غير كافٍ أو مبالغ فيه! ـ انتقادات لموقف بايدن تجاه إسرائيل


أثار طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن من إسرائيل هذا الأسبوع تحسين الأوضاع الإنسانية في غزة ودعمُه لوقف إطلاق النار انتقادات حادة من حلفائه السياسيين الذين يقولون إن الرئيس لا يبذل ما يكفي من الجهد، ومن الخصوم الذين يقولون إنه بالغ وتجاوز الحد.

وهدد بايدن يوم الخميس، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن يجعل الدعم الأمريكي للهجوم الإسرائيلي على غزة مرهونا بخطوات ملموسة لحماية موظفي الإغاثة والمدنيين.

وردا على سؤال من رويترز الخميس عن سبب التغيير في موقف بايدن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إن الرئيس شعر بالصدمة جراء الهجوم الإسرائيلي الذي تسبب في مقتل سبعة من موظفي الإغاثة في مؤسسة “ورلد سنترال كيتشن”.

ضغوط من الديمقراطيين

وكانت هذه هي المرة الأولى التي يسعى فيها بايدن، الديمقراطي المؤيد بشدة لإسرائيل، إلى استغلال المساعدات الأمريكية كوسيلة للتأثير على السلوك العسكري الإسرائيلي. ويتعرض بايدن لضغوط كبيرة من الجناح اليساري في حزبه المطالب ببذل جهود أكبر لمعالجة الكارثة الإنسانية التي حاقت بالمدنيين الفلسطينيين بسبب الهجمات الإسرائيلية.

وقال السناتور الديمقراطي كريس فان هولين عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ لرويترز: “يجب ألا يكون هناك تصريح مطلق. يجب ألا يكون لدينا نمط تتجاهل فيه حكومة نتنياهو رئيس الولايات المتحدة ونكتفي بأن نرسل مزيداً من القنابل التي تزن ألفي رطل”.

وقال فان هولين، إن بايدن يجب أن يتحدث بمزيد من “الصراحة علانية” عما تتوقعه الولايات المتحدة من الحملة الإسرائيلية في غزة وأن يتبع نهجاً جديداً في مجلس الأمن بدلاً من مجرد عرقلة القرارات التي تنتقد إسرائيل.

الخلافات مع إدارة بايدن.. هل تصمد أمامها حكومة نتنياهو؟

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

وعبر سياسيون آخرون يساريو الميول عن شكاوى مماثلة، إذ قال بيرني ساندرز، السناتور المستقل الذي يتحالف مع الديمقراطيين، في برنامج (بود سيف أمريكا) وهو بث صوتي (بودكاست) واسع الانتشار على الإنترنت يوم الخميس: “في أحد الأيام يكون الرئيس ‘غاضبا’ من نتنياهو، وفي اليوم التالي يكون ‘غاضبا جدا’، وفي اليوم الذي يليه يكون ‘غاضبا جدا جدا’. فماذا إذن؟ وفي الوقت نفسه، هناك دعم لمزيد من المساعدات العسكرية (لإسرائيل) في مشروع قانون تكميلي”.

وأضاف ساندرز “لا يمكن الاستمرار في الحديث عن مخاوفك عن وضع إنساني في غزة، ثم تعطي نتنياهو 10 مليارات دولار أخرى، أو مزيدا من القنابل. لا يمكن فعل ذلك. هذا نفاق”.

وقال السناتور الديمقراطي كريس ميرفي إنه يجب التوصل إلى وقف لإطلاق النار على الفور. وأضاف  لقناة (إم.إس.إن.بي.سي) يوم الجمعة “لا أعتقد أن فتح معبر جديد إلى غزة يكفي”.

والجمعة وقعت النائبة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة، على رسالة موجهة من 36 عضوا ديمقراطيا في الكونجرس إلى بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، يطالبون فيها بوقف عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل. وقالوا في الرسالة “بالنظر إلى الضربة الأخيرة على موظفي الإغاثة والأزمة الإنسانية التي تزداد سوءا، نعتقد أنه من غير المبرر الموافقة على عمليات نقل الأسلحة هذه”.

