إطلاق صواريخ الحوثيين نحو إسرائيل.. مجرد رسالة رمزية أم تهديد جدي؟ |


من الناحية العسكرية، لم تصل أيا من الصواريخ والمسيرات التي اطلقتها  الحوثيون  في اليمن إلى إسرائيل، ما يعني أنها باءت بالفشل، فقد  اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية تلك الصواريخوالطائرات المسيرة قبل أن تصل إلى مدينة إيلات جنوب إسرائيل.

ومع ذلك، يرى مراقبون أن نجاح  الهجمات الحوثية من عدمه لا يشكل أهمية كبيرة لجماعة الحوثي التي تعد جزءا مما يسمى بـ”محور المقاومة” المدعوم من إيران والمناهض لإسرائيل والولايات المتحدة.

وفي مقابلة مع المانيا اليوم، قال ماثيو هيدجز، خبير في الشأن اليمني وشؤون الشرق الأوسط، إن هجمات الحوثيين الأخيرة “لا تحمل في طياتها سوى تهديد رمزي أو بياني لإسرائيل”.

ويتفق في هذا الرأي فارع المسلمي، زميل في مركز “تشاتام هاوس” البحثي ومقره لندن، قائلا: “تعد هذه الحرب فرصة ذهبية   لجماعة الحوثي  لإظهار موقفها المؤيد للفلسطينيين والمناهض لإسرائيل والولايات المتحدة أمام الشعب اليمني”. وأشار المسلمي إلى أن هجمات الحوثيين ذات مستوى منخفض من التهديد، مضيفا أنه “من غير المرجح أن ترد إسرائيل (على هجمات الحوثيين) بفتح جبهة جديدة”.

وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن – الذي يزور المنطقة في الوقت الراهن – قد أكد أن بلاده تعمل على منع اتساع الصراع عقب شن جماعة الحوثي وحزب الله هجمات على إسرائيل.

ويقول المراقبون إن اليمن سياسيا وعسكريا واقتصاديا ليس في حالة جيدة تؤهله لخوض حرب جديدة، إذ مازالت البلاد تئن تحت وطأة حرب أهلية منذ إطاحة الحوثيين بالحكومة المعترف بها دوليا والسيطرة على صنعاء عام 2014. وقد أدى ذلك إلى انقسام اليمن وتدمير بنيتها التحتية فيما أضحى الصراع هناك بمثابة حرب وكالة بين السعودية وإيران، ما تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

السرد الحوثي

وفي سياق متصل، قال هيدجز إنه في الوقت الذي تهدف فيه  جماعة الحوثي  من وراء مهاجمة إسرائيل “إلى توحيد الشعب اليمني من أجل قضية التحرير الفلسطينية على المستوى المحلي، فإن الأمر يبعث أيضا إشارات إقليمية تنذر بزعزعة الاستقرار والأمن في جميع أنحاء المنطقة وإبتعاد  الحوثيين عن الحكومات العربية التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل مثل البحرين والإمارات وما قُيل عن السعودية”.

وقامت الإمارات والبحرين بتطبيع العلاقات مع إسرائيل عام 2020 في ضوء  اتفاقيات أبراهام  بوساطة أمريكية، فيما شهدت العلاقات بين السعودية وإسرائيل تقاربا، لكن محادثات التطبيع توقفت بعد السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي. وقال هيدجز إنه من خلال شن غارات جوية على إسرائيل، “يمارس الحوثيون الضغط على المجتمعات الأخرى في جميع أنحاء المنطقة ليتماشي مع سرد الحوثيين بأنهم يردون على الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف المسلمين، ومن خلال القيام بذلك، يدعو  الحوثيون  جميع المسلمين إلى مهاجمة إسرائيل”.

ماذا لدى الحوثيين من أسلحة؟

وعلى الرغم من تسليح إيران للحوثيين بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة منذ عام 2015، إلا أن هيدجز أكد أن الحوثيين “لا يمتلكون نفس التسليح الذي بحوزة وكلاء إيران الآخرين مثل حزب الله في لبنان ما يعني أن قدرتهم محدودة”. ومع ذلك، لا يزال الباحث قلقا إزاء  إمكانيات الحوثيين، العسكرية قائلا: “لقد بدأوا في استخدام صواريخ الغواصات غير المأهولة ما يعني احتمالية زيادة حجم التهديدات المحتملة ضد إسرائيل وضد الدول الغربية”.

مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في العاصمة اليمنية صنعاء

من جانبه، أشار الباحث العسكري فابيان هينز في مقال نشره “المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية” إلى أنه رصد “أنواع عدة من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز من أصل إيراني لم يسبق عرضها من قبل” خلال إحياء  الحوثيين  الذكرى التاسعة لاستيلائهم على صنعاء في سبتمبر/أيلول الماضي. واضاف “تمكن الحوثيون بمساعدة إيران من بناء مجموعة من الصواريخ ذات التوجيه الدقيق، إضافة إلى الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز لشن هجمات أرضية وأخرى مضادة للسفن في فترة زمنية قصيرة للغاية”.

وأضاف أن هذه المجموعة تتضمن صواريخ مضادة للسفن لم تُعرض من قبل من منظومة صواريخ “تنكيل”، مشيرا إلى أنه “في حالة إطلاق صواريخ تنكيل المضادة للسفن وصواريخ “آصف” التي تم الكشف عنها مسبقا – وهي صواريخ مضادة للسفن من منظومة الفاتح التي يبلغ مداها 400 كيلومتر – فإن الحوثيين سوف يتمكنون من استهداف (سفن) الشحن في البحر الأحمر وفي أجزاء من خليج عدن”.

ورغم ذلك، أشار الباحث إلى أن الغموض مازال يكتنف مدى جاهزية مثل هذه الصواريخ، مشيرا إلى أن اتفاق التطبيع، الذي أبرم بين السعودية وإيران بوساطة صينية في مارس / آذار الماضي، نص على وقف تزويد  الحوثيين  بالأسلحة. وفي ذلك، قال هينز إنه “من غير المعروف ما إذا كانت هذه الأسلحة جرى تسليمها للحوثيين بعد الاتفاق السعودي-الإيراني أم لا؟”

جنيفر هولايس / م. ع



(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اضف تعليق
Comments (0)
Add Comment