مؤتمر الإسلام في ألمانيا – معاداة السامية تتصدر دورة هذا العام | سياسة


تم الاتفاق على موعد انعقاده منذ فترة طويلة، ولكن “الموضوع” أملته الظروف الحالية. فبعد 45 يوما من الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس على مواقع إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة، ينعقد في برلين يومي الثلاثاء والأربعاء (21 و22 نوفمبر/تشرين الثاني 2023)  مؤتمر الإسلام في ألمانيا. 

وعنوان المؤتمر في هذه الدورة، التي تنعقد لأول مرة منذ ديسمبر/كانون الأول 2022: “السلام الاجتماعي والتماسك الديمقراطي: مكافحة معاداة السامية ورُهاب المسلمين في أوقات الانقسام الاجتماعي”.

اليهود في ألمانيا يعيشون في خوف

وبهذا تتطرق وزارة الداخلية الألمانية، بقيادة الوزيرة الاشتراكية نانسي فيزر، إلى التطورات والوضع المتفاقم خلال الأسابيع القليلة الماضية؛ حيث بات اليهود في ألمانيا يعيشون في خوف مرة أخرى. فالأهالي قلقون بخصوص أطفالهم في المدارس، وكبار السن باتوا يتخلون عن الذهاب إلى دور العبادة، التي تعرض بعضها لهجمات في عدة مدن ألمانية.

كما تتعزز هذه المخاوف خصوصا مع المظاهرات التي يشارك فيها آلاف، ممن يشككون في وجود دولة إسرائيل أو يحتفلون بإرهابيي حماس، باعتبارهم مناضلين من أجل الحرية. وعلى الجانب الآخر، أبلغت المساجد والجمعيات الإسلامية أيضا عن تزايد كبير في عدد الهجمات والتهديدات ضدها وضد أتباعها.

وبهذا يحاول مؤتمر الإسلام في ألمانيا، بعد 17 على إطلاقه في عام 2006 على يد وزير الداخلية الاتحادي آنذاك فولفغانغ شويبله، الإجابة على أسئلة أساسية وكبيرة، وبذات الوقت التعامل على المدى القصير مع المشاكل الراهنة شديدة التطور.

تحت نفوذ أردوغان

خلال الأسابيع القليلة الماضية، تسببت بعض الجمعيات الإسلامية في إثارة سخط كبير. يتعلق الأمر بمسار اتحاد المساجد التركية “ديتيب”، والذي يضم في عضويته حوالي 900 مسجد في عموم ألمانيا.

ويعتمد اتحاد ديتيب على الهيئة الدينية التركية “ديانت”، التي ترسل الأئمة إلى ألمانيا. وتنتهج هذه الهيئة مسارا مواليا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أثار الانتباه خلال الأسابيع القليلة الماضية من خلال كراهية مفتوحة لليهود وقيامه بهجمات لفظية على إسرائيل، والذي عبر أيضا عن تقديره لحماس واصفا إياها بأنها “حركة تحرر”.

وفي ولاية شمال الراين- ويستفاليا، يضغط وزير شؤون رئاسة الحكومة، المسؤول عن الطوائف الدينية في حكومة الولاية، ناتانيل ليمينسكي، للحصول على موقف واضح من ديتيب.

وبعد وقت قصير من هجوم حماس الإرهابي،  دفع ليمينسكي الجمعيات الإسلامية في شمال الراين-ويستفاليا  إلى إصدار بيان أدانت فيه “الفظائع التي ارتكبتها حماس”. هذا البيان، الذي حظي باهتمام كبير في ألمانيا، لم يظهر قط على مواقع الإنترنت التابعة لاتحاد ديتيب.

كما يتعرض المجلس الأعلى (المركزي) للمسلمين هو الآخر لانتقادات. ففي اليوم التالي للهجوم الإرهابي، وحينها لم تكن أعداد القتلى والرهائن المختطفين صارت معروفة تماما، تحدث المجلس – دون الكلام صراحة عن الإرهاب أو الوحشية غير المسبوقة – وأدان هجمات حماس، لينتقد بعدها أعمال المستوطنين الإسرائيليين المتشددين في القرى الفلسطينية الواقعة في الضفة الغربية.

وقبل أيام قليلة فقط، علّق المجلس من اتحاده عضوية المركز الإسلامي الشيعي في هامبورغ، المدعوم من إيران، وهي المجموعة التي يراقبها المكتب الاتحادي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) منذ مدة طويلة. وجاء قرار المجلس الأعلى للمسلمين فقط بعد أن قامت الشرطة والمحققون بتفتيش مرافق المركز الإسلامي في هامبورغ وفي مدن ألمانية مختلفة.

عدم دعوة المجلس لمؤتمر الإسلام

والآن، وعلى عكس كل الدورات السابقة منذ 2006، لم تتم دعوة المجلس الأعلى للمسلمين إلى المؤتمر، كما يقول لـ المانيا اليوم أمينه العام عبد الصمد اليزيدي. وبحسب المعلومات التي اطلعت عليها المانيا اليوم، فإن تعامل المجلس مع المركز الإسلامي الشيعي في هامبورغ هو السبب لعدم دعوته.