وضغوط من الجمهوريين وعائلات الرهائن

رغم انتقاد عدد كبير من الديمقراطيين لبايدن بسبب عدم زيادة مطالبه لإسرائيل، ينتقد بعض الجمهوريين المؤيدين بوجه عام لتقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل، الرئيس الأمريكي بسبب ما يقولون إنه تغيير في موقفه تجاه إسرائيل.

وقال السناتور الجمهوري توم كوتون إن بايدن غير سياسته لزيادة فرص فوزه بفترة ثانية في الانتخابات الرئاسية. وأضاف كوتون على منصة إكس يوم الجمعة: “من أجل زيادة نسب تأييده في ميشيجان، عزز جو بايدن موقف حماس التفاوضي. لقد شجع حماس بشكل فعلي على الصمود وعدم إطلاق سراح الرهائن. هذا شيء مخز”.

وأعلنت لجنة القواعد بمجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون يوم الجمعة أنها ستدرس مشروع قرار “يعارض الجهود الرامية إلى ممارسة ضغوط أحادية الجانب على إسرائيل فيما يتعلق بغزة، بما يشمل الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار”.

واتهم النائب الجمهوري بريان ماست، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، بايدن في بيان “بمحاولة استرضاء مخبولي اليسار المتطرف من خلال مطالبة إسرائيل بقبول وقف إطلاق النار مع إرهابيين”، في إشارة إلى  حركة حماس ، التي تصنفها الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي ودول أخرى كمنظمة إرهابية.

من جانبها تقول عائلات الرهائن الذين احتجزتهم حماس إن الدفع باتجاه وقف لإطلاق النار دون إطلاق سراح ذويهم قد يكون أمراً خطيراً. وقالت أورنا نيوترا، والدة عومير نيوترا، في مؤتمر صحفي يوم الجمعة مع غيرها من عائلات الرهائن في مدينة نيويورك “وقف إطلاق النار دون اتفاق، أو حتى باتفاق جزئي، يمكن أن يكون بمنزلة حكم بالإعدام على ابننا والرهائن الآخرين”.

 

وفي سياق متصل قال مسؤول رفيع في إدارة بايدن لوكالة فرانس برس طلب عدم كشف هويته إن بايدن في اتصاله الهاتفي مع نتانياهو، “أوضح أنه يجب القيام بكل شيء لضمان إطلاق سراح الرهائن، بما في ذلك المواطنين الأمريكيين الذين يحتجزهم إرهابيو حماس منذ نحو ستة أشهر”. وأضاف المسؤول أن بايدن “كتب الجمعة رسالتين إلى الرئيس المصري وأمير قطر بشأن وضع المحادثات وحضهما على الحصول على التزامات من حماس بالموافقة على الاتفاق والالتزام به”.

مدى استجابة إسرائيل للضغوط الأمريكية 

ورفض البيت الأبيض توضيح كيف ستتغير السياسة الأمريكية إذا لم تستجب إسرائيل لمطالب بايدن، لكن بايدن أكد الجمعة أن اسرائيل تقوم بما طلبته منها الولايات المتحدة على صعيد إيصال المساعدات الى غزة. وسئل بايدن خلال مغادرته البيت الابيض عما إذا كان هدد خلال اتصاله بنتانياهو بوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل، فأجاب “لقد طلبت منهم القيام بما يقومون به” حاليا.

وتلقت إسرائيل مساعدات خارجية أمريكية أكثر من أي دولة أخرى منذ الحرب العالمية الثانية، لكن المساعدات السنوية تضاءلت بسبب التمويل والعتاد العسكري المتجه إلى أوكرانيا منذ الغزو الروسي في فبراير/شباط 2022.

وتحمي الولايات المتحدة إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، واستخدمت حق النقض (الفيتو) ضد ثلاثة من مشاريع القرارات المتعلقة بالحرب في غزة. 

وقال كينيث روث، المدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش والذي يعمل حاليا أستاذا في كلية الشؤون العامة والدولية بجامعة برينستون: “في غضون ساعات من تهديد بايدن بتعليق المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، يوافق نتنياهو على فتح معبر رئيسي للمساعدات الإنسانية إلى شمال غزة، حيث تنتشر المجاعة على نطاق واسع. كان بايدن يتمتع دائما بهذا النفوذ لكنه لم يستغله”.

ع.ح/ع.ج.م (رويترز، أ ف ب)

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اضف تعليق
Comments (0)
Add Comment