احتجاجات غاضبة.. لماذا يشل المزارعون حركة المرور في ألمانيا؟
انطلق أسبوع احتجاجات المزارعين الألمان باستخدام عشرات آلاف الجرارات، وهذا له بالتالي آثار خطيرة على حركة المرور. وخلال الأيام المقبلة، يريد المزارعون في جميع أنحاء البلاد إغلاق المنافذ المؤدية إلى الطرق السريعة، وشل حركة المدن الداخلية بطوابير بطيئة من الجرارات.
بدأ التحرك في العديد من المدن والمناطق في الصباح الباكر من يوم الإثنين (8 يناير/كانون الثاني). وفي العاصمة برلين، تجمع مئات المزارعين بجراراتهم في مسيرة مركزية عند بوابة براندنبورغ التاريخية. ووفقا للشرطة في ولايات أخرى مثل بافاريا وبراندنبورغ وشمال الراين وستفاليا، كانت هناك بالفعل “اضطرابات مرورية كبيرة” في بعض الأماكن. وجرى إغلاق الطرقات، ولا يمكن استخدام بعض الشوارع إلا في اتجاه واحد. ومن المتوقع أن تبلغ الاحتجاجات ذروتها في مسيرة كبيرة تنظم في برلين يوم 15 يناير/ كانون الثاني.
ما سبب الاحتجاجات؟
يحتج المزارعون ضد سياسات التقشف التي تتبعها الحكومة الاتحادية. هذا التقشف بات ضروريا بعد الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية الاتحادية بخصوص الميزانية. وكانت الخطة الأصلية للحكومة تتمثل في إلغاء التخفيض الضريبي على الديزل المخصص للزراعة، وإلغاء الإعفاء من ضريبة المركبات على المركبات الزراعية ومركبات الغابات. وكان هذا من شأنه أن يوفر للحكومة الاتحادية حوالي مليار يورو.
وقد خرجت احتجاجات ضد الخطة في ديسمبر/كانون الأول، وقامت الحكومة بإلغاء جزء من خطة التقشف، وحافظت بالتالي على بعض الدعم للمزارعين. التعديل الجديد ينص على إلغاء الخصم الضريبي على الديزل تدريجيا خلال ثلاث سنوات. بحيث لن يكون هناك أي دعم للديزل اعتبارا من عام 2027. ووفقا لوزارة الزراعة الاتحادية، ستخسر الشركة متوسطة الحجم حوالي 1000 يورو من مساعدات الديزل الحكومية في عام 2024. كما تضمن التعديل استمرار الإعفاء من ضريبة المركبات.
رئيس اتحاد المزارعين يواخيم روكفيد يرى أن الامتيازات لا تزال غير كافية، وقال “في النهاية، هذا يعني الموت بالتقسيط” وأضاف “هذا غير مقبول. يجب إعادة” الدعم.
كيف هو وضع المزارعين في الواقع؟
الجواب باختصار: في الواقع جيد جدا. حتى أن صحيفة “الزراعة اليوم” تحدثت عن “أرباح قياسية” خلال السنة المالية الماضية. ويوضح اتحاد المزارعين الألمان أيضا أن نتائج التشغيل وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وقال التقرير السنوي للاتحاد: “بعد سنوات عديدة من الضعف، تحسن الوضع الاقتصادي للشركات (الزراعية) بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين”. وحققت الشركات بدوام كامل نتيجة مؤسسية قدرها 115.400 يورو لكل معمل – بزيادة قدرها 45 بالمائة مقارنة بالعام السابق. واستفاد المزارعون في المقام الأول من ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ولا يزال رئيس اتحاد المزارعين روكفيد متشككا بشأن المستقبل، ويقول لصحيفة “تاغسشبيغل” إن أسعار المنتجات ستنخفض مرة أخرى. فعلى سبيل المثال، انخفض سعر لتر الحليب من أعلى مستوى له وهو 60 سنتا إلى 40 سنتا. ومن ناحية أخرى، ستستمر تكاليف الأجور في الارتفاع.
من يشارك في الاحتجاجات؟
هناك خشية لدى السياسيين ومكتب الشرطة الجنائية الاتحادية من احتمال انضمام المتطرفين أيضا إلى احتجاجات المزارعين. وقد دعت بالفعل أحزاب ومجموعات يمينية مما يعرف بـ”التفكير الجانبي” إلى المشاركة. حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي، والذي يصنف فرعه في ولاية تورينغن كيميني متطرف، دعا إلى “إضراب عام” ضد “مدمري الثروة”. كما شارك في الدعوات الحزب اليميني المتطرف الصغير “الطريق الثالث” ومبادرة “واحد بالمئة” اليمينية الجديدة.
ومنعت حشود غاضبة نائب المستشار ووزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك وركاب آخرين من مغادرة عبّارة الأسبوع الماضي. وكان المتطرفون اليمينيون قد حرضوا في السابق ضد السياسي المنتمي لحزب الخضر.
ونأى اتحاد المزارعين بنفسه صراحة عن هذا الأمر. وقال في بيان على موقع إنستغرام: “الجماعات اليمينية المتطرفة وأصحاب نظريات المؤامرة وغيرهم من المتطرفين ليس لهم مكان هنا”. وفي مقابلة مع صحيفة “بيلد أم زونتاغ”، قال رئيس اتحاد المزارعين روكفيد: “نحن ديمقراطيون وإن كان هناك تغيير سياسي، فيجب أن يحدث من خلال التصويت في حجرة الاقتراع”.
وفي مقابلة مع إذاعة دويتشلاندفونك، دعا ماتياس كفينت، الباحث في مجال التطرف في ماغديبورغ، إلى مزيد من النأي بالنفس عن هذا الخطر. ويجب على المزارعين، برأيه، أن يميزوا أنفسهم ليس لفظيا فحسب، وإنما من خلال اللافتات والشعارات التي يرفعونها خلال المظاهرات عبر الملصقات ورموز قوس قزح.
أعده للعربية: ف.ي