هابيك: لا ينبغي التسامح مع معاداة السامية بأي شكل من الأشكال | سياسة


يبلغ طول الفيديو الذي نشره وزير الاقتصاد الألماني ونائب المستشار روبرت هابيك (حزب الخضر) على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، مساء الأربعاء (الأول من نوفمبر/تشرين الثاني) عشر دقائق تقريبًا. وبالنظر إلى المحتوى الذي تضمنه الفيديو كان من الممكن أيضا أن  يتم بثه على شاشة التلفزيون في أوقات الذروة، لأنه خطاب كان موجها للشعب وللأمة.

يتعلق الأمر في هذا الفيديو بألمانيا وإسرائيل ومعاداة السامية، التي أصبحت   أكثر انتشارا في ألمانيامنذ الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، ورد الفعل العسكري الإسرائيلي عليه. هابيك وجه رسالة واضحة مفادها “لا ينبغي التسامح مع معاداة السامية بأي شكل من الأشكال..”.

معاداة السامية “الإسلاموية” ومعاداتها “الراسخة” في ألمانيا

قال هابيك في الفيديو إن “حجم المظاهرات الإسلاموية في برلين ومدن أخرى في ألمانيا غير مقبول، ويحتاج إلى رد سياسي صارم”. وفي الوقت نفسه، يجب على الجمعيات الإسلامية، حسب هابيك، أن تنأى بنفسها بشكل أكثر وضوحًا وبأعداد أكبر عن أعمال حماس وعن معاداة السامية. وأضاف بهذا الخصوص “لقد نأى البعض بنفسهم بشكل واضح عن تصرفات حماس ومعاداة السامية وسعوا إلى الحوار. ولكن ليس كلهم، فبعضهم متردد للغاية، وأعتقد، بشكل عام، أن عددهم قليل جدًا”.

ولا تعترف حماس بدولة إسرائيل وتقول إنها تريد تدميرها. وتصنف ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض الدول العربية حماس كمنظمة إرهابية.

وفي حديثه عن معاداة السامية لا يقتصر هابيك في هذا الفيديو على المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا. بل يشكو أيضا من معاداة السامية “الراسخة” في ألمانيا وخاصة من أقصى اليمين واليسار في الطيف السياسي بالبلاد.

وبدون تسميتهم بشكل صريح، يتهم هابيك حزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني الشعبوي، بمعاداة اليهود، عندما قال “فقط لأسباب تكتيكية محضة يبدي اليمين المتطرف الآن تحفظا حتى يتكمن من التحريض ضد المسلمين”. ويضيف هابيك “بالمقابل وفي أجزاء من اليسار، هناك خلط بين معاداة الاستعمار ومعاداة السامية. وهنا من المهم “التحقق من الحجة وعدم الثقة في رواية المقاومة العظيمة. حماس هي جماعة إرهابية قاتلة تناضل من أجل القضاء على دولة إسرائيل وموت جميع اليهود”.

اعتبار إسرائيل مصلحة وطنية لم يكن أبدا “حبرا على ورق”

شغل مصطلح “مصلحة وطنية ” حيزا كبيرا في الفيديو. ويقول هابيك إن اعتبار أمن إسرائيل  “مصلحة وطنية ألمانية” لم يكن أبدًا مجرد حبر على ورق، ولا ينبغي أن يكون كذلك. مضيفا “هذه العلاقة الخاصة مع إسرائيل تأتي من مسؤوليتنا التاريخية: جيل أجدادي هو من كان يريد تدمير الحياة اليهودية في ألمانيا وأوروبا “.

لذلك فإن ألمانيا ملزمة بالمساعدة على الوفاء بوعد حماية إسرائيل، والذي جاء مع تأسيس دولة إسرائيل. ويدخل ضمن ذلك، تمكين اليهود في ألمانيا من العيش “بحرية وأمان”، لكن هابيك يضيف، بأن الخوف عاد مجددا، لدرجة أن اليهود باتوا يتجنبون الكشف عن دينهم.

زيارة للمجتمع اليهودي في فرانكفورت

وتحدث هابيك أيضا عن بعض اللقاءات التي ألهمته على ما يبدو، لنشر هذا الفيديو، منها لقاء مع المجتمع اليهودي في فرانكفورت. ويوضح هابيك ذلك بالقول “في محادثة مكثفة ومؤلمة، أخبرني ممثلو المجتمع أن أطفالهم يخشون الذهاب إلى المدرسة ولم يعودوا يذهبون إلى الأندية الرياضية وأنهم وبناء على نصائح والديهم يتركون قلادة نجمة داود في المنزل. اليوم هنا، في ألمانيا، بعد مرور ما يقرب من 80 عامًا على المحرقة”. وبالنسبة لهابيك فهذا وضع لا يطاق.

