية، إذا كان هناك تضارب بين مصالح الحكومة السعودية ومصالح اللجنة الأولمبية الدولية من الناحية السياسية؟”.
ورغم أن اللجنة الأولمبية لم تسهل طلب المانيا اليوم لإجراء مقابلة مع الأميرة ريما، إلا أنها أرسلت بيانا أكدت فيه أن جميع أعضائها يستوفون المعايير والشروط المطلوبة.
وقال البيان إنه لم يتم “رصد أي حالة تضارب في المصالح فعلي أو محتمل حتى الآن. وفي حالة رصد ذلك، سيتم التعامل معه من قبل كبير مسؤولي الأخلاقيات والامتثال في اللجنة مع إفادة أعضاء المجلس التنفيذي للجنة الأولمبية الدولية.”
وينص ميثاق اللجنة الأولمبية الدولية على أنه يجب على الأعضاء “التصرف بشكل مستقل عن المصالح التجارية والسياسية وكذلك أي اعتبارات عنصرية أو دينية”.
ويرى كثيرون أن البقاء على مسافة بعيدة عن المصالح السياسية يعد من أكبر التحديات التي تواجه الأميرة ريما البالغة من العمر 48 عاما وهي ابنة الأمير بندر بن سلطان آل سعود الذي تولى مناصب استخباراتية وأمنية رفيعة المستوى في السعودية بما في ذلك سفير المملكة لدى الولايات المتحدة.
أما أم الأميرة ريما فهي الأميرة هيفاء الفيصل بن عبد العزيز آل سعود ابنة الملك السعودي الراحل الملك فيصل، لذا يمكن القول إن ريما هي حفيدة – من جهة الأب والأم – للملك عبد العزيز آل سعود الذي يُنظر إليه باعتباره مؤسس المملكة.
أميرة مكافحة
وخلال عمل والدها في الولايات المتحدة كسفير للسعودية، تلقت الأميرة ريما تعليمها في الولايات المتحدة حيث تخرجت من جامعة جورج واشنطن وحصلت على شهادة في دراسات المتاحف. وقبل دخولها عالم الرياضية، عملت الأميرة في النشاط التجاري حيث جرى الإشادة بها بسبب تدشينها مشاريع اجتماعية كانت تمثل فرصة أكبر لسعوديات في بلد شديد المحافظة ذو سجل سيء في مجال حقوق المرأة.
وقد أشارت الأميرة ريما في السابق إلى أن قبول انخراط السعوديات في عالم الساحرة المستديرة يعد دليلا على التقدم حيث قالت في مقابلة عام 2018 مع شبكة “اي اس بي إن” الرياضية الأمريكية “نحن نعمل مع جميع الاتحادات الرياضية السعودية لإدراج النساء، ليس فقط كرياضيات، ولكن أيضا على مستوى المجالس الإدارية والاستشارية”.
وأضافت “في مجتمعنا، لم نعتد بعد على التكامل بين الجنسين، وهو أمر سيأتي، لكننا بحاجة إلى الاهتمام بأنفسنا. إن تعيين سيدات في مناصب لتحسين فرص انخراط النساء يعد بالأمر بالغ الأهمية وهو ما سيعزز فرص العمل”.
وقال الكاتب والأكاديمي جيمس دورسي إنه في ظل أن السعودية “كانت واحدة من أكثر الأنظمة القمعية في المنطقة”، فإن الوضع العام للسعوديات بدأ في التحسن. وأضاف “مهما كان الرأي الشخصي في محمد بن سلمان، فإن هذا لا ينفي حقيقة أنه عزز بشكل كبير الحقوق الاجتماعية للمرأة، فضلا عن تعزيز الفرص المتاحة أمام المرأة. نرى الكثير من النساء يتقلدن مناصب بارزة في الحكومة والقطاع الخاص”.
الاستثناء ليس القاعدة!
لكن اللافت – بحسب ستانيس إلسبورغ – فإن باقي الشخصيات النسائية في السعودية لم تحظ بالنفوذ الذي حظيت به الأميرة ريما، فيما قد يعزو الأمر إلى أنها تنحدر من العائلة المالكة ما يعني تضاربا في المصالح. وأضاف ، “أدوارها تسمح للسعودية بالانخراط في الدبلوماسية الرياضية وتنمية العلاقات الدولية وإقامة علاقات دبلوماسية جديدة وتشكيل صورتها على الساحة الرياضية العالمية”.
لكنه يقر أيضا بأن هذا الصراع يعد نتاج الطريقة التي تعمل بها البلاد، موضحا أن “كل العائلات الحاكمة الفاسدة وفق التعريف، أصبحوا أثرياء بسبب الفساد، حيث لم يكن هناك أي تمييز بين ميزانية الدولة وميزانية هذه العائلات ما يعني أن مفهوم تضارب المصالح غير ساري”.
وفي الوقت الذي يُنظر فيه إلى مناصب الأميرة ريما بأنها قد تكون مصدر إلهام للمرأة السعودية وتحسن صورة المملكة أمام المجتمع الرياضي العالمي، إلا أن تولي أي سيدة سعودية – من خارج أسرة آل سعود – مثل هذه المناصب لن يكون معبدا بالورد على غرار درب الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود.
مات بيرسون/ م. ع