كتائب القسام.. ما هي مصادر التمويل والتسليح؟ | سياسة واقتصاد | تحليلات
بعد أيام من هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي، خرج صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، ليصف الهجوم بما يتناقض مع روايات شهود العيان.
ونقلت قناة الجزيرة عن العاروري قوله إن “الخطة العسكرية لكتائب القسام كانت هي استهداف فرقةغزة من جيش الاحتلال، وقتال جنود الاحتلال فقط، وكان لدينا معلومات أن الاحتلال يرتب لشن هجوم علينا بعد الأعياد العبرية.”
وقال العاروري إن حوالي 1200 عضو من كتائب القسام شاركوا في الهجوم، نافيا استهداف المدنيين خلال الهجوم حيث قال إن “هناك أفراد عاديون من غزة تمكنوا من دخول المستوطنات وأسر مدنيين ولكن هذا لم يكن ضمن خطتنا”.
لكن العاروري لم يوضح أسباب تمركز عدد قليل جدا من الجنود الإسرائيليين بالقرب من غزة لتأكيد طرحه بأنه كان هناك هجوما مخططا ضد حركة حماس، التي هي مجموعة فلسطينية إسلاموية مسلحة، يصنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها مجموعة إرهابية.
من هو زعيم كتائب القسام؟
يعد العاروري أحد مؤسسي كتائب القسام، لكنه يعيش في المنفى منذ أكثر من عشر سنوات فيما يتولى قيادة الكتائب محمد ضيف الذي يُعتبر “شخصية غامضة” حيث لا يعرف مكانه منذ أكثر من عشرين عاما نظرا لأن اسمه يتصدر قائمة “المطلوبين” في إسرائيل فيما تصنفه واشنطن منذ 2015 كـ “إرهابي دولي”.
ويرأس الضيف كتائب القسام منذ عام 2002 ويعتقد أنه العقل المدبر للعديد من الهجمات الإرهابية البارزة على إسرائيل. يعاني من أضرار بدنية كبيرة بعد محاولة اغتيال قام بها الجيش الإسرائيلي عام 2006.
تأسست كتائب القسام عام 1992 وحسب موقع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) يتراوح عدد مقاتليها بين 20 و25 ألفا، لكن من الصعب تحديد عدد مسلحي القسام من مصدر مستقل. وفي الهجوم الأخير تم اختطاف مدنيين ويقدر عدد الرهائن المدنيين الذين تحتجزهم حماس بنحو 240 رهينة بعضهم أجانب.
ويعود اسم الجناح العسكري لحماس إلى رجل الدين عز الدين القسام الذي ولد عام 1882 في سوريا حيث كان يرى أن الطريقة الوحيدة لطرد القوى الاستعمارية الأوروبية من الشرق الأوسط هي العنف، وقد تم اغتياله على يد الشرطة البريطانية عام 1935.
شاركت كتائب القسام في بناء شبكة أنفاق واسعة تحت قطاع غزة تم استخدامها لشن هجمات علىإسرائيل في الماضي. وفي عام 2006، استخدم مقاتلوها الأنفاق لاختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط قرب حدود غزة.
وخلال العملية الإسرائيلية ضد حركة حماس عام 2014 والتي دامت سبعة أسابيع، تمكنت كتائب القسام من شن هجوما على إسرائيل بحرا حيث وصل أربعة من مقاتليها إلى الشاطئ وهاجموا دبابة إسرائيلية، لكنهم قتلوا في المواجهات.
العلاقة مع إيران
تحظى حماس بدعم كبير من إيران فيما يحصل جناحها العسكري على دعم مالي وتكتيكي من طهران. وكشف ممثل حماس في إيران خالد القدومي عن هذا الدعم خلال مقابلة مع موقع “المونيتور” عام 2021، قائلا: “ساعدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية كثيرا في نقل المعرفة والخبرة من جهة، ونقل الصواريخ من جهة أخرى، مما ساعد حماس على الاعتماد على قدراتها المحلية لإنتاج مثل هذه التكنولوجيا المتقدمة”.
