اضطر كريم بنزيمة إلى تعليق حسابه على إنستغرام، حيث يتابعه 76 مليون متابع، بسبب سيل الانتقادات والتعليقات السلبية التي انهالت عليه بعد الخيبات الأخيرة لفريقه، الاتحاد السعودي.
وكان من بين تلك الانتقادات والتعليقات صور ساخرة تشبهه بـ”قطة وديعة”، تجيد المواء لا تسجيل الأهداف. كما أن هناك أيضا تعليقات على “إكس” (تويتر سابقا) تقول إنه “عالة على الفريق” و”أحد أسباب الهزائم”.
فرحة وارتياح
إنه وضع يتناقض تماما مع ما وقع في حزيران/يونيو الماضي، عندما شكّلت الطائرات المسيّرة وجه “نمر” في سماء مدينة جدة السعودية وأُطلقت الألعاب النارية بكثافة ابتهاجا بتوقيع الاتحاد مع مهاجم منتخب فرنسا وريال مدريد الاسباني لكرة القدم السابق كريم بنزيمة.
وعند انضمامه للاتحاد الصيف الماضي، قال بنزيمة “اخترت السعودية لأنني مسلم وهي بلد مسلم”. وبدا بنزيمة، ثاني أفضل هداف في تاريخ ريال مدريد (354 هدفًا)، مرتاحا في الحياة في السعودية من خلال الصور التي كان ينشرها على انستغرام وتكشف تفاصيل حياته اليومية ومن ضمنها أداؤه للعمرة.
“وضع غريب يحدث للاعب بمستوى عال”
خلال اللقاءات الأخيرة أضاع بنزيمة (35 عاما)، المنضم من النادي الملكي حاملا للكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، فرصا عدّة سهلة بينها ركلة جزاء خلال الإقصاء من الدور الثاني لمونديال الأندية أمام الأهلي المصريّ.
والثلاثاء، مني اتحاد جدة، بطل الموسم الماضي، بخسارة قاسية أمام ضيفه النصر 2-5 كانت الثالثة تواليا في الدوري في مباراة أضاع خلالها ثلاث فرص سهلة للتسجيل وتسبّب في ركلة جزاء ضد فريقه.
توازى ذلك مع دخوله في مواجهة مع وزير الداخلية الفرنسي، وفي منافسة حادة مع زميله في نادي الاتحاد الدولي المغربي عبد الرزاق حمدالله الذي سجّل هدفين الثلاثاء.
وقال الناقد الرياضي السعودي عبد الكريم الجاسر لقناة الإخبارية الحكومية إنّ بنزيمة يمر بـ”وضع غريب جدا يحدث للاعب تكتيكي على مستوى عال”.
وأضاف “قد يكون لم ينسجم مع أوضاع نادي الاتحاد والأمور الداخلية في النادي، لكن ذلك لا يعفيه، لأنه لا يبذل اي جهد في المباريات ويضيع فرصا سهلة جدا ويبدو فاقدا للرغبة في لعب كرة القدم”.
حصيلة تهديف لا تناسب أمنيات الاتحاد
سجل بنزيمة تسعة أهداف في 15 مباراة حتى الآن في الدوري بينها ركلتا جزاء، وهو بعيد بفارق 10 أهداف عن مهاجم النصر الدولي البرتغالي كريستيانو رونالدو متصدر لائحة الهدافين، وسبعة أهداف عن مهاجم الهلال الدولي الصربي ألكسندر ميتروفيتش.
وإجمالا، سجّل بنزيمة 15 هدفا في 24 مباراة في مختلف المسابقات، في حصيلة بعيدة عن أمنيات جمهور الاتحاد الذي تعاقد الصيف الماضي مع البرازيلي فابينيو والفرنسي نغولو كانتي والبرتغالي جوتا بالإضافة الى المدافع الإيطالي لويز فيليبي، ضمن الصفقات القوية التي أبرمتها الاندية السعودية الصيف الماضي.
تراجع لبطل الموسم الماضي
وبات الاتحاد الذي تراجع الى المركز السادس، بفارق 22 نقطة خلف الهلال المتصدر، الفريق الأضعف هجوميا ودفاعيا بين الرباعي الكبير (الهلال والنصر والاهلي والاتحاد) الذين استحوذ عليهم صندوق الاستثمارات العامة السعودي بالغ الثراء الصيف الماضي وموّل صفقاتهم الضخمة.
