مازالت مسألة الاعتراف بفلسطين كدولة موضع خلاف وجدال بين الدول والأوساط الدبلوماسية والسياسية. إليك ما يجب أن تعرفه.
ما هي الدولة؟
يقول الخبراء إن هناك نظريتين لتعريف وتحديد الدول وهما النظرية التصريحية والنظرية التأسيسية.
ويؤكد أنصار النظرية التصريحية على أن أي دولة يمكن اعتبارها كذلك إذا استوفت معايير تعريف الدولة المدرجة في اتفاقية مونتيفيديو المبرمة عام 1933. وتنص هذه الاتفاقية على أنه من أجل اعتبار أي بلد دولة يجب أن يعيش فيه سكان دائمون ويمتلك حدودا محددة وحكومة قادرة على الدخول في علاقات مع الدول الأخرى.
كما تشير الاتفاقية إلى أن الوجود السياسي لأي دولة “يعد أمرا منفصلا عن مسألة اعتراف الدول الأخرى بها… حتى قبل الاعتراف بحق الدولة في الدفاع عن سلامتها واستقلالها واتخاذ كافة التدابير للمحافظة على كيانها وازدهارها ومن ثم تنظيم نفسها على النحو الذي تراه مناسبا بما في ذلك سن التشريعات المنظمة لمصالحها وإدارة خدماتها وتحديد ولايتها القضائية واختصاص محاكمها”.
وانطلاقا من هذا المنطلق، يأتي الحديث عن النظرية التأسيسية التي تعد على النقيض من اتفاقية مونتيفيديو حيث تنص على أنه لا يمكن اعتبار أي بلد دولة إلا إذا اعترفت بها باقي دول العالم. بيد أنّ هذه النظرية لم يتم تدوينها كقانون نظرا لأنها تجعل الاعتراف بالدول الحديثة مرهونا بإطار القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية.
هل تنطبق معايير الاعتراف بالدول على الأراضي الفلسطينية؟
تتباين آراء الباحثين حول ما إذا كانت الأراضي الفلسطينية تستوفي المعايير القانونية الخاصة بالتعريف القانوني للدولة إذ يؤيد البعض ذلك فيما يرد آخرون بأنها لا تستوفي المعايير المدرجة في اتفاقية مونتيفيديو.
ويرفض أنصار المعسكر الأول الاعتماد على التعريف الذي وضعته الاتفاقية، مؤكدين أنه يجب على الفلسطينيين المطالبة بدولتهم من خلال بوابة الاعتراف الدولي.
استخدمت الولايات المتحدة حق النقض “الفيتو” داخل مجلس الأمن الدولي ضد محاولة الفلسطينيين الحصول على الاعتراف بدولتهم
139 دولة اعترفت بالأراضي الفلسطينية كدولة
الجدير بالذكر أن 139 دولة عضو في الأمم المتحدة من أصل 193 دولة قد اعترفت بالأراضي الفلسطينية كدولة.
ويجب أن يحظى طلب أي دولة للانضمام إلى الأمم المتحدة بموافقة تسعة على الأقل من أعضاء مجلس الأمن الدولي البالغ عددهم خمسة عشر شريطة عدم استخدام أي دولة من الأعضاء الخمسة الدائمين – الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة – حق النقض “الفيتو”.
ولا تعترف الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة بالأراضي الفلسطينية كدولة. وشددت هذه الدول على أنها لن تعترف بدولة فلسطين حتى يتم حل الصراع مع إسرائيل سلميا.
وأوروبيا، تعترف تسع دول فقط من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ الـ27 بالدولة الفلسطينية، لكن معظم هذه الدول كانت ضمن دول الاتحاد السوفيتي السابق عندما اعترفت بدولة فلسطين أي قبل انضمامها إلى التكتل الأوروبي.
وتعد السويد الدول الوحيدة التي اعترفت بدولة فلسطين وهي جزء من التكتل الأوروبي وذلك عام 2014.
يشار إلى أن فلسطين تعد حاليا دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة مما يعني إمكانية مشاركة ممثليها في جلسات الجمعية العامة وامتلاك مكاتب داخل مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
واستنادا على منح الجمعية العامة للأمم المتحدة فلسطين وضع دولة مراقبة عام 2012، فقد انضمت بذلك إلى المحكمة الجنائية الدولية عام 2015، وهي المحكمة الدولية الدائمة الوحيدة المختصة بمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب.
وفي عام 2021، أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية آنذاك فاتو بنسودة فتح تحقيق في الوضع داخل الأراضي الفلسطينية استنادا إلى انضمام فلسطين إلى نظام روما الأساسي (الخاص بالمحكمة) وحصولها على عضوية المحكمة الجنائية وهو ما أعطى الأخيرة حق الاختصاص القانوني للتحقيق في جرائم ارتكبت على الأراضي الفلسطينية.
وأدانت إسرائيل، وهي ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، القرار باعتباره “مسيسا”.
ما موقف ألمانيا من الدولة الفلسطينية؟
وعلى غرار الولايات المتحدة والعديد من دول الاتحاد الأوروبي، لم تقدم ألمانيا على الاعتراف بدولة فلسطين، لكنها في الوقت نفسه تدعم “إقامة دولة فلسطينية مستقبلية كجزء من حل الدولتين يتم التوصل إليه عن طريق التفاوض بين أطراف النزاع”، حسبما ذكرت الخارجية الألمانية.
ونظرا لأن ألمانيا لم تعترف بفلسطين كدولة، فإنها تستخدم مصطلح “الأراضي الفلسطينية” للإشارة إلى الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية وغزة فيما تستخدم مصطلح “السلطة الفلسطينية” عند التحدث إلى المسؤولين الفلسطينيين.
ووصل الجدل حول الموقف الألماني الرسمي من قضية الاعتراف بدولة فلسطين إلى أروقة المحاكم الألمانية عند النظر في القضايا المتعلقة بوضع اللاجئين.
ففي قرار صدر في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020، أكدت محكمة ألمانية أنه “لا توجد جنسية فلسطينية” ولا “دولة فلسطين” فيما قضت باعتبار اللاجئين الفلسطينيين المعنيين “عديمي الجنسية”.
تبعات الاعتراف بدولة فلسطين؟
يمكن لأي دولة أن تحظى باعتبارها دولة من دون أن تكون عضوا داخل الأمم المتحدة إذ على سبيل المثال لم تنضم سويسرا إلى الأمم المتحدة كدولة عضو إلا في عام 2002 فيما لم تنضم ليشتنشتاين وسان مارينو إلا في عامي 1990 و1992 على التوالي فيما كانت البلدان الثلاث جميعها دولا معترف بها دوليا قبل الانضمام إلى المنظمة الدولية.
ويعني منح فلسطين وضع مراقب غير عضو في الأمم المتحدة أنه بإمكان ممثليها مراقبة إجراءات الأمم المتحدة، لكنهم لا يمتلكون حق التصويت.
وعلى وقع ذلك، لم يتمكن ممثل فلسطين من التصويت على مشروع قرار لم يكتب له النجاح داخل الجمعية العامة كان يدعو إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وأيضا التصويت على مشروع قانون أقرته الجمعية العامة يدعو إلى “هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة ينجم عنها وقف الأعمال العدائية”.
كلير روث / م. ع