إيران.. تصعيد مع إسرائيل وتشديد القبضة في الداخل
في إيران، تشهد الأوضاع تصاعدًا ملحوظًا، حيث يتزايد التوتر الإقليمي مع إسرائيل بينما تشدد السلطات القبضة في الداخل. تتجسد هذه التوترات في استمرار عمليات الإعدام وتوقيف المعارضين، مما يثير مخاوف المحللين والحقوقيين بشكل متزايد.
شددت إيران من القيود الداخلية في الآونة الأخيرة، بما في ذلك عمليات الإعدام وتوقيف معارضين وعودة دوريات الشرطة مراقبة التزام القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية، في وقت يتصاعد التوتر الإقليمي بينها وبين إسرائيل، وفق محللين وحقوقيين.
وذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء (إرنا) أن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي شكر القوات المسلحة على الهجوم على إسرائيل في 13 أبريل/نيسان. كما دعا خامنئي وفقا لما نقلته الوكالة القوات إلى “السعي بلا كلل وراء الابتكار العسكري وتعلم أساليب العدو”.
واستهدفت إيران بشكل معلنإسرائيل لأول مرة في 13 أبريل نيسان بأكثر من 300 صاروخ و طائرة مسيرة فيما قالت إنه رد على غارة يشتبه أن إسرائيل شنتها في الأول من أبريل نيسان على مجمع السفارة الإيرانية بدمشق وأودت بسبعة أفراد من الحرس الثوري بينهم ضابطان كبيران.
وقال خامنئي اليوم الأحد (21 نيسان/ أبريل) “مسألة عدد الصواريخ التي تم إطلاقها أو الصواريخ التي أصابت هدفها ليست السؤال الأساسي، القضية الأساسية هي أن إيران أظهرت قوة إرادتها خلال تلك العملية”.
ودوت انفجارات في وقت مبكر الجمعة في مدينة أصفهان الإيرانية خلال ما قالت مصادر إنه هجوم إسرائيلي، لكن طهران قللت من أهمية الأمر وقالت إنها لا تعتزم الانتقام، وهو رد محسوب فيما يبدو لتجنب نشوب حرب على مستوى المنطقة.
الا أن “القمع” الذي تمارسه السلطات، وفق توصيف المنظمات الحقوقية، دخل مرحلة جديدة تزامنا مع تصاعد التوتر الإقليمي منذ الأول من نيسان/أبريل، حيث دمّرت ضربة منسوبة الى إسرائيل بداية نيسان/ أبريل، مبنى قنصلية إيران في دمشق.
وكانت إيران قد شهدت اعتبارا من أيلول/سبتمبر 2022 احتجاجات واسعة إثر وفاة مهسا أميني (22 عاما) بعد أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في العاصمة لاتهامها بعدم الالتزام بقواعد اللباس. واعتمدت السلطات القبضة الصارمة في التعامل مع هذه الاحتجاجات التي تراجعت بشكل ملحوظ في أواخر العام ذاته.
وتحدث ناشطون إيرانيون في الفترة الماضية عن عودة الحافلات الصغيرة البيضاء اللون لشرطة الأخلاق إلى ساحات المدن، والتي يقوم عناصرها بتوقيف المخالفات لقواعد اللباس المعتمدة في أعقاب انتصار الثورة الإسلامية في العام 1979، وأبرزها وضع الحجاب.
وأعلن قائد شرطة العاصمة عباس علي محمديان في 13 نيسان/أبريل أن الشرطة في طهران وسائر المحافظات الإيرانية “ستتدخل ضد الأشخاص الذين يروجون لعدم ارتداء الحجاب”.
وخلال الأيام الماضية، تداول مستخدمون أشرطة فيديو لأفراد شرطة من الاناث والذكور يقمن بتوقيف نساء واقتيادهن إلى حافلات شرطة الأخلاق. وأرفقت هذه الفيديوهات بوسم “#جن_عله_زنان” بالفارسية (“حرب على النساء”).
