الحرب بين إسرائيل وحماس تطغى على الملف النووي الإيراني | سياسة واقتصاد
في ظلّ استبعاد إيران لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووقف كاميرات المراقبة، يقول دبلوماسي كبير إنّ “الصورة قاتمة، لكنّ الحقيقة هي أنّه في الوقت الحالي، لا أحد يريد إثارة ردّ فعل من قبل إيران في سياق الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية”.
ودانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث (ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة)، خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الأسبوع في مقرّ الوكالة في فيينا، عدم التعاون من قبل طهران. غير أنّها امتنعت عن تقديم قرار ملزم بهذا الشأن.
مع ذلك، تقول السفيرة الأمريكية لورا هولغايت إنّ “حدوداً غير مسبوقة تمّ تخطّيها”. كذلك، تعرب باريس على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية آن كلير لوجندر، عن “قلق خاص إزاء التصعيد النووي غير المبرّر على الإطلاق”.
من جهة أخرى، تتباطأ الجمهورية الإسلامية في إعادة تركيب كاميرات المراقبة التي كانت قد أوقفت عملها العام الماضي. والأهم من ذلك، أنّها سحبت مؤخراً تصاريح عمل مجموعة من المفتّشين. وطال هذا القرار ثمانية فرنسيين وألمان، حسبما أوضح الدبلوماسي الكبير. وكان قد تمّ وقف عمل مفتّش تاسع روسي الجنسية في وقت سابق من العام، لكشفه عن تعديل فنّي في سلسلة أجهزة الطرد المركزي، أدى إلى ذروة التخصيب بنسبة 84 في المئة وهو رقم قياسي.
وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي الذي يضاعف منذ أشهر جهوده غير المثمرة، الأربعاء (22/11/2023) ، إنّ هذه الإجراءات شكّلت “ضربة قوية” لعملنا. يقول أحد الدبلوماسيين “يتطلّب الأمر شخصين لرقصة تانغو”. ويضيف أنّ إيران “تشعر بجرأة” أكبر في مواجهة “لامبالاة” الدول الغربية. كما أنّها تستفيد من “حماية” موسكو على خلفية تعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.
على أرض الواقع، تبقى النتائج التي توصّلت إليها الهيئة الأممية واضحة. وتفيد بأنّ إيران تملك حالياً 128,3 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المئة، وفقاً لآخر تقرير. ويعني ذلك نظرياً أكثر بثلاث مرّات من المادة الضرورية نظرياً لصنع قنبلة ذرية عند مستوى 90 في المئة. وتنفي فيه إيران رغبتها في امتلاك أسلحة نووية.
ومن جهتها، ترى كيلسي دافنبور الخبيرة في جمعية الحد من الأسلحة، أنّ “إحجام مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمرٌ مفهوم”، موضحة أنّ “هذه حالة تتفوّق فيها القضايا الجيوسياسية على المسائل المرتبطة بعدم الانتشار”.
ويخشى المجتمع الدولي من امتداد الصراع إلى الحدود بين لبنان وإسرائيل التي تشهد تبادلاً لإطلاق النار بشكل يومي، وحتّى إلى أبعد من ذلك في المنطقة، في ظلّ وجود مجموعات موالية لإيران الداعم الرئيسي لحركة حماس الفلسطينية.
وتؤكّد هيلواز فاييه الباحثة في مركز الدراسات الأمنية التابع للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أنه “بالنظر إلى أننا لا نعرف درجة الترابط التي تحافظ عليها طهران مع هذه الجماعات”، فإنّ القادة الغربيين حريصون على “اتخاذ أكبر قدر ممكن من الاحتياطات”.
من جهتها، تشدّد لوجندر على أنّه رغم أنّ الدبلوماسية الفرنسية تضمن إدارة “الأزمات بشكل منفصل”، إلّا أنها تؤكّد أيضاً الحاجة لـ”التعامل مع أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة”. وتضيف “إننا نعمل في هذا الاتجاه لتفادي اندلاع حريق إقليمي”.
مع ذلك، تشير دافنبور إلى أنّ التقاعس الذي لوحظ في فيينا حتى قبل الصراع الحالي، “يرسل رسالة خاطئة إلى طهران وإلى جميع أولئك الذين يطمحون إلى امتلاك أسلحة نووية”. ويأتي ذلك فيما يعود القرار الأخير الصادر ضدّ طهران إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
وتقول دافنبور “في مواجهة التوترات الإقليمية المتصاعدة وإيران التي باتت على وشك الحصول على قنبلة نووية… تخاطر الولايات المتحدة وإسرائيل بإساءة الحكم على نوايا طهران النووية”، داعية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى بذل كلّ ما في وسعها للخروج من المأزق.
ع.ج.م/و.ب (أ ف ب)