ويشير هابيك أن معاداة السامية تتجلى في التهديدات والاعتداءات وكذلك في المظاهرات. وعلى عكس ما يدعي البعض، فهذه المظاهرات ليست محظورة في ألمانيا، لكن حرية التعبير لها حدود يشدد هابيك، ويضيف بهذا الخصوص “حرق الأعلام الإسرائيلية يعد جريمة جنائية، ونفس الأمر ينطبق على الإشادة بإرهاب حماس. وأي شخص ألماني قام بذلك يتعرض للمحاكمة وأي شخص غير ألماني يخاطر بحقه في الإقامة. ومن ليس لديه تصريح إقامة، فإنه بذلك يقدم سببًا للترحيل عن البلاد”.

يوضح هابيك أن المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، مثل هذه المظاهرة التي نظمت في 28 أكتوبر 2023 في برلين، ليست محظورة في ألمانيا، لكن “حرق الأعلام الإسرائيلية” و”الإشادة بإرهاب حماس” هو المحظور

“لا يمكننا أن نكون حساسين بما فيه الكفاية عندما يتعلق الأمر بكراهية اليهود”

يرى هابيك أن المستوى العالي من الحساسية التي تسود في المجتمع الألماني عندما يتعلق الأمر بالتطرف اليميني وكراهية الأجانب، يفتقدها عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن حقوق المواطنين اليهود. ويوضح بالقول “بينما تكون هناك موجات  تضامن كبيرة وسريعة، على سبيل المثال، عندما تحدث هجمات عنصرية، فإن التضامن مع إسرائيل يتلاشى بسرعة “.

ويشير هابيك إلى أن التطرق  للسياق التاريخي في الشرق الأوسط، سرعان ما يتحول إلى التقليل من شأن الأمور، بشكل غير عادل. ويضيق نائب المستشار الألماني “من المؤكد أننا غالبًا ما نواجه قدرًا كبيرًا من الغضب في ثقافة النقاش لدينا. ولكن هنا لا يمكننا أن نكون غاضبين بما فيه الكفاية. ما نحتاجه الآن هو الوضوح، وليس الإخفاء”. ويتابع هابيك أن  حماس “جماعة إرهابية قاتلة” و تقف أيضا في طريق المصالحة بين الجانبين. وفي الوقت نفسه فإن الحكومة الألمانية “توضح لإسرائيل مراراً وتكراراً أن حماية المدنيين أمر أساسي”.

إشادة وتأييد من المجلس المركزي لليهود والمعارضة

حقق الفيديو، الذي نشره هابيك 6.5 مليون مشاهدة لغاية أمس الخميس بعد الظهر. وفي رد فعله على الفيديو، بدا المجلس المركزي لليهود في ألمانيا سعيدًا. وصرح رئيسه جوزيف شوستر لقنوات RTL وn-tv بالقول إن فيديو هابيك بهذا الشكل كان استثناءً. ووصف شوستر خطاب هابيك بأنه “متوازن” لأنه أخذ في الاعتبار أيضا هموم الفلسطينيين.

كما أعرب  حزب الاتحاد المسيحي المعارض عن تأييده أيضا. لكنه أضاف أن هذا بالضبط هو من يجعل من مسؤولية الحكومة الحرص على أن لا  تكون المساجد في ألمانيا “بأي حال من الأحوال فضاء  للخطاب المعادي للسامية و للغرب”،  كما يؤكد خبير الشؤون الداخلية في الاتحاد الديمقراطي المسيحي.

بدوره أثنى مفوض الحكومة الألمانية الاتحادية لمعاداة السامية، فيليكس كلاين، على الفيديو. وقال لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) “الرسالة العاجلة من نائب المستشار روبرت هابيك هي مساهمة صحيحة ومهمة في النقاش المشحون والمطبوع بالتقارير الكاذبة”.

هل  خطر “هرمجدون” يهدد الشرق الأوسط؟

من غير الواضح في البداية أن الفيديو الذي نشره هابيك والذي يحمل في الواقع طابع خطاب حكومي رسمي، قد تم الاتفاق عليه مع المستشار الألماني أولاف شولتس. لكن الواضح هو أن هابيك تعمد تسليط الضوء بشكل واضح على موضوع معاداة السامية وإسرائيل والحرب في الشرق الأوسط. وهو ما أكده أيضا خلال مشاركته الأربعاء (1 نوفمبر/تشرين الثاني) في البرنامج الحواري التلفزيوني الشهير “ماركوس لانس” على القناة الثانية الألمانية ZDF.

هابيك حذر هناك من أن الصراع في الشرق الأوسط قد يتحول من صراع إقليمي إلى “نار عالمية”. وأوضح أنه إذا تدخلت دول أخرى في الصراع بين إسرائيل وحماس، فسيكون هناك خطر حدوث سيناريو “يشبه هرمجدون”. وفي الإنجيل فإن “هرمجدون” هي مكان المعركة الحاسمة في نهاية الزمان بين الخير والشر.

كلمات درامية من سياسي ينتمي لحزب الخضر، تظهر بوضوح القلق الكبير الذي ينتابه بسبب تفاقم الوضع في الشرق الأوسط وتداعياته على المجتمع الألماني.

ينس ثوراو/ هـ.د



(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اضف تعليق
Comments (0)
Add Comment