هجوم حماس على إسرائيل ـ كيف انعكس على وضع مسلمي ألمانيا؟

0


يقول سليمان مالك، وهو مسلم يعيش في ولاية تورينغن الألمانية، مستذكراً الأسابيع التي تلت الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة قبل أكثر من 20 عاماً: “لقد عشت الأسابيع التي تلت 11 أيلول/سبتمبر. واليوم أشعر وكأنني عدت إلى ذلك الوقت”.

ويخبرنا الرجل المولود في باكستان ويبلغ اليوم من العمر 35 عاماً نقلاً عن معارف ومصادر أخرى عن أعمال عدائية يتعرض لها مسلمون في أجزاء مختلفة من ألمانيا: “الإهانات ضد النساء المحجبات ورسائل كراهية لمسلمين. ويغيب عن المشهد من يعلن: أنتم أيها المسلمون منا، وسوف نحميكم”.

الشاب سليمان مالك مسلم من الطائفة الأحمدية مندمج بشكل جيد في ألمانيا. يتحدث مالك اللغة الألمانية بطلاقة، ويعمل مستشاراً في الموارد البشرية، وهو نائب عمدة حي ريت في مدينة إيرفورت عاصمة الولاية. ويكرس جهده منذ سنوات لبناء مسجد صغير على أطراف المدينة.

المسلمون “شركاء” في مواجهة معاداة السامية

يقول سليمان مالك لـ المانيا اليوم إن من يشعر بالتعاطف مع المدنيين الفلسطينيين الذين يعانون بدون ذنب في قطاع غزة ويعبر عن ذلك “سيربط بشكل مباشر بمعاداة السامية. لكن ليس كل يهودي يعتقد أن تصرفات الحكومة الإسرائيلية جيدة”.

ويدين مالك بشدة إرهاب حماس ضد إسرائيل. ويستشهد بآية في القرآن تحرم مهاجمة الأماكن الدينية للآخرين. ويؤكد أنه “من واجب المسلمين حماية حياة اليهود. ومن يفعل غير ذلك فهو لا يفهم تعاليم الإسلام. يجب على المجتمع أن ينظر إلى المسلمين كشركاء ضد معاداة السامية”.

وتحدث سليمان مالك عن الوضع في ولايته، تورينغن، حيث صنف “مكتب حماية الدستور” (الاستخبارات الداخلية الألمانية) فرع حزب البديل من أجل ألمانيا في الولاية على أنه متطرف يميني: “حصل الحزب على ما يقرب من ثلث الأصوات في استطلاعات الرأي وجعل من الإسلاموفوبيا برنامجه”. ويدف أن المتطرفين اليمينيين يحتجون كل أسبوع أمام مبنى المسجد.

سيدات بالحجاب في أحد شوارع برلين (صورة رمزية)
بعض المحجبات في ألمانيا يتعرضن للإهانات منذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر (صورة رمزية)صورة من: Monika Skolimowska/dpa/picture-alliance

دراسة تؤكد “معاداة المسلمين”

في نهاية يونيو/حزيران 2023، وبعد عدة سنوات من العمل، قدم الخبراء الدراسة الشاملة المعنونة “رهاب المسلمين في ألمانيا”. وكلفت الحكومة الاتحادية مجموعة من الخبراء المستقلين بإجراء الدراسة بعد الهجوم العنصري في هاناو ، والذي قتل فيه مرتكب الجريمة اليميني المتطرف تسعة أشخاص من أصول مهاجرة في شباط/فبراير 2020.

وتوضح الدراسة حدة الموقف العدائي تجاه المسلمين في المجتمع الألماني، ومدى إحاطة الألمان بالكثير من المعلومات والمعارف عن المسلمين لفترة طويلة، لم يتم تسجيل الجرائم بشكل منفصل: “من الواضح أن العداء للمسلمين ليس ظاهرة اجتماعية هامشية، بل هو منتشر على نطاق واسع في أجزاء كبيرة من المجتمع الألماني، ومنذ سنوات عديدة يسجل عند مستوى مرتفع”.

لكن لم تعد هذه الدراسة تحظى بأي نقاش منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والإرهاب الدموي الذي تمارسه حماس ضد إسرائيل، ولكن بشكل أخص منذ المظاهرات في الشوارع الألمانية، والتي احتفل بعضها بالمذبحة ورفض حق إسرائيل في الوجود. وحتى في “مؤتمر الإسلام الألماني” الذي نظمته الحكومة الاتحادية وانعقد في وزارة الداخلية في نوفمبر/تشرين الثاني، لم تلق الدراسة سوى اهتمام ثانوي. الحرب بين إسرائيل وحماس أعادت خلط وترتيب القضايا السياسية.

اعتداءات

وفي الأسابيع التي تلت الهجوم على إسرائيل من قبل حركة حماس، (وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية)، وردت تقارير من مناطق مختلفة في ألمانيا عن هجمات على مساجد وأضرار في الممتلكات ورسائل تهديد وإضرام نيران بشكل متعمد، وعبارات على الجدران مثل “ارحلوا أيها لأجانب”.

اليهود بألمانيا يرفضون ترهيبهم

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

يشعر مالك بالإحباط بسبب قلة الإحصائيات والحقائق المؤكدة حول الهجمات ضد المسلمين في ألمانيا. الأرقام المتعلقة بالجرائم ضد المسلمين في الأشهر الأخيرة من عام 2023 ليست متاحة بعد، لكن الموظفين في بعض مراكز الاستشارة يتحدثون عن زيادة ملحوظة.

ويقول سليمان باغ، الصحافي السابق في برلين: “هناك جمهور مسلم عريض يعيش هنا في ألمانيا دون أي مشاكل ويتقاسم قيم المجتمع. واليوم ينظر إلى المسلمين كما لو كانوا هم المشكلة الاجتماعية في البلاد. وتظهر التقارير الصادرة عن المكتب الاتحادي لحماية الدستور أن المتطرفين اليمينن واليسارين أكثر خطورة من هجمات الإسلامويين”.

التركيز على عنصرية وتجاهل أخرى

بالنسبة لإرين جوفرسين من “جمعية الحمراء” الليبرالية، التي تأسست عام 2017، لا يكفي النظر إلى شكل واحد من أشكال العنصرية، وهو معاداة المسلمين، على الرغم من “أهميته”. ويتابع: “لا ينبغي أن يتحول الأمر إلى تنافس بين الضحايا، بما يؤدي إلى تجاهل التركيز على عنصرية ما والتركيز على أخرى. إذا لم يتحدث المجتمع الإسلامي علناً عن المشاكل داخل صفوفه، وعن الكليشيهات المعادية للسامية وكراهية اليهود، فلن يتمكن من المضي قدما في محاربة الإقصاء الممارس ضده”.

ويرى لإرين جوفرسين أن الدولة والمجتمع بحاجة إلى تناول مسألة صعود العنصرية بجدية أكبر. ويوصي بأخذ دراسة “رهاب المسلمين في ألمانيا” الصادرة في حزيران/يونيو 2023 وتوصياتها على محمل الجد.

أعده للعربية: خالد سلامة

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اضف تعليق
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.