“يوم الكاتب المسجون”: حين تتعرض الكلمة الحرة للتهديد | شمال إفريقيا |


في جميع أنحاء العالم، يتعرض الكتّاب والصحفيون والناشرون لاستهداف من قبل أنظمة ظالمة. يدفعون حريتهم ثمنا لشجاعتهم في التعبير عن آرائهم.

إيرينا دانيلوفيتش من سكان شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي تحتلها روسيا تقبع في السجن، كذلك جو شيراب جياتسو من إقليم التيبت الذي يتبع لجمهورية الصين الشعبية، وكذلك سليمان الريسوني من المغرب وماريا كريستينا جاريدو رودريغيز من كوبا.

وتحذر الأمانة العامة لـ 140 مركزا لنادي القلم الدولي PEN في نداء مشترك من أن الكتّاب الأربعة “تحت تهديد مباشر”. نجم والي، مفوض حرية الكتّاب السجناء في مركز PEN الألماني في دارمشتات، يضيف: “طالما أحدهن أو أحدهم ليس حرًا، فلا أحد يتمتع بالحرية”.

إنها قصص مأساوية يسلط نادي القلم الدولي الضوء عليها أمام الرأي العام. “الكتّاب والكاتبات يقاومون، ويتحدون من أجل العدالة  ومجتمعات حرة”، كما يقول والي في حديث مع المانيا اليوم. ويضيف الكاتب العراقي قائلا: “لذلك يتم مطاردتهم، وتهديدهم، ومهاجمتهم، وسجنهم، ونفيهم، وغالبًا ما يتم قتلهم”.

ولعل خير مثال على ذلك هو الكاتب البريطاني-الأمريكي المولود في الهند سلمان رشدي. لقد نجا رشدي بأعجوبة من محاولة اغتيال علنية في آب/ أغسطس 2022. رشدي كُرِّم مؤخرًا  في ألمانيا حيث منح جائزة السلام  من قبل جمعية ناشري الكتب الألمانية في فرانكفورت.

بذرائع زائفة

إيرينا دانيلوفيتش، على سبيل المثال، صحافية أوكرانية وناشطة في مجال حقوق الإنسان، كشفت عن تجاوزات في نظام الرعاية الصحية في شبه جزيرة القرم المحتلة. في 29 نيسان/ إبريل 2022، تم اختطافها، وفي نفس اليوم قامت السلطات الروسية بتفتيش منزلها واستولت على هاتفها وأجهزتها.

بعد أسبوعين، عثر محاميها عليها في سجن تحقيق في سيمفيروبول. متهمة بحيازة متفجرات وتصنيفها كـ “عميلة أجنبية”، وحُكم عليها بالسجن لمدة سبع سنوات. احتجاجًا على سوء الرعاية الطبية في السجن، دخلت إيرينا في إضراب عن الطعام في آذار/ مارس، ووفقًا لأسرتها، فإنها تعاني من مشاكل صحية خطيرة.

إيرينا دانيلوفيتش، صحافية أوكرانية وناشطة في مجال حقوق الإنسان، كشفت عن تجاوزات في نظام الرعاية الصحية في شبه جزيرة القرم المحتلة.

وبالنسبة للكاتب التيبتي جو شيراب جياتسو، المعروف أيضًا باسم “جوشير”، فإن مصيره يقلق نادي القلم الدولي أيضا بسبب “نقص الرعاية الطبية”.

ويقضي جوشير عقوبة سجن لمدة عشر سنوات، حيث حُكم عليه بذلك نهاية عام 2021 بعد محاكمة سرية. اعتقل بواسطة قوات الأمن في مدينة تشنغدو في مقاطعة سيتشوان بتهمة “التحريض على الانفصال”.

ونُقل جوشير إلى منطقة التيبت الذاتية الحكم، حيث وجه له اتهام رسمي. في كتاباته، يخصص جوشير نفسه للبوذية التيبتية ولغة وثقافة التيبت. وكان قد انتقد حكومة الصين لتقييدها حصول الأطفال التيبتيين على التعليم بلغتهم الأم.