ويقول ميشائيل ميلشتاين، الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية والباحث في مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بجامعة تل أبيب، إن هذا الدعم من إيران زاد خلال العقد الماضي. يضيف في مقابلة مع المانيا اليوم أن إيران تساعد في تدريب عناصر كتائب القسام بما يشمل “القناصة والأفخاخ المتفجرة والمظليين.. كل ما واجهناه في 7 أكتوبر”.
ومن الصعب أن نعرف بالضبط كيف يتم تمويل كتائب القسام، لكن ميلشتاين يرى أن إيران تلعب أيضا دورا في التمويل “نتحدث عن مبالغ ضخمة من الأموال التي تقدمها إيران لحماس وبشكل رئيسي إلى الجناح العسكري بما قد يصل إلى 100 مليون دولار (94 مليون يورو) خلال العامين أو الثلاثة الماضية”.
ويقول خبراء إن العملات الرقمية المشفرة ربما لعبت دورا في تمويل كتائب القسام، إذ طلبت الأخيرة من أنصارها عبر حسابها على موقع “تليغرام” عام 2019 إرسال تبرعات باستخدام البيتكوين. فيما أعلنت إسرائيل عقب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي تجميد حسابات خاصة بالعملات المشفرة بسبب ارتباطها بحماس. وأضافت السلطات الإسرائيلية أن حماس دشنت دعوة أخرى لجمع التبرعات عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وفي عام 2019، فرضت الخزانة الأمريكية عقوبات على شخصيات تعيش في لبنان وغزة بسبب كونهم “ميسرين ماليين” ينخرطون في ربط إيران وكتائب القسام فيما قالت الولايات المتحدة إن حزب الله، الذي أدرج الاتحاد الأوروبي جناحه العسكري على قائمة الإرهاب، لعب أيضا دورا في العملية.
التسليح؟
استخدمت حماس في هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي صواريخ ومسيرات وأسلحة صغيرة وأطلقت رشقات صاروخية على إسرائيل. وهو ما يسلط الضوء على تسليح كتائب القسام، فيما يُعتقد أنها مازالت تمتلك العديد من الأسلحة، لكن العدد الدقيق للصواريخ غير معروف. ويقول ميلشتاين إن العديد من الأسلحة يتم تهريبها إلى قطاع غزة وغالبا بمساعدة حزب الله أو عبر سوريا.
وفي مقابلة مع قناة المياديين المقربة من حزب الله، قال الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” زياد النخالة إن الأسلحة التقليدية تصل إلى حركته بشكل رئيسي عبر حزب الله وعبر سوريا، مضيفا أن جميع أعضاء ما يُطلق عليه “محور المقاومة” يلعبون دورا إذ يتم التهريب برا أو بحرا أو من عن طريق الأنفاق، على حد قوله.
وتدرج الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “الجهاد الإسلامي” على قائمة المنظمات الإرهابية.
وأشار معهد القدس للدراسات الاستراتيجية والأمن إلى أن نخالة قال في مقابلته إن هناك معسكرات تدريب خاصة في سوريا حيث يتعلم مسلحو حماس كيفية بناء الصواريخ.
وقال مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية إن عناصر كتائب القسام يستخدمون المدنيين “كدروع بشرية” من أجل حماية مقاتليها وترساناتها من الأسلحة، فيما يبدو أن المستشارين الإيرانيين قد اقترحوا هذا الأسلوب على الحركة.
وفي ذلك، قال باحثون إسرائيليون إن هذا التكتيك متعمد من قبل مسلحي حماس من أجل تشويه سمعة الجيش الإسرائيلي وجعله يبدو وكأنه يتصرف بشكل غير متناسب ويقتل المدنيين عمدا.
كرستين كنيب / م. ع