وكان بنزيمة الذي وقع للاتحاد لثلاث سنوات ضمن تلك الصفقات، وذكرت الصحف الإسبانية أن ضمه كلف 200 مليون يورو.
وأقر مصدر مقرب من إدارة الاتحاد لوكالة فرانس برس أنّ الصفقات الأخيرة “لم تحقق النتيجة المرجوة بعد”. وأفاد المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه “بالطبع كنا ننتظر المزيد من بنزيمة خصوصا، لكننا ندرك قيمته كلاعب عالمي”. وأضاف “ليس من السهل دوماالانتقال الى بلد ودوري جديد والتألق فورا. هي مسألة وقت”.
ولا ينفصل مستوى بنزيمة، الفائز بدوري أبطال أوروبا خمس مرات، عن المستوى الفني المتراجع للاتحاد الذي انفصل قبل انتصاف الموسم عن مدربه البرتغالي نونو اشبيريتو سانتو وتعاقد مع الأرجنتيني مارسيلو غاياردو.
وخسر الاتحاد، الملقب بـ”العميد”، 6 من 18 مباراة في الدوري هذا الموسم استقبلت شباكه خلالها 26 هدفا، مقابل خسارتين واستقبال 13 هدفا في 30 مباراة الموسم الماضي. كما خسر أمام كل منافسيه الكبار.
علاقة سيئة مع حمد لله؟
وقال المذيع الرياضي المصري أمير عبد الحليم إنّ “بنزيمة تأثر بموسم الاتحاد عموما”، مشيرا إلى أنّ “الميزة الدفاعية للاتحاد الموسم الماضي تلاشت الآن”. وأضاف أنّ بنزيمة دائما “يحتاج إلى انسجام ليعطي أفضل أداء”. وتابع أنّ “المنافسة مع (المهاجم المغربي) عبد الرزاق حمدلله تصيبه بالتوتر ولا تحفزه”، مشيرا إلى تصريحات مشابهة سابقا للبرتغالي جوزيه مورينيو مدرب بنزيمة سابقا في ريال مدريد.
وأشارت تقارير صحافية سعودية مطلع الموسم إلى توتر العلاقة بين المهاجمين مع تجريد حمدالله من الرقم 9 ومنح أولوية تسديد ركلات الجزاء إلى بنزيمة.
ويبدو بنزيمة تائها ومعزولا في الملعب. فخلال مباراة الرائد قبل أسبوع، استبدله غاياردو في الدقيقة 75 وفريقه متأخر 1-2، عوضا عن التعويل على مهاجم بحجمه لتعديل النتيجة. وبعد المباراة التي خسرها الاتحاد 1-3، أكّد غاياردو أنّه استبدل بنزيمة “لأسباب فنية وليس بداعي الإصابة”، وهو ما يعكس حجم الأزمة التي يعيشها الفرنسي.
مشاكل خارج المستطيل الأخضر أيضا
خارج الملعب، لا يمر بنزيمة بأفضل أوقاته أيضا، خصوصا مع توجيه وزير الداخلية الفرنسي دارمانان اتهامات بأنّه على صلات “سيئة السمعة” مع جماعة الإخوان المسلمين.
جاءت هذه الاتهامات التي ندّد بها محامي بنزيمة باعتبارها “غير معقولة”، على خلفية نشر بنزيمة على موقع “إكس” رسالة دعم لسكان غزة. لكنّ المصدر في النادي قال إنّ “الإدارة اجتمعت به حينها وطالبته بالهدوء”، مضيفا “الأمر لا يشغل بال بنزيمة على الإطلاق”.
ولا يعبأ المشجعون بهذه المناوشات، فبالنسبة لهم الأولوية للتركيز والأداء في الملعب. وقال المشجع أمير (35 عاما) “خذل بنزيمة الفريق في المباريات الكبيرة. “هو كابتن الفريق لكن لا يعطي أي انطباع أنه قائد. يلعب دون روح وكأنه في عالم ثان”.
ص.ش/ف.ي (أ ف ب)