قلق بشأن صحة معتقل

 الصحفي المغربي سليمان الريسوني، على النقيض، اعتقل في حزيران/ مايو 2020 بتهمة ارتكاب جرائم جنسية ينفيها هو بشدة ويعتبرها ذات دوافع سياسية. قضى عامًا تقريبًا في السجن دون محاكمة، وبعد ذلك، حكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات.

وأفاد تقرير PEN بوجود تجاوزات في الإجراءات القانونية وأن القضية جرت بدون حضوره أو حضور محاميه، كما تمت مراقبته باستخدام برنامج التجسس  Pegasus-Spyware وبعد إضراب طويل عن الطعام، تدهورت حالته الصحية، ورفض طلب الاستئناف الخاص به.

وعبر البرلمان الأوروبي والأمم المتحدة عن قلقهما إزاء التعسف في اعتقاله وطالبا بالإفراج عنه.

الصحفي المغربي سليمان الريسوني، على النقيض، اعتقل في حزيران/ مايو 2020 بتهمة ارتكاب جرائم جنسية والتي ينفيها ويعتبرها ذات دوافع سياسية.

كذلك كانت الاتهامات كاذبة تلك الموجهة إلى الشاعرة والناشطة الكوبية ماريا كرستينا غاريدو رودريغيز. فقد أدينت في آذار/ مارس 2022 بالسجن لمدة سبع سنوات بتهم نشر “الفوضى العامة” و”الهجوم” و”التحريض على ارتكاب جريمة” و”الازدراء” و”المقاومة”.

وسبق لها المشاركة في احتجاجات سلمية. وتقضي رودريغيز عقوبتها في سجن “غواتاو” للنساء، حيث تتعرض لمعاملة قاسية بحسب ما أفاد به نادي القلم الدوي.

يقول نجم والي “الآليات المستخدمة في مضايقة الكتّاب والكاتبات غير المرغوب فيهم هي نفسها في جميع أنحاء العالم. الدكتاتوريات تخشى من الكلمة الحرة لأنها تعني الذاكرة والتذكر”، وهذا قد يؤدي إلى الاحتجاجات.

“الديكتاتوريات تحكم على أمل أن الناس لم يروا شيئًا ولم يسمعوا شيئًا – وبالتالي يبقون صامتين.” تجربة الكاتب والي نفسه كانت حقيقية عندما اعتقل في الثمانيانت في العراق وأُلقي به في السجن وتعرض للتعذيب على يد نظام صدام حسين. ومنذ أيار/ مايو 2022، أصبح والي مندوبًا للكتّاب في السجون ونائبًا لرئيس PEN في المانيا.

نجم والي، مفوض حرية الكتّاب السجناء في مركز PEN الألماني في دارمشتات، يقول: “طالما أحدهن أو أحدهم ليس حرًا، فلا أحد يتمتع بالحرية”.

تهديد حرية الرأي على مستوى العالم

وفي الوقت نفسه، يقدم مركز نادي القلم الدولي في لندن صورة مظلمة لوضع حرية الرأي. ويسجل PEN في تقريره السنوي لعام 2022 وجود ما لا يقل عن 68 كاتبًا أو صحفيًا مهددين أو قتلى، “خاصة في شمال وجنوب أمريكا وأوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط.”

وبحسب والي فإن حرية الرأي مهددة بشدة حاليًا في المكسيك، بناءً على عدد الصحفيين والكتّاب الذين قتلوا. ولكن هناك ملاحظات مماثلة في الصين وروسيا وتركيا وسوريا وزيمبابوي والسلفادور. ويقول والي إنه من الصعب تصنيف هذه القضايا. ومع ذلك، هناك “نقاط ساخنة” مثل إيران مع حركة الاحتجاج التي تقودها النساء.

منذ عام 1980، تذكّر  PEN  دائمًا في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر بمصير الكتّاب الذين تعرضوا للاضطهاد. وأطلقت لجنة “الكاتب المسجون” التابعة لنادي القلم الدولي هذا اليوم تعبيرًا عن رد الفعل تجاه “العدد المتزايد من الدول التي تحاول جعل الكتّاب والكاتبات يصمتون من خلال إجراءات قمعية.”

شتيفان ديغو/ ع.خ



(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اضف تعليق
Comments (0)
Add Comment