منغستو والسيد ـ رهينتان إسرائيليتان "منسيتان" لدى حماس
مازالت حماس تحتجز أفيرا منغستو، وهو إسرائيلي من أصول إثيوبية منذ عام 2014، ومواطنه من البدو العرب هشام السيد منذ عام 2015. وعلى النقيض من مصير أكثر من 130 رهينة ما زالوا محتجزين لدى حماس، فإن الحملات المطالبة بإطلاق سراح منغيستو وهشام لم تكن تحظى بالكثير من الاهتمام الإعلامي في إسرائيل، لكن هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي سلط الضوء مجددا على ملف الرهائن الإسرائيليين “المنسيين”.
“وقع ذلك مرير علينا”
ينحدر هشام السيد من بلدة حورة البدوية. وفي عام 2015، عبر حدود غزة لتحتجزه حماس في القطاع منذ ذلك الحين، لكن لم تكن تلك المرة الأولى التي يعبر فيها قطاع غزة إذ في المرات السابقة جرى أعادته إلى إسرائيل، بيد أن حماس قررت في المرة الأخيرة الإبقاء عليه.
وتقول حماس إن هشام السيد يعد “جنديا إسرائيليا”، لكن منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية تؤكد خلاف ذلك إذ تشير إلى كونه “مدنيا”.
وفي مقابلة مع المانيا اليوم، قال والده شعبان السيد “عبر هشام حدود غزة بسبب مرضه”، مشيرا إلى أنه لم يعرف مكان تواجد نجله إلا بعد نشر حماس بيان أعلنت فيه عن احتجازه في غزة بعد ثلاثة أشهر على اختفائه. وقال شعبان “كعائلة.. وقع ذلك مرير علينا”.
يشار إلى أن حركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
“يعاني من مرض نفسي”
أما أفيرا منغيستو، فهو يهودي إسرائيلي من أصل إثيوبي ينحدر من مدينة عسقلان جنوب إسرائيل. في عام 2014، عبر منغيستو حدود غزة بمفرده، ليتم القبض عليه من قبل حماس التي زعمت أنه “جندي إسرائيلي” كما كان الحال مع هشام السيد، فيما أكدت هيومن رايتس ووتش على أن منغيستو ليس سوى شخص مدني.
ولا تنتهي فصول التشابه بين منغيستو وهشام عند ملابسات احتجازهما من قبل حماس، بل يعاني كلاهما من أمراض نفسية.
فقد أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش أن منغيستو يعاني من مشكلات نفسية”خطيرة” فيما قال أحد أقاربه ويدعى غيل إلياس “عبر أفيرا أحد أكثر الحدود أمانا في العالم تحت أعين الأجهزة الأمنية، نحن نتحدث عن مريض عقليا بات مفقودا”.
البقاء على قيد الحياة
ومنذ احتجازهما، حصلت عائلتا منغيستو وهشام على لقطات مصورة تفيد ببقائهما على قيد الحياة إذ ظهر منغيستو في مقطع مصور نُشر في يناير/كانون الثاني 2023 حيث يطالب الحكومة الإسرائيلية إجراء مفاوضات من أجل إطلاق سراحه.
وقال غيل إلياس: “تعرفت عليه على الفور ويبدو أنه في حالة بدنية جيدة بناء على ما أتيح لنا”.
بيد أن عائلة هشام لم تشعر بالطمأنينة إذ يساورها حالة قلق بالغة بعد مشاهدة مقطع مصور نشرته حماس في يونيو/ حزيران عام 2022 يُظهر هشام مستلقيا على سرير مع خضوعه للعلاج عن طريق أجهزة طبية.
وقال شعبان السيد إن المقطع المصور يهدف إلى ممارسة المزيد من الضغوط على العائلة والحكومة الإسرائيلية، مضيفا “يأتي ذلك في إطار حرب نفسية تمارسها حماس”.
من المسؤول؟
ورغم التشابه الكبير بين أزمة منغيستو وهشام، إلا أن ذويهما يختلفون حيال الجهة المسؤولة وعلى من يقع اللوم.
