طالب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الجمعة (17 تشرين الثاني/نوفمبر 2023) بإجراء تحقيق في تقارير تفيد بحدوث موجة ثانية من عمليات القتل ذات الدوافع العرقية في ولاية غرب دارفور بالسودان والتي خلفت مئات القتلى.
وقال المكتب إن معلومات أولية تم الحصول عليها من ناجين وشهود تشير إلى أن مدنيين من قبيلة المساليت “عانوا ستة أيام من الرعب” في وقت سابق من هذا الشهر. وقال الناطق جيريمي لورانس لصحفيين في جنيف: “أعدم بعض الضحايا خارج نطاق القضاء أو أحرقوا أحياء”.
وبدأت تلك الهجمات بعدما سيطرت قوات الدعم السريع وميليشيات عربية متحالفة معها على قاعدة الجيش السوداني في أردمتا قرب الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر. وأضاف لورانس أن الأمم المتحدة تلقت تقارير تفيد بأن المقاتلين في رادمتا ودورتي “نهبوا ممتلكات وعذبوا نازحين وأعدموا العديد منهم قبل ترك جثثهم دون دفن في الشوارع”، وأوضح أن “العديد من القتلى هم شباب من المساليت وأقارب جنود سودانيين” مشيرًا إلى أن التقارير تفيد أيضًا بأن نساء وفتيات تعرضن للعنف الجنسي.
وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر وحده، قال لورانس إن “66 رجلًا من المساليت أُعدموا خارج نطاق القضاء في ثلاثة حوادث منفصلة”، وأضاف: “أوقف مئات الرجال الآخرين ونقلوا إلى معسكرات احتجاز تديرها قوات الدعم السريع. ما زال مصيرهم ومكان وجودهم مجهولين”.
وأشار لورانس إلى أن هجوم أردمتا كان ثاني حادث قتل جماعي للمدنيين المساليت على أيدي قوات الدعم السريع وحلفائها خلال أشهر. وأوضح أنه بين أيار/مايو وحزيران/يونيو، قُتل مئات الرجال والنساء والأطفال المساليت من بينهم حاكم ولاية غرب دارفور، مشددًا على أن “هذه الهجمات قد تشكل جرائم بموجب القانون الدولي”.
كذلك، وردت تقارير عن وقوع هجمات انتقامية نفّذتها ميليشيات من المساليت على مدنيين عرب. وفي إشارة إلى التقارير التي تفيد بأن هجوم قوات الدعم السريع أصبح وشيكًا على الفاشر عاصمة شمال دارفور، أكد لورانس أن جميع أطراف النزاع ملزمة بموجب القانون الدولي “ضمان حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية”، وتابع “يجب أن تتوقف كل الانتهاكات فورًا، ويجب تقديم المسؤولين عنها إلى القضاء بعد إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة ومحايدة”.
مخاوف من حرب أهلية شاملة
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش من تعاظم خطر الانهيار الكامل للسودان أو اندلاع حرب أهلية شاملة
كلما طال أمد النزاع. ودعا غوتيريش طرفي النزاع في السودان إلى وقف القتال فورًا والالتزام بوقف دائم للأعمال العدائية مما يمهد الطريق لإجراء حوار شامل واستئناف الانتقال السياسي الديمقراطي لاستعادة النظام الدستوري. جاء ذلك في تقريره عن الحالة في السودان المقدم إلى مجلس الأمن والذي يغطي الفترة بين 21 آب/أغسطس و31 تشرين الأول/أكتوبر، وفقًا للموقع الرسمي للأمم المتحدة.
وطلب السودان من الأمم المتحدة أمس الخميس إنهاء عمل بعثتها السياسية في البلاد قائلا إن أداءها في مساعدة الحكومة الانتقالية مخيب للآمال.
أمريكا وبريطانيا والنرويج تندد بتصاعد العنف في دارفور
من جهتها نددت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج في بيان اليوم الجمعة بتصاعد العنف وانتهاكات حقوق الإنسان في السودان، لا سيما في إقليم دارفور. وأشارت البلدان الثلاثة إلى الهجمات التي تشنها قوات الدعم السريع في دارفور.
