استطاع المنتخب الفلسطيني رسم ابتسامة على وجوه حزينة، بسبب الحرب في غزة التي اندلعت عقب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي.
وفي سابقة له، بلغ المنتخب الفلسطيني دور الستة عشر في بطولة كأس آسيا المقامة في قطر، عقب فوزه على هونغ كونغ بنتيجة 3-0 ضمن مباريات الجولة الثالثة من دور المجموعات ليحتل المركز الثالث ضمن المجموعة الثالثة.
وصعد بالتالي إلى الأدوار الاقصائية بعد تواجده ضمن أفضل أربع منتخبات احتلت المركز الثالث أو ما يُعرف بمنتخبات “أفضل ثوالث”.
ويبدو أن إسعاد الجماهير الفلسطينية كان أحد دوافع اللاعبين في ظل الحرب بين إسرائيل وحماس، إذ قال قائد المنتخب مصعب البطّاط في مستهل مشوار المنتخب في البطولة إن فريقه مصمم على “رسم البسمة على وجوه الشعب الفلسطيني”.
وقد نجح البطاط ورفاقه في خطف بطاقة التأهل، فيما نقلت شبكة “بي إن سبورتس” الرياضية عن قائد المنتخب قوله “نجحنا في رسم البسمة على وجوه من يتابعنا” داخل الأراضي الفلسطينية أو خارجها.
وجاءت مشاركة المنتخب الفلسطيني في البطولة في ظل أوضاع كروية صعبة حيث جرى تعليق الدوري المحلي بسبب الحرب في غزة، لكن المنتخب حصل على دعم كبير منذ البداية في قطر الدولة المستضيفة.
وكان الدعم القطري جليا خلال حفل افتتاح البطولة، حيث صعد قائد المنتخب الفلسطيني مصعب البطاط إلى المسرح لأداء قسم البطولة خلال العرض الرئيسي مع عرض غنائي وراقص تخللته موسيقى فلسطينية.
ولم يفز المنتخب الفلسطيني مطلقا بأي مباراة في كأس آسيا خلال المشاركتين السابقتين، لكن اللاعب الفلسطيني محمد صالح أقر بأنه من الصعب الحفاظ على التركيز.
يشار إلى أنّ الأمم المتحدة لا تعترف بفلسطين كدولة، لكنها عضو في الفيفا منذ عام 1998. ويحتل المنتخب الفلسطيني حالياً المركز 99 في تصنيف الفيفا العالمي.
منتخب سوريا يبلغ دور الـ16
فور إطلاق الحكم صافرة نهاية مباراة سوريا والهند في دور مجموعات كأس آسيا المقامة بقطر، قام لاعبو المنتخب السوري برفع مهاجم الفريق عمر خريبين صاحب هدف الفوز لتعم الفرحة إدراكا بأهمية الإنجاز الكروي الذي تحقق.
وبهدف عمر، بلغ المنتخب السوري ثمن نهائي البطولة بعد أن أنهى مواجهة الهند بهدف دون ردّ في المرحلة الثالثة والأخيرة من مباريات المجموعة الثانية ليرفع الفريق رصيده إلى أربع نقاط ويحتل المركز الثالث بعد أوزبكستان صاحبة المركز الثاني واستراليا المتصدرة.
وصعد منتخب سوريا إلى الأدوار الاقصائية بعد تواجده ضمن أفضل أربع منتخبات احتلت المركز الثالث، فهذه البطولة هي أول نسخة يشارك فيها 24 فريقا. ولذلك يتواجد منتخب سوريا الآن ضمن أفضل 16 منتخبا في هذه البطولة.
وبالنظر إلى عدد المنتخبات الكبير المشاركة في النسخة الحالية من كأس آسيا، فإن لسوريا مشاركات سابقة أفضل، لأنها كانت في ثلاث بطولات متتالية ضمن الفرق العشرة التي لعبت في النهائيات، وهي بطولات 1980، 1984، و1988، على التوالي. حيث كانت الفرق تلعب في الدور الأول ضمن مجموعتين، تضم كل واحدة خمس منتخبات، يصعد منها المتصدر والوصيف إلى نصف النهائي. وكادت سوريا أن تبلغ نصف النهائي في نسخة 1988 في قطر أيضا.
