أرجأت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي، يوم الخميس (16 تشرين الثاني/نوفمبر 2013)، التصويت على طلب السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي(ناتو)، في انتكاسة أخرى لآمال البلد الاسكندنافي في الانضمام إلى الحلف الغربي بعد 18 شهرًا من الانتظار.
وقالت اللجنة إنها ترغب في رؤية خارطة طريق مكتوبة لمكافحة الإرهاب من قبل السويد، قبل الموافقة على طلبها في الانضمام إلى الناتو، الأمر الذي أثار احتمال حدوث مزيد من التأخير في خطط توسع التحالف العسكري المتأخرة بالفعل.
ونقلت وكالة بلومبيرغ للأنباء عن فؤاد أقطاي رئيس اللجنة التي يسيطر عليها الحزب الحاكم الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان، قوله لنائب وزير الخارجية التركي بوراك اكتشابار ضرورة الحصول على خطة مكتوبة من السويد، وذلك خلال مناقشة للجنة في أنقرة اليوم الخميس. وقال أقطاي إن: “أعضاء اللجنة غير مقتنعين بأنه قد تم الوفاء بمطالبنا”، وأضاف: “لا بأس بالقانون (مكافحة الإرهاب في السويد) ولكن هناك الجانب التنفيذي”، مشيرًا إلى وجود أنصار لحزب العمال الكردستاني المحظور، وكذلك “احتجاجات ضد ما نعتبره مقدسًا”، على حد تعبيره.
وأشار أقطاي إلى أن اللجنة ستجري مزيدًا من المحادثات وقد تعيد مشروع القانون إلى جدول أعمالها الأسبوع المقبل، لكنه لم يحدد جدولًا زمنيًا واضحًا. وقال أقطاي للصحفيين بعد ساعات من النقاش: “لكي يوافق جميع مشرعينا على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، يجب أن يكونوا مقتنعين تمامًا. سنناقش كل ذلك في اجتماع لجنتنا” المقبل.
وبوسع للجنة إقرار مشروعات القوانين بأغلبية بسيطة. وأضاف أقطاي أنها قد تدعو السفير السويدي لتقديم إفادات أمام المشرعين إذا لزم الأمر وإذا سمحت لوائح البرلمان بذلك. وقال أردوغان هذا الشهر إنه سيحاول تسهيل عملية التصديق، لكنه أضاف أن السويد لم تتخذ إجراءات كافية تجاه أنصار حزب العمال الكردستاني. وللتصديق عليه، يحتاج مشروع القانون إلى موافقة اللجنة قبل طرحه للتصويت في البرلمان بكامل هيئته، وهو ما قد يحدث بعد أيام أو أسابيع. وبعد ذلك سيوقعه أردوغان ليصبح قانونًا لإتمام العملية التي أحبط طول أمدها حلفاء أنقرة وامتحن علاقاتها بالغرب.
وطلبت السويد وفنلندا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي في أيار/مايو من العام الماضي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. واعترض أردوغان حينذاك على كلا الطلبين محتجًا بما قال إنه حماية الدولتين الواقعتين في شمال أوروبا لمن تعتبرهم تركيا إرهابيين، بالإضافة إلى حظر التجارة في منتجات الدفاع المفروض على أنقرة. ودعمت تركيا طلب فنلندا في نيسان/أبريل الماضي لكنها أبقت السويد في وضع الانتظار.
وطالبت تركيا السويد بقطع خطوات أوسع في كبح جماح الأعضاء المحليين في حزب العمال الكردستاني الذي يعتبره الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة جماعة إرهابية. واستجابت ستوكهولم لذلك بإقرار مشروع قانون جديد لمكافحة الإرهاب يجعل العضوية في منظمة إرهابية غير قانونية، مع رفع القيود المفروضة على تصدير الأسلحة إلى تركيا. وتقول إنها التزمت بالجزء الخاص بها من صفقة وقعت في العام الماضي.
ولم تصدق المجر، العضو في حلف شمال الأطلسي، أيضًا على عضوية السويد، لكن تركيا تعتبر العقبة الرئيسية أمام انضمام السويد. وفي وقت لاحق من اليوم الخميس، قال السفير الأمريكي لدى المجر إن الحكومة المجرية أكدت له أن بودابست لن تكون آخر من يصدق على طلب السويد، مضيفًا أنه “واثق” من أن ستوكهولم ستصبح قريبًا عضوًا في حلف شمال الأطلسي.
م.ع.ح/خ.س (د ب أ ، رويترز)
-
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
-
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
-
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
-
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
-
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
-
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
-
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
-
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها “استبدادية” خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
الكاتب: إسماعيل عزام
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});