وذكر البيان “يتضمن ذلك، بحسب تقارير موثوقة، عمليات قتل جماعي تشمل الاستهداف العرقي لغير العرب والمجتمعات الأخرى، وقتل الزعماء التقليديين، والاحتجاز الجائر، وعرقلة المساعدات الإنسانية”. وتابع البيان أن ثمة مخاوف أيضا من تقارير تفيد باستهداف المدنيين في محلية جبل أولياء المطلة على النيل الأبيض.
واندلعت حرب في 15 أبريل نيسان بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بعد أسابيع من التوتر المتصاعد بين الطرفين بسبب خطة لدمج القوات في إطار عملية للانتقال من الحكم العسكري إلى الحكم المدني الديمقراطي.
ودعت البلدان المانحة الثلاثة، التي تسمي مجموعتها الترويكا، إلى وقف القتال وحثت الطرفين على التهدئة. وقالت الدول الثلاث “يحتاج كلا الطرفين إلى خفض التصعيد والانخراط في محادثات هادفة تؤدي إلى وقف إطلاق النار ودخول المساعدات الإنسانية من دون عوائق”.
وتأتي الهجمات في دارفور في خضم الحرب المستعرة في السودان. فمنذ نيسان/أبريل، تخوض قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، الرئيس الفعلي للسودان، حربًا مع قوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب “حميدتي”.
وقُتل أكثر من عشرة آلاف شخص في النزاع السوداني حتى الآن، وفق حصيلة صادرة عن مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها (أكليد). وأدت الحرب إلى نزوح أكثر من 4,8 ملايين شخص داخل السودان، وأجبرت 1,2 مليون آخرين على الفرار إلى البلدان المجاورة، وفق أرقام الأمم المتحدة.
م.ع.ح/ص.ش (د ب أ، أ ف ب، رويترز)
-
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
قوى “إعلان الحرية والتغيير”
وهي تجمع لعدد من التيارات والمكونات السياسية الإئتلافات المدنية السودانية، منها “تجمّع المهنيين” و “الجبهة الثورية” و “تحالف قوى الإجماع الوطني” و “كتلة التجمع الاتحادي” و “كتلة قوى نداء السودان”.
-
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
تأسيس “إعلان الحرية والتغيير”
تأسّست قوى الحرية في كانون الثاني/يناير 2019 خِلال الاحتجاجات التي اندلعت عام 2018 ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير. قامت تلك القوى المعروفة اختصاراً باسم “قحت” بصياغة “إعلان الحرية والتغيير” و”ميثاق الحرية والتغيير” الذي دعا إلى إقالة البشير من السلطة وهو ما حدث في نيسان/أبريل عام 2019.
-
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
الجيش يطيح باتفاق تقاسم السلطة
استمرت “قحت” في نشاطها ونظمت احتجاجات في وجه المجلس العسكري الذي حكم البلاد “نظريًا” بعد سقوط نظام البشير ثمّ دخلت في مرحلة مفاوضات مع الجيش حتى توصلت معه في 17 تموز/يوليو 2019 إلى خطة لتقاسم السلطة لكنها لم تصمد كثيراً، حيث أطاح الجيش السلطة المدنية واتُهم بتنفيذ “انقلاب”.
-
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
الجيش الحاكم الفعلي منذ استقلال السودان
الحاكم الفعلي للبلاد منذ إعلان الجمهورية عام 1956. يحتل المركز 75 عالمياً في قائمة أقوى جيوش العالم ويصل عدد أفراده إلى نحو 200 ألف جندي بين قوات عاملة واحتياط. لدى الجيش السوداني 191 طائرة حربية متنوعة بين مقاتلات وطائرات هجومية وطائرات شحن عسكري وطائرات تدريب ومروحيات هجومية. كما يمتلك 170 دبابة وآلاف المدرعات وأنواع مختلفة من المدافع وراجمات الصواريخ إلى جانب أسطول بحري صغير.