وينظر مراقبون إلى هذا التأهل الآن إلى دور الستة عشر على أنه إنجاز للمنتخب السوري.
فعلى وقع الصراع المستمر في سوريا، منذ قمع انتفاضة 2011، ودخول البلاد في حالة حرب داخلية، لم يتمكن منتخب سوريا من لعب أي مباراة على أرضه لأكثر من عقد فيما بدت مشاعر الفرحة جلية على جمهوره.
وفي مقطع مصور حظي بمشاهدة كبيرة، انفجر المراسل السوري وائل البزرة في نوبة بكاء مع مدرب المنتخب الأرجنتيني هيكتور كوبر ومساعده المصري محمود فايز بعد التأهل.
وعقب ذلك، قال كوبر “نحن سعداء للغاية بالتأهل وأنا فخور جدا بلاعبي فريقي، لقد قدموا تضحيات كبيرة لبلوغ هذه المرحلة. لعبنا المباراة بهدف واحد وهو تحقيق الفوز وقد حققناه. لا نريد أن نتوقف عند هذه المرحلة”.
ويحظى كوبر بتاريخ كروي رائع في عالم التدريب إذ قاد نادي فالنسيا الإسباني مرتين إلى نهائي دوري أبطال أوروبا. أما في قيادة المنتحبات، فقد صعد بمنتخب الفراعنة إلى نهائي كأس الأمم الأفريقية عام 2017 وإلى نهائيات كأس العالم لأول مرة منذ 28 عاما وذلك في مونديال روسيا عام 2018.
وفي عامه الـ 68، يتوقع أن يختتم كوبر مسيرته الكروية مع منتخب سوريا الذي صنع معه التاريخ وتسبب في فرحة عمت الجماهير السورية.
ويأتي التأهل في وقت مازالت سوريا تئن تحت وطأة صراع ممتد منذ أكثر من عقد. وزاد الأمر سوءا بعد الزلزال المدمر الذي وقع في بداية العام الماضي، والذي أودى بحياة أكثر من 6000 شخص في سوريا، وخسائر مادية تجاوزت عتبة الخمسة مليارات دولار، بحسب تقديرات البنك الدولي.
وعقب الزلزال بأيام قليلة، جرى تعيين كوبر مدربا للمنتخب السوري الذي قال في حينه إن لديه رغبة كبيرة في إسعاد الجماهير السورية بعد المعاناة، مضيفا “نعلم أننا لا نستطيع إزالة الألم، ولكننا سنحاول تخفيفه”.
مقاطعة لـ”منتخب النظام”
الأوضاع المأسوية التي تعيشها سوريا حاليا ظهرت جليا في تصريحات ندى الراشد، عضو مجلس إدارة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) لقناة الجزيرة في وقت سابق، حيث قالت إن “السوريين استقبلوا العام الجديد بنفس الفكرة التي ودعوا بها العام الماضي.. سفك الدماء”.
وتعيش سوريا انقساما كبيرا منذ قمع الاحتجاجات الكبيرة في 2011 ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وما تبعها من حرب وتهجير لملايين الناس داخل وخارج سوريا، ما جعل كثير من السوريين المعارضين للنظام يرون في المنتخب أداة لتلميع صورة النظام، خصوصا بعد مقتل العديد من الرياضيين السوريين أو اعتقالهم.
وما زاد من حالة الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي هي الهتافات التي صدرت عن لاعبي المنتخب عقب المباراة لرئيس النظام.
وكما عانت الكثير من القطاعات المدنية في سوريا، فقد لقي الرياضيون نصيبهم من التعذيب والقتل. ووثق تقرير أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 253 رياضيا على يد قوات النظام، إضافة إلى إصابة ما لا يقل عن 117 رياضياً بإصابات متفاوتة. كما تعرض ما لا يقل عن 447 رياضيا للاعتقال على يد قوات النظام بينهم 8 أطفال و5 سيدات، ما يزال 183 منهم في عداد المختفين قسريا، بحسب التقرير. ومن أشهر اللاعبين الذي قتلوا في السجون جهاد قصاب، مدافع المنتخب السوري ونادي الكرامة الحمصي.
الكاتب: يوناثان هاردينغ/محمد فرحان