وجهت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم الخميس (التاسع من مايو/أيار 2024) اتهامات لقوات الدعم السريع في السودان بارتكاب “تطهير عرقي” و”عمليات قتل” ضد جماعة المساليت العرقية الإفريقية في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
ونشرت المنظمة الحقوقية ومقرها في نيويورك تقريراً من 186 صفحة بعنوان “المساليت لن يعودوا إلى ديارهم: التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية في الجنينة”، في إشارة إلى ما تتعرض له المجموعة العرقية غير العربية الأبرز في غرب دارفور والتي تتخذ من مدينة الجنينة عاصمتها التاريخية.
ويوثّق التقرير، وفقاً لهيومن رايتس ووتش، “استهداف قوات الدعم السريع مع الميليشيات العربية لأحياء الجنينة التي تسكنها أغلبية من المساليت، في موجات متواصلة من الهجمات في الفترة من نيسان/أبريل إلى حزيران/يونيو، وتصاعد الانتهاكات مرة أخرى في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر”.
وبحسب التقرير فإنّ “الهجمات التي شنّتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور السودانية (…) أدّت إلى مقتل ما لا يقلّ عن آلاف الأشخاص وتركت مئات الآلاف لاجئين”، مشيرة إلى فرار أكثر من نصف مليون لاجئ من غرب دارفور إلى تشاد بين نيسان/أبريل وأواخر تشرين الأول/أكتوبر 2023، “75 % منهم من الجنينة”.
وأكدت المنظمة الحقوقية غير الحكومية، ومقرها نيويورك، أنّ ” استهداف المساليت وغيرهم من المجتمعات غير العربية (…) بهدف واضح هو دفعهم إلى مغادرة المنطقة بشكل دائم، يشكّل تطهيراً عرقياً”.
ونقل التقرير عن المديرة التنفيذية للمنظمة الحقوقية تيرانا حسن قولها “إن السياق الخاص الذي وقعت فيه عمليات القتل الواسعة النطاق يثير أيضا احتمال أن تكون لدى قوات الدعم السريع وحلفائها نية تدمير المساليت كليا أو جزئيا في غرب دارفور على الأقل، ما قد يشير إلى أن إبادة جماعية حدثت أو تحدث هناك”.
وأضافت المنظمة في تقريرها أنّ “احتمال ارتكاب جرائم إبادة جماعية في دارفور يتطلب تحركاً عاجلاً من جميع الحكومات والمؤسسات الدولية لحماية المدنيين، وينبغي لها ضمان التحقيق في ما إذا كانت الوقائع تظهر نيّة محددة من جانب قيادة قوات الدعم السريع وحلفائها لتدمير المساليت وغيرهم من المجتمعات العرقية غير العربية في غرب دارفور”. وناشدت حسن “الحكومات والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة التحرك الآن لحماية المدنيين”.
وبحسب تقرير هيومن رايتس ووتش فإنّ العنف “بلغ ذروته بمذبحة واسعة النطاق في 15 حزيران/يونيو 2023، عندما فتحت قوات الدعم السريع وحلفاؤها النار على قافلة من المدنيين الذين كانوا يحاولون الفرار ويمتدّ طولها لكيلومترات، برفقة مقاتلين من المساليت”.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر قامت قوات الدعم السريع، بحسب التقرير، مجدّداً بـ”استهداف المساليت (..) الذين لجأوا إلى ضاحية أردماتا بالجنينة، واعتقلت رجالا وأولادا، وقتلت ما لا يقلّ عن ألف شخص، وفق الأمم المتحدة”.
كذلك، وثّقت هيومن رايتس ووتش من جهة أخرى قيام المساليت بقتل بعض السكان العرب في دارفور ونهب أحيائهم السكنية، وطلبت من المجتمع الدولي أن “يدعم التحقيقات التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية (…) لتمكينها من الاضطلاع بمهمتها في دارفور وفي مختلف أجندتها”.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية باشرت في 14 تموز/يوليو تحقيقاً حول جرائم حرب محتملة في دارفور ولا سيّما أعمال عنف جنسية واستهداف مدنيين استناداً إلى انتمائهم العرقي.
وبدأت أعمال العنف في الجنينة بعد تسعة أيام من اندلاع الحرب في السودان في 15 نيسان/أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو. وأدّت هذه الحرب حتى اليوم إلى سقوط آلاف القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.
كذلك، دفعت الحرب البلد البالغ عدد سكانه 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمّرت البنى التحتية المتهالكة أصلا، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8,5 ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة.
ع.ج.م/م.س (أ ف ب)