عُقد اجتماع الاثنين في القاهرة بين ممثّلي مصر وقطر، الدولتين الوسيطتين مع الولايات المتحدة، ووفد من حماس التي يُنتظر ردها على المقترح الذي تم التفاوض عليه بين إسرائيل ومصر، بعد أشهر من المناقشات غير المثمرة.
وغادر وفد حماس مصر وعاد إلى قطر “للتشاور بالأفكار والمطروح على المقاومة، ونحن معنيون بالرد بأسرع وقت ممكن”، وفق ما أفاد مصدر في الحركة وكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته.
وليل الاثنين على الثلاثاء (20 على 30 نيسان/أبريل 2024)، أفاد موقع قناة “القاهرة الإخباريّة” القريب من الاستخبارات المصريّة، بأنّ وفد حماس غادر القاهرة و”سيعود” إليها بـ”ردّ” مكتوب بشأن مقترح الهدنة الأخير في قطاع غزّة.
وطلب الرئيس الأمريكي جو بايدن من زعيمَي قطر ومصر “بذل كلّ ما في وسعهما” لتأمين إطلاق حركة حماس سراح رهائن في إطار المفاوضات الجارية للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزّة، حسبما قال البيت الأبيض الاثنين. وحضّ الرئيس الأمريكي الزعيمَين العربيّين المقرّبين جدا من الولايات المتحدة، على “بذل كلّ ما في وسعهما لتأمين إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس، لأنّ هذه هي العقبة الوحيدة أمام وقف فوري لإطلاق النار” في غزّة.
وقال وزير الخارجيّة البريطاني ديفيد كامرون خلال جلسة خاصة للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض إنّ هناك “عرضا سخيا جدا يتضمّن وقف إطلاق نار لمدة 40 يوما والإفراج المحتمل عن آلاف السجناء الفلسطينيين، في مقابل إطلاق سراح هؤلاء الرهائن” الإسرائيليين في غزة.
من جهته، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن “من الضروري للغاية أن يكون أي وقفٍ لإطلاق النار دائما وليس مؤقتا”، مضيفا “نحن نؤيد إطلاق سراح جميع الرهائن”.
قبيل ذلك، قال بلينكن في الرياض “أمام حماس اقتراح سخي جدا من جانب إسرائيل”، مضيفا “عليهم أن يقرروا، وعليهم أن يقرروا سريعا. آمل بأن يتخذوا القرار الصحيح”.
وبعد السعودية، يُتوقع أن يصل بلينكن إلى إسرائيل الثلاثاء، في إطار جولة جديدة في الشرق الأوسط تهدف إلى الدفع باتجاه التوصل إلى هدنة في القطاع الفلسطيني المحاصر والغارق في أزمة إنسانية كبيرة.
وأعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري عن “تفاؤله” حيال مقترح الهدنة الجديد في غزة، لافتا إلى أنه “أخذ في الاعتبار مواقف الجانبين وحاول استخلاص الاعتدال”.
من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحماس وعضو فريق التفاوض في الحركة زاهر جبارين “من المبكر الحديث عن أجواء إيجابية في المفاوضات”. وأضاف “الحركة تسلمت الرد الإسرائيلي وهي في طور التشاور من أجل الرد عليه”، مكررا شروط حماس وأبرزها “وقف إطلاق نار دائم والانسحاب من قطاع غزة، وعودة النازحين ووضع موعد زمني واضح في بدء الإعمار والتعويضات، والوصول إلى صفقة تبادل حقيقية ترفع الظلم عن أسرى وأسيرات الشعب الفلسطيني، خاصة أسرى غزة”.
وبحسب تقارير إعلامية، طالبت حكومة الحرب الإسرائيلية في البداية بالإفراج عن 40 رهينة محتجزين في غزة منذ بدء الحرب، لكنها سمحت لاحقا للمفاوضين بخفض هذا العدد.
وأشار موقع “أكسيوس” الإخباري الأمريكي إلى أن إسرائيل تطالب، لأسباب إنسانية، بالإفراج عن النساء، مدنيات وعسكريات، والرجال الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما أو من هم في حالة صحية سيئة.
وبحسب الموقع، تقول حماس إن 20 رهينة فقط يستوفون هذه المعايير. ويضيف أن عدد أيام الهدنة سيكون مساويا لعدد الرهائن المفرج عنهم.
ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
كاتس: سنعلق عملية رفح في حال الهدنة
وإلى جانب رفح، استهدفت غارات الاثنين مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة وكذلك مدينة غزة شمالا.
من جهته، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس من الرياض الأحد واشنطن إلى منع إسرائيل من شن هجوم بري على رفح، قائلا إن “أمريكا هي الدولة الوحيدة القادرة أن تمنع إسرائيل عن ارتكاب هذه الجريمة”.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس للقناة الثانية عشرة الإسرائيلية السبت “إذا كان هناك اتفاق (هدنة)، فسنعلق العملية في رفح”. وأضاف “إذا كان هناك إمكان للتوصل إلى اتفاق، سنفعل ذلك”. من جهة أخرى، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل اثنين من جنوده، ما يرفع إلى 263 حصيلة عسكرييه الذين قتلوا منذ اندلاع الحرب.
كما كرر الوزير الأمريكي معارضة بلاده هجوما إسرائيليا على مدينة رفح المكتظة جنوبي قطاع غزة والتي أصبحت مخيما ضخما للاجئين يؤوي ما يقرب من مليون ونصف مليون فلسطيني في ظروف صحية كارثية.
رغم استنكار كثير من العواصم والمنظمات الإنسانية، يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن الهجوم على رفح ضروري لتحرير الرهائن المحتجزين في غزة منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهزيمة حماس التي تقول إسرائيل إنها تُبقي أربع كتائب في هذه المدينة الحدودية مع مصر. في هذا الصدد، قال بلينكن في الرياض “لم نرَ بعد خطة تمنحنا الثقة في إمكان حماية المدنيين بشكل فعّال”.
حرارة الصيف بعد برد الشتاء
وبحسب السلطات الصحية والدفاع المدني، خلفت الغارات الإسرائيلية على عدد من المنازل 22 قتيلا خلال الليل في غزة التي تُقصف يوميا.
بعد تحملها برد الشتاء، تعاني العائلات النازحة حاليا الحرارة المرتفعة في نهاية نيسان/أبريل، في غياب المياه الجارية، وتحت أقمشة الخيام التي بالكاد تقيها أشعة الشمس.
وقالت رنين عوني العريان، وهي أم نازحة من مدينة خان يونس المجاورة، إن “المياه التي نشربها ساخنة”. وأوضحت لفرانس برس “لم يعد الأطفال قادرين على تحمل الحرارة ولدغات البعوض”، مشيرة إلى آثار اللدغات على وجه ابنها الرضيع.
بدورها وصفت النازحة في رفح حنان صابر (41 عاما) ما يعيشه النازحون بأنه “جحيم”. وفي تصريح لها عبر منصة إكس قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) الأسبوع الماضي “لا تزال النفايات تتراكم والمياه الجارية شحيحة”. وأضافت “كلما صار الطقس أكثر دفئا، يزداد خطر انتشار الأمراض”.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس في قطاع غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي إلى 34 ألفا و535 قتيلا و77 ألفا و704 مصابين منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
خ.س/ص.ش (أ ف ب، د ب أ)