بوادر استعداد لهدنة جديدة بين إسرائيل وحماس
ذكر تقرير إعلامي أن إسرائيل عرضت وقف القتال في غزة لمدة أسبوع على الأقل في مفاوضات حول إطلاق سراح المزيد من الرهائن من القطاع. وقال موقع أكسيوس الإخباري الأمريكي، أمس الثلاثاء (19 ديسمبر/كانون الأول 2023)، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين و”مصدر مطلع”، أن إسرائيل تتوقع من حركة حماس إطلاق سراح أكثر من ثلاثين رهينة في المقابل.
وفي وقت سابق الثلاثاء أشار الرئيس الاسرائيلي اسحاق هرتسوغ إلى احتمال وقف القتال من جديد. وقال هرتسوغ للدبلوماسيين، وفقا لمتحدث باسمه: “إسرائيل مستعدة لهدنة إنسانية أخرى ومساعدات إنسانية إضافية لتمكين إطلاق سراح الرهائن”.
وتم تقديم اقتراح إسرائيل بوقف إطلاق النار لمدة أسبوع على الأقل مقابل إطلاق سراح حوالي 40 رهينة عبر الوسيط القطري، وفقا لما ذكره موقع أكسيوس. وقال الموقع الإخباري إنه سيتم إطلاق سراح من تبقى من النساء والرجال الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما والرهائن الآخرين الذين ما زالوا محتجزين في غزة والذين يعانون من مرض أو إصابات خطيرة وبحاجة ماسة إلى المساعدة الطبية. وهذا هو أول اقتراح لإسرائيل منذ انتهاء وقف لإطلاق النار الشهر الماضي استمر أسبوعا، وفقا لما ذكره موقع أكسيوس.
وفي هذا السياق وصل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية الأربعاء إلى مصر لبحث وقف إطلاق نار في غزة، وفق بيان للحركة. ومن المنتظر أن يعقد هنية والوفد القيادي المرافق له عدداً من اللقاءات، أبرزها مع مدير المخابرات المصرية عباس كامل للبحث في “وقف العدوان والحرب تمهيدا لصفقة التبادل وإنهاء الحصار على قطاع غزة”، على ما أفاد مصدر في حماس وكالة فرانس برس.
وأوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خلال لقاء مع عائلات الرهائن أنه أوفد مؤخرا “مرّتين مدير الموساد إلى أوروبا لتنشيط مسار الإفراج عن الرهائن” المحتجزين لدى حماس وفصائل فلسطينية مسلّحة أخرى. وقال “واجبنا هو إعادتهم جميعا”.
وتطالب حماس بوقف المعارك كشرط مسبق لأي تفاوض بهذا الشأن. وشددت حركة الجهاد الإسلامي الضغط الثلاثاء بنشرها مقطع فيديو قالت إنّه لرهينتين على قيد الحياة تحتجزهما في غزة، داعية إلى تسوية تسمح لهما بالعودة إلى إسرائيل.
يشار إلى أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي هما مجموعتان فلسطينيتان مسلحتان إسلامويتان، تصنفهما ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنهما منظمتان إرهابيتان.
التطورات الميدانية
ميدانيا، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل ضابط احتياط برتبة كابتن ، في معارك ضد حركة “حماس”، لترتفع بذلك حصيلة القتلى في الهجمات البرية ضد الحركة إلى 133. وأضاف الجيش الإسرائيلي أن الضابط يدعى ليور سيفان”، حسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” اليوم الأربعاء (20 ديسمبر/كانون الأول 2023). كما أعلن الجيش إصابة جندي آخر بجروح خطيرة.
وواصل الجيش الإسرائيلي الثلاثاء قصفه وعملياته البرية في غزة، على الرغم من ضغوط دولية تلحّ على حماية المدنيين في القطاع الفلسطيني المحاصر. وأفادت مصادر في حكومة حماس الأربعاء عن قصف إسرائيلي على رفح وخان يونس (جنوب) ودير البلح (وسط) تسبب بسقوط 11 قتيلا على الأقل بحسب تقديرات أولية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه “يوسع نطاق عملياته ويعمقها” في خان يونس. كما أعلن الجيش العثور على متفجرات في مركز طبي في الشجاعية في ضواحي مدينة غزة، وتدمير أنفاق لحماس وقتل كوادر في الحركة في عمليات نفّذها مؤخراً.