ميدان حرب
وقالت نرجس محمدي، الناشطة الفائزة بجائزة نوبل للسلام 2023 والموقوفة في سجن إوين بطهران، إن “الجمهورية الإسلامية حوّلت الشوارع إلى ميدان حرب ضد النساء وجيل الشباب”، وفق رسالة تداولها مؤيدوها عبر منصات التواصل.
وأظهر فيديو يرجح أنه التقط قرب ساحة تجريش بشمال طهران، سيدة تسقط أرضا بعد توقيفها من قبل الشرطة. وسُمعت السيدة تقول للمارة الذين حاولوا مساعدتها، أن هاتفها تمّت مصادرته.
وقال هادي قائمي مدير “مركز حقوق الإنسان في إيران” ومقره في نيويورك، إنه “في ظل تزايد المعارضة في الداخل وتركّز الانتباه الدولي على التوترات الاقليمية، تغتنم الجمهورية الإسلامية الفرصة لتشديد حملة القمع”.
وتابع “في غياب ردّ دولي صارم، ستتشجع الجمهورية الإسلامية على زيادة العنف الذي تمارسه ضد النساء وانتهاكاتها الفظيعة لحقوق الإنسان”.
وخلال تظاهرات 2022، قتل المئات بينهم عناصر قوات الأمن، وفق أرقام رسمية ومنظمات حقوقية، وتمّ توقيف الآلاف.
استغلال الفرصة
وممن جرى توقيفهم في الأيام الماضية، آيدا شاكرمي، شقيقة نيكا شاكرمي التي توفيت على هامش تظاهرات 2022 عن عمر 16 عاما، وفق ما أعلنت والدتها نسرين عن منصّات التواصل الاجتماعي.
وأشارت نسرين إلى أنه جرى توقيف آيدا “لعدم ارتدائها الحجاب الإلزامي”.
واتهم ناشطون قوات الأمن بقتل شاكرمي أثناء مشاركتها في الاحتجاجات، بينما قالت السلطات في حينه إن التحقيقات تؤشر إلى أن الفتاة قضت “انتحارا”.
إلى ذلك، أوقفت دينا قاليباف، الصحافية والطالبة في “جامعة الشهيد بهشتي” في طهران، بعدما اتهمت قوات الأمن عبر منصات التواصل الاجتماعي بتكبيل يديها والاعتداء جنسيا عليها خلال توقيفها سابقا في محطة لمترو الأنفاق في العاصمة، وفق ما أفادت شبكة هنكَاو الحقوقية، ومقرها النروج.
ويتواصل في السجون تنفيذ أحكام الإعدام التي يعتبرها الناشطون وسيلة لإثارة الخوف في المجتمع. ووفق منظمة “حقوق الإنسان في إيران”، ومقرها في النرويج، أعدمت السلطات 110 أشخاص إلى الآن هذه السنة.
وممن تمّ إعدامهم في الآونة الأخيرة اسماعيل حسنياني (29 عاما) وزوجته مرجان حاجي زاده (19 عاما) المدانَين بقضايا مرتبطة بالمخدرات، وتمّ تنفيذ حكم الإعدام بحقهما في السجن المركزي لزنجان (وسط) في 11 نيسان/أبريل، وفق منظمة “حقوق الإنسان في إيران”.
واعتبر مدير المنظمة محمود أميري مقدم أن “النظام سيستغل بلا أدنى شكّ هذه الفرصة لتشديد قبضته في الداخل”.
وأشار إلى أن السلطات الإيرانية “لم تتمكن بعد من استعادة السيطرة إلى الحد الذي كانت عليه قبل أيلول/سبتمبر 2022. الآن ربما لديها الفرصة للقيام بذلك، في حال انصرف كل الاهتمام الدولي إلى التوتر المتصاعد مع إسرائيل”.
ع.أ.ج/ م س (أ ف ب، رويترز)