فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ، تبنى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نهجا قوامه الحفاظ على الوضع القائم بشكل جدي.
ورغم خطابه الشهير الذي ألقاه في جامعة بار إيلان عام 2009 والذي حمل موافقته المبدئية على إقامة دولة فلسطينية، إلا أن تصرفات نتنياهو كشفت عن أنه وأعضاء حكوماته لديهم رغبة في إطالة أمد الصراع الفلسطيني-الفلسطيني بين حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية حتى على حساب إبقاء حماس على قيد الحياة.
وفي ذلك، قال موقع “ميدا ” الإسرائيلي إن نتنياهو أبلغ أعضاء حزبه الليكود عام 2019 أن السماح للأموال القطرية بالوصول إلى حماس يعد مفتاح منع قيام دولة فلسطينية. ونقل الموقع اليميني المحافظ عن نتنياهو قوله: “هذا جزء من استراتيجيتنا لخلق فرقة بين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية”.
وعلى مر السنين، كانت قطاعات كبيرة من المجتمع الإسرائيلي غير مكترثة بنهج رئيس حكومتهم، لكن الوضع تغير في إسرائيل بعد هجوم السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي.
الحاجة إلى نهج مختلف
في أعقاب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي، كانت عبارة “تغيير المفهوم” الأكثر تكرارا داخل إسرائيل، حيث يتوقع كثيرون حلولا مختلفة من كافة الأحزاب عن خطط ما قبل الهجوم الذي نفذته الحركة الفلسطينية التي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
بيد أن نتنياهو فشل حتى الآن في الخروج بحلول من هذا القبيل رغم تأكيد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على أن قطاعات كبيرة من المجتمع الإسرائيلي لا تصدق في الوقت الراهن أن حل الصراع ممكن.
نتائج متضادة
وفي الوقت الذي تدعو فيه أصوات ليبرالية ويسارية في إسرائيل إلى إجراء انتخابات بما يمهد الطريق أمام رئيس وزراء يحل محل نتنياهو، فإن حكومته التي تضم عناصر يمينية متطرفة، تسعى إلى الاستفادة من وضع الحرب الراهن بهدف إعادة بناء المستوطنات التي أخلتها إسرائيل عام 2005 في غزة عقب انسحابها من القطاع.
ورغم أن نتنياهو خرج أكثر مرة رافضا هذا المخطط، إلا أن شركائه في الائتلاف الحاكم وفي مقدمتهم وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير ظلوا ينتقلون من استوديو تلفزيوني إلى آخر مطالبين بحلول مثل ” الهجرة الطوعية” للفلسطينيين من غزة .
ويسلط صعود بن غفير الضوء على كيفية فقدان نتنياهو السيطرة على حكومته.
فمع بداية تشكيل الحكومة، كانت العناصر اليمينية المتطرفة المنضوية تحت لواءها موضع إدانة واضحة من كافة الأحزاب السياسية الأخرى في إسرائيل، بما في ذلك حزب الليكود بزعامة نتنياهو، الذي دعم علنا مسار بن غفير السياسي بل أضفى شرعية على ذلك رغم أن بن غفير يعد أشهر شخصية يمينية متطرفة في إسرائيل، حيث أدين مرتين بسبب دعم منظمة إرهابية.
وفي الوقت الراهن، تظهر استطلاعات الرأي أن حزب بن غفير اليميني المتطرف “عوتسما يهوديت” سوف يحصل على مقاعد أكثر في الكنيست بما يتجاوز عدد مقاعده الحالية والبالغة ست مقاعد، في حين أن تأييد الناخبين لنتنياهو نفسه مستمر في التضاؤل، بحسب الاستطلاعات أيضا.
ومهما حدث، فإن المجتمع الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر / تشرين الأول سيكون مختلفا تماما عما كان عليه يوم السادس من أكتوبر، أي قبل يوم من هجوم حماس، سواء من الناحية السياسية أو غير السياسية. وسيتم الحكم على تصريحات نتنياهو الأخيرة حول اضطرار إسرائيل للسيطرة على قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب. ووفقا لذلك، فإن مكانة نتنياهو في التاريخ ستحددها الإجابة على سؤالين هما: هل ما زالت حماس تشكل تهديدا لإسرائيل؟ وهل سيعود الرهائن بسلام؟
وفي حالة فشل حكومته في تحقيق الأهداف التي أعلنتها علنا للإسرائيليين، فإن نتانياهو، صاحب أطول فترة في منصب رئيس الوزراء بإسرائيل وصلت إلى 15 عاما والذي يرغب في أن يتذكره الإسرائيليون باعتباره “المدافع القوي” عن دولتهم، سوف يترك وراءه إرث خسارة إسرائيل أول حروبها.
أعده للعربية: محمد فرحان