-
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
انقلاب الجيش على الحكومة المدنية
استولى الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على السلطة وأعلن حالة الطوارئ، منهياً اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين في خطوة وصفت بأنها انقلاب عسكري. تقول التيارات المدنية إن الجيش يرفض تسليم السلطة للمدنيين ما أدى لصدامات متعددة كان أبرزها ما سمى “بمجزرة القيادة العامة” في حزيران/يونيو 2019 وراح ضحيتها أكثر من 100 قتيلٍ في يومٍ واحد وتبرأ المجلس العسكري منها وأكد فتح تحقيقات بشأنها.
-
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
الرجل القوي في الجيش السوداني
يقود الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان والذي برز اسمه في فبراير/شباط 2019، مع إعلان البشير ترقيته من رتبة فريق ركن إلى فريق أول. تولى العديد من المناصب داخل وخارج السودان. عقّدت الانقسامات بين قوات الدعم السريع والجيش جهود استعادة الحكم المدني. وسرعان ما دب الخلاف بين الرجلين القويين عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ونائب البرهان.
-
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
قوات الدعم السريع..ميليشيات الجنجويد بالأمس
عمودها الأساسي ميليشيات الجنجويد وهي جماعات مسلحة كانت موالية للبشير، أثارت ذعراً شديداً منذ عام 2003 حين قامت بسحق تمرد في دارفور. اتهمت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية. أضفى البشير الشرعية عليها لتتحول إلى “قوات الدعم السريع” وفق قانون أجازه المجلس الوطني في عام 2017″. حصل قائدها محمد حمدان دقلو “حميدتي” على رتبة عسكرية وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور.
-
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
قوات الدعم السريع..الرجال والعتاد
يُقدر عدد أفراد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد ينتشرون في جميع أنحاء البلاد. تمتلك عدداً كبيراً من الأسلحة الخفيفة مثل البنادق والرشاشات والأسلحة المضادة للدروع والصواريخ الموجهة والمتفجرات اليدوية والأسلحة الثقيلة مثل المدافع والدبابات وآلاف من سيارات الدفع الرباعي وغيرها.
-
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
من هو محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع؟
“حميدتي” اللواء محمد حمدان دقل، هو تاجر جمال سابق وحاصل على قدر من التعليم الأساسي ويعد الرجل الثاني في السودان وأحد أثرى الأشخاص في البلاد. أدى دوراً بارزاً في السياسة المضطربة في السودان على مدى سنوات وساعد في إطاحة الرئيس البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم. تولى عدداً من أهم الملفات في السودان بعد سقوط البشير، بما في ذلك الاقتصاد المنهار ومفاوضات السلام مع جماعات متمردة.
-
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
“حميدتي” ..رجل من؟
يتمتع حميدتي بعلاقات دولية قوية مع عدة دول أجنبية مثل روسيا وإثيوبيا، وأخرى عربية منها السعودية والإمارات خاصة بعد أن أرسل قواته لدعمهما ضد الحوثيين في الحرب الأهلية اليمنية. يقول مراقبون إنه منذ سقوط البشير وهو يسعى ليصبح الرجل الأول في السودان.
-
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
كيانات التيار الإسلامي
وهي تنظيمات وتيارات وكيانات إسلامية متنوعة المشارب والاتجاهات، منها “حركة الإصلاح الآن” بقيادة غازي صلاح الدين العتباني وهو مستشار سابق للبشير، وأيضاً “الحركة الإسلامية السودانية” بقيادة حسن عمر و”منبر السلام العادل” و “حزب دولة القانون والتنمية”.
-
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
موقف كيانات التيار الإسلامي
تقول قوى سياسية سودانية إن التيار الإسلامي في أغلبه يضم رموزاً من العهد السابق وأن أغلب مكوناته تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين. من جهتها تقول تلك التيارات الإسلامية إنها تعمل على حفظ السيادة الوطنية وجعل قيم الدين هي الحاكمة لجميع أوجه الحياة إضافة لإصلاح الشأن السياسي. إعداد: عماد حسن.