مفاوضات في مجلس الأمن
من جهة أخرى، تتواصل مفاوضات شاقة الأربعاء في الأمم المتحدة، حيث يعجز مجلس الأمن منذ الإثنين عن إصدار قرار يدعو إلى تعليق” الأعمال القتالية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وكان من المقرر التصويت على مشروع القرار الإثنين، لكن تم إرجاء العملية للمرة الثالثة إلى الأربعاء،فيما يبحث أعضاء المجلس عن صيغة تسمح لهم بتجنب مواجهة طريق مسدود جديد، بعد فيتو أميركي سابق. وبعدما كان النص يدعو في نسخته الأصلية إلى “وقف عاجل ودائم للأعمال الحربية”، بات يكتفي بالدعوة إلى “تعليق” المعارك.
وعلى الرغم من الفيتو الأميركي، باشرت الإمارات، متسلحة بتأييد الأغلبية الساحقة في الجمعية العامة لوقف إطلاق النار، معركة جديدة في المجلس “للذهاب أبعد قليلا” من قرار تشرين الثاني/نوفمبر، وفق ما أوضحت سفيرتها لدى الأمم المتحدة لانا زكي نسيبة. وتدعو النسخة الأخيرة من مشروع القرار التي اطلعت عليها وكالة فرانس برس وما زال من الممكن تعديلها، إلى “وقف عاجل للأعمال القتالية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية على نحو آمن ومن دون عوائق، وإلى اتخاذ تدابير عاجلة من أجل وقف دائم للأعمال القتالية”. وهي صياغة تعتمد مقاربة أخف لهجة من النسخة السابقة التي دعت إلى “وقف عاجل ودائم للأعمال القتالية”.
وفي حين تعارض إسرائيل وحليفها الأميركي فكرة “وقف إطلاق النار”، فإن صياغة الدعوة إلى وقف المعارك هي محور الانقسامات في المجلس منذ أكثر من شهرين، ما بين “توقف” أو “هدنة” أو “وقف إطلاق نار لأسباب إنسانية”، وما زالت إحدى النقاط الرئيسية في المفاوضات الجارية. و قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميللر الثلاثاء “سنؤيد قراراً يدعم بشكل كامل تلبية الاحتياجات الإنسانية لسكان غزة، لكن … التفاصيل هي الأهم”.
المساعدات الإنسانية
وأفاد تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، صدر الأربعاء، أن نصف سكان القطاع يعانون من الجوع الشديد أو الحاد وأن 90 بالمئة منهم يحرمون بانتظام من الطعام ليوم كامل. وبالرغم من دخول 127 شاحنة مساعدات وبضائع إلى القطاع الثلاثاء من خلال معبري رفح مع مصر وكرم أبو سالم في شمال إسرائيل، إلا أن هذه الإمدادات لا تكفي إطلاقا لتلبية أبسط حاجات السكان. وذكر التقرير أن 10 بالمئة فقط من المواد الغذائية الضرورية حاليا دخلت إلى قطاع غزة خلال الأيام السبعين الأخيرة.
وحذر متحدث باسم اليونيسف الثلاثاء من أنه “بدون مياه الشرب والطعام والمرافق الصحية التي لا يوفرها سوى وقف إطلاق نار إنساني، فإن وفيات الأطفال نتيجة الأمراض قد تتخطى عدد الذين قتلوا في القصف”.
ويتزايد القلق من اتّساع نطاق النزاع في الشرق الأوسط. ففي شمال إسرائيل على الحدود مع لبنان، أصيب عنصران من جنود الاحتياط بجروح طفيفة في إطلاق نار من جنوب لبنان، بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي الذي أكّد أنّه قصف مواقع لحزب الله.
وفي اليمن، توعد الحوثيون المدعومون من إيران بمواصلة هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر “دعما لغزة”. وحذر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الثلاثاء من أن هذه الهجمات “تهدد التدفق الحر للتجارة وتعرض البحارة الأبرياء للخطر”، خلال اجتماع عبر الفيديو مع وزراء وممثلين من 43 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، “لمناقشة التهديد المتزايد للأمن البحري في البحر الأحمر”.
ف.ي/ح.ز (د ب ا، رويترز، ا ف ب)