من دورة سابقة في برلين لمؤتمر الإسلام في ألمانيا، ويبدو عبد الصمد اليزيدي، ممثلا للمجلس المركزي على يمين الصورة

وعبر اليزيدي عن أسفه لعدم دعوة المجلس لحضور مؤتمر الإسلام. بيد أنه رأى في الوقت نفسه أن البيان الذي أصدره المجلس في 8 تشرين الأول/أكتوبر كان خطأً: “كان من الأفضل إدانة همجية حماس فقط. وأي شيء آخر كان من الممكن قوله في وقت لاحق”.

ويعمل مجلسه، بحسب اليزيدي في مقابلة مع المانيا اليوم، منذ عقود على دمج المسلمين وإنشاء هياكل الجمعيات الدينية. ويرى أنه “أمر مهين وظالم” تصوير ممثلي المجلس على أنهم مؤيدون لحماس. وأكد اليزيدي أنه خلال محادثاته مع أصدقائه اليهود، علم أن الحياة في ألمانيا صارت “بالكاد محتملة حاليا بالنسبة للكثيرين منهم (اليهود)”.

بيد أنّ اليزيدي  يدعو أيضا إلى تفهم وضع المسلمين الألمان في ضوء الهجمات المتزايدة عليهم. “كثيرون يعانون في صمت، وبعيدا عن التغطية الإعلامية التي تركز على المظاهرات”.

والآن يتركز النقاش بشكل أساسي على دور الاتحادات الإسلامية الموجودة في ألمانيا. ويعد المجلس الأعلى للمسلمين على وجه الخصوص أحد الشركاء المنتظمين والأساسيين للحوار مع السياسيين ومع ممثلي المجتمعات الدينية الأخرى، سواء على الصعيد الاتحادي أو على صعيد الولايات.

استراتيجية جديدة من جانب الحكومة الاتحادية؟

ويرى إرين غوفرجين أنه يجب على الحكومة الاتحادية تغيير استراتيجيتها عند التعامل مع الاتحادات الإسلامية. غوفرجين هو باحث إسلامي، شارك في عام 2017 مع آخرين في تأسيس جمعية الحمراء Alhambra-Gesellschaft، وهي مجموعة أكثر ليبرالية تتجاوز هياكل الجمعيات المعروفة حتى الآن. وهو يدير مشروع “المناظرة الإسلامية 2.0 – المشاركة في تشكيل المجتمع”.

المتخصص بالدراسات الإسلامية إرين غوفرجين، مؤسسة “جمعية الحمراء”

ويقول غوفرجين لـ المانيا اليوم: كما هو الحال مع الحكومات السابقة، فإن الإستراتيجية تتمثل في الوصول إلى التغيير من خلال التقرب من الاتحادات والجمعيات الإسلامية بهدف الوصول إلى “مجتمع ديني ألماني”. وهذه الإستراتيجية قد “فشلت”، خاصة فيما يتعلق بديتيب. فمن الواضح أن هذا الاتحاد قد أمسى مجرد مجموعة مصالح، وليس جمعية دينية.

ويضيف غوفرجين قائلا: “يجب علينا  في ألمانيا أن نضع سياستنا الدينية على أسس جديدة  تماما. فنحن بحاجة إلى تغيير حقيقي في السياسة الدينية”.

ويفضل غوفرجين لو أن الدورة الحالية لمؤتمر الإسلام ركزت على موضوع واحد: معاداة السامية في أوساط المسلمين. وكان يتوقع أن تعقد وزيرة الداخلية اجتماعا خاصا لمؤتمر الإسلام في ألمانيا حول أحداث 7 أكتوبر، وكيفية تعامل الجمعيات الإسلامية معها. وبهذه الطريقة، كان بإمكان الوزيرة فيزر أن تجمع بين الجمعيات والمجتمع المدني الإسلامي الأوسع نطاقا وتدعوهم للحوار.

رئيس ألماني سابق

جمعية الحمراء حاضرة في المؤتمر في هذين اليومين، لكن المجلس الأعلى للمسلمين غير متواجد. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان ممثلو ديتيب سيشاركون في المؤتمر، فوزارة الداخلية لا تعلن عادة عن الأشخاص الذين تمت دعوتهم للمؤتمر.

ولعل القرار الخاص باختيار أول متحدث في المؤتمر يوضح هدف الوزارة الذي تسعى إليه. فبعد الكلمات التمهيدية من الوزارة، سيكون أول المتحدثين البارزين كريستيان فولف، الرئيس الألماني الأسبق الذي امتدت رئاسته من 2010 إلى 2012. فولف هو صاحب المقولة الشهيرة: الإسلام ينتمي إلى ألمانيا. وهي العبارة التي كانت سببا يومها في إطلاق نقاش مازالت أصداؤه قائمة إلى يومنا هذا.

 

كريستوف شتراك/ف.ي



(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اضف تعليق
Comments (0)
Add Comment