باريس.. الوقت "غير مناسب" للاعتراف بدولة فلسطينية
رأى وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه اليوم الأربعاء (22 مايو/ أيار 2024) أن الاعتراف بدولة فلسطين “ليس من المحظورات” بالنسبة لفرنسا لكن باريس تعتبر أن الظروف غير متوافرة “الآن ليكون لهذا القرار تأثيرا فعليا” على العملية الهادفة إلى قيام دولتين.
وأكد الوزير الفرنسي في تصريح مكتوب لوكالة فرانس برس: “يجب أن يكون قرار كهذا مفيدا أي السماح بتسجيل تقدم حاسم على الصعيد السياسي. في هذا الإطار، يجب أن يحصل هذا القرار في الوقت المناسب” ليحدث فرقاً. وقال سيجورنيه الذي استقبل صباح الأربعاء نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس: “الأمر لا يتعلق بمسألة رمزية أو بالتموضع السياسي فقط، بل بأداة دبلوماسية تسخر لحل الدولتين اللتين تقومان جنبا إلى جنب بسلام وأمن”. وقال سيجورنيه: “يتعين أن يكون القرار مفيدا، بمعنى آخر يجب أن يؤدي لتحقيق تقدم حاسم على الجبهة السياسية”.
بدوره ذكر رئيس وزراء التشيك بيتر فيالا في مقابلة مع موقع “بليسك.سي.زيد” الإخباري التشيكي، ردا على إعلان النرويج وأيرلندا وإسبانيا أنها ستعترف رسميا بفلسطين كدولة إنه ليس من المنطقي الاعتراف بفلسطين كدولة، إذا لم يتضح من يمثلها وعلى أي أرض.
ووصف فيالا مفهوم الدولتين، الإسرائيلية والفلسطينية، بأنه هدف جيد، لكنه قال إنه من الضروري تهيئة الظروف لذلك. وكان فيالا عن أعرب عن تأييده في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي لنقل سفارة بلاده في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.
وفي خضم حرب غزة، أعلنت إسبانيا وإيرلندا والنرويج صباح اليوم الأربعاء قرارها المنسق للاعتراف بدولة فلسطين، أملا أن تحذو حذوها دول أخرى.
بالمقابل ردت إسرائيل على الفور باستدعاء سفيريها في ايرلندا والنرويج “للتشاور”. ونشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية رسالة مصوّرة موجّهة إلى إيرلندا عبر منصة “إكس” لتحذيرها من أن “الاعتراف بدولة فلسطينية من شأنه تحويلها إلى بيدق في أيدي إيران” وحماس. وترى إسرائيل أن الاعتراف بدولة فلسطينية من دون حلّ تفاوضي يشكّل “مكافأة” لحركة حماس المدعومة من إيران، على الهجوم غير المسبوق الذي شنته في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل.
أما منظمة التحرير الفلسطينية فقد رحبت بالاعتراف واعتبرت خطوة كل من إيرلندا والنرويج وإسبانيا بأنها “تاريخية”. وفي هذا السياق قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ عبر حسابه على منصة إكس إنها “لحظات تاريخية ينتصر فيها العالم الحر للحق والعدل بعد عقود طويلة من الكفاح الوطني الفلسطيني (…)”. كما حثت الرئاسة الفلسطينية دول العالم، وخاصة الدول الأوروبية التي مازالت لم تعترف بدولة فلسطين، ان تعترف بدولة فلسطين وفق حل الدولتين المعترف به دوليا المستند لقرارات الشرعية الدولية وعلى خطوط العام 1967، وان تحذو حذو جمهورية اسبانيا التي اختارت طريق دعم تحقيق السلام والاستقرار وترسيخ قواعد الشرعية الدولية والقانون الدولي”.
كما اعتبرت حماس أن اعتراف ثلاث دول أوروبية بدولة فلسطين “خطوةً مهمة” على طريق تثبيت حقوق الفلسطينيين في أرضهم وفي إقامة دولتهم. من جانبه، أكّد عضو المكتب السياسي لحماس باسم نعيم لوكالة فرانس برس أن “الاعتراف المتتالي هو النتيجة المباشرة لهذه المقاومة الباسلة والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني” معتبرًا أن هذه الاعترافات تمثل “نقطة تحول في الموقف الدولي من القضية الفلسطينية (…)”. يُذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
وكان رئيس وزراء أيرلندا سيمون هاريس قد قال في خطاب للأمة بأن اعتراف بلاده بدولة فلسطينية من شأنه تعزيز احتمالية إرساء “سلام دائم” في المنطقة. فيما أكد رئيس الوزراء النرويجي يوناس غار ستور في بيان حكومي أن “للفلسطينيين حق أساسي ومستقل في إقامة دولتهم. لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين الحق في العيش بسلام في دولتين منفصلتين. ولا يمكن أن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط دون حل الدولتين”.
وعلى صعيد متصل، أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، أمام البرلمان في مدريد اليوم الأربعاء، أن مجلس الوزراء سيصادق على الاعتراف بفلسطين كدولة في 28 أيار/ مايو الجاري، مضيفا أنه من الواضح بالنسبة له أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، “لا يسعى إلى مشروع سلام من أجل فلسطين”. وقال رئيس الوزراء الاسباني إن نتنياهو يعاقب المدنيين الفلسطينيين “من خلال الجوع والإرهاب”.
وأضاف سانشيز أن “القتال ضد جماعة حماس الإرهابية هو أمر مشروع بعد ما حدث، إلا أنه يسبب الكثير من الألم والكثير من الدمار والاستياء في غزة وباقي أنحاء فلسطين، مما يعرض حل الدولتين للخطر، وفي خطر جدي من أن يكون قابلا للتطبيق.”
وتُعتبر إسبانيا منذ فترة طويلة واحدة من أشد المنتقدين في أوروبا للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة. وعلقت الحكومة اليسارية في مدريد جميع صادرات الأسلحة إلى إسرائيل في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ومن المقرر أن يدخل قرار الدول الثلاث الاعتراف بفلسطين حيز التنفيذ في 28 من أيار/ مايو الجاري.
يُذكر أن الولايات المتحدة ومعظم دول أوروبا الغربية قالت إنها مستعدة للاعتراف بدولة فلسطينية يوما ما، ولكن ليس قبل التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الشائكة مثل الحدود النهائية ووضع القدس. ولكن بعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر والحرب التي شنتها إسرائيل ضد غزة ردا على ذلك، بدأ دبلوماسيون يعيدون النظر في أفكار كانت خلافية في الماضي.
وعام 2014، أصبحت السويد التي تضم جالية فلسطينية كبيرة أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي في أوروبا الغربية تعترف بدولة فلسطين. وكانت اعترفت بها في عام 1988 ست دول أوروبية أخرى هي بلغاريا وقبرص والجمهورية التشيكية والمجر وبولندا ورومانيا.
ع.غ/ ح.ز (آ ف ب، د ب أ)