يقول غيل إلياس إن عائلته وثقت بالحكومة الإسرائيلية وقدرتها على إعادة منغيستو إلى إسرائيل، حيث التزمت الصمت لمدة عام، مضيفا “نتحدث عن عائلة صهيونية صامدة لقد فعلت العائلة ما أمرتها به الحكومة وظلت صامتة. هذه السذاجة هي التي أبقت أفيرا في غزة لأكثر من تسع سنوات”.
وفي الوقت الذي تحمل فيه عائلة منغيستو الحكومة الإسرائيلية مسؤولية أزمة ابنها، تلقي عائلة هشام اللائمة على حماس حيث ترى أن احتجازه يتناقض مع تعاليم الإسلام.
وفي ذلك، قال شعبان “في الإسلام، (الله) يغفر ذنوب المرضى العقليين. إذا كانت حماس على استعداد لإطلاق سراح المرضى الاصحاء فقط نظير مقابل، فإنها بذلك تتصرف في تناقض لتعاليم الإسلام. يجب على مسؤولي الحركة الكف عن القول بأنها منظمة إسلامية.”
تمييز هيكلي
وبسبب التشابه بين مصيرهما المشترك، تزايد التعاون والاتصال بين عائلتي منغيستو وهشام حيث قالت العائلتان إن العلاقات بينهما محترمة ودافئة، لكن الأزمة تسلط الضوء على جانب آخر من حياة اليهود الإثيوبيين والبدو العرب حيث تقول منظمات حقوقية إنهم فئات تتعرض لتمييز هيكلي داخل المجتمع الإسرائيلي.
وعقب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حاولت عائلتا منغيستو وهشام استغلال الحملات في الشوارع الإسرائيلية ومنصات التواصل المطالبة بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين مازالت تحتجزهم حماس في ضوء أن حملات إطلاق سراح منغيستو وهشام لم تكن تحصل على الكثير من الاهتمام في السابق.
المزيد من الوعي
ويقول نشطاء إسرائيليون إن هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عمدت إلى إحداث تطور مفاجئ حيث باتت قضية الرهائن أولوية وطنية وهو ما انعكس على عائلتي منغيستو وهشام حيث قالتا إنهما أصبحتا تشعرنا بالدعم والتضامن.
وقال شعبان السيد إنه “في البداية لم يكن أحد مهتما بنا. لكن المحرقة التي حدثت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول – أنا اصر على وصفها بهذا الوصف – قد زادت الاهتمام بقضيتنا”.
وقال غيل إلياس إنه في ضوء أن حماس تحتجز هذا العدد الكبير من المواطنين الإسرائيليين كرهائن “فقد زادت فرص إطلاق سراح أفيرا”، مضيفا: “أشعر اليوم بالكثير من الاهتمام والتضامن قد لا يكون أفيرا هو السبب الرئيسي لذلك، لكن بات كثيرون يفهمون أزمته بشكل أكثر وضوحا الآن.”
وجرى مؤخرا إدراج اسم منغستو وهشام في قائمة الأسماء التي يمثلها “منتدى عائلات الرهائن والمفقودين” مما يعني وضع أسمائهما في الحملة العالمية لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.
وفي محاولة لتسليط الضوء على محنتهما، كتب غيل ديكمان، الذي تحتجز حماس أحد أقاربه منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على صفحته على تطبيق إنستغرام قائلا: “يعاني غيل إلياس من هذا الأمر منذ تسع سنوات. لو وقفنا معه ومع عائلته، ربما كنا سننجو جميعا من هذا الكابوس الذي دام أكثر من مئة يوم”.
وفي تعليقه عن التغير الذي طرأ داخل المجتمع الإسرائيلي حيال محنة منغستو، قال غيل إلياس إن الأمر يتجاوز قضية احتجاز رهينة لدى جماعة مسلحة، مضيفا “أقول دائما إن قضية أفيرا تعد بمثابة اختبار للمواطنة داخل المجتمع الإسرائيلي. وهذا هو الاختبار الذي فشلنا فيه.”
أعده للعربية: محمد فرحان