نددت الحكومة العراقية بالضربات التي شنتها الولايات المتحدة الليلة الماضية على أهداف جنوبي بغداد، وقالت إنها جرت دون علم الجهات الحكومية العراقية بما يمثل تجاوزا مرفوضا على السيادة العراقية. وقالت الحكومة في بيان إن الضربات تعد “تجاوزا واضحا للمهمة التي تتواجد من أجلها عناصر التحالف الدولي لمحاربة” تنظيم الدولة الإسلامية” على الأراضي العراقية.
وقتل ثمانية عناصر على الأقل من مجموعة موالية لإيران فجر اليوم (الأربعاء 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023) في ضربات أميركية استهدفت موقعين جنوب العاصمة العراقية بغداد على ما أفاد مصدران أمنيان، في تصعيد جديد في سياق توترات إقليمية متزايدة منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
في وقت سابق، أعلنت القيادة العسكرية الأميركية الوسطى”سنتكوم” في منشور على منصة إكس أنّها “نفّذت ضربات منفصلة ودقيقة” على موقعين في العراق، ردّا على الهجمات الأخيرة التي شنتها جماعات موالية لإيران واستهدفت قواتها وقوات التحالف الدولي المناهض للجهاديين في العراقوسوريا.
والثلاثاء، استهدف قصف بطائرة بدون طيار مركبة تابعة لفصيل ضمنقوات الحشد الشعبي الموالية لإيران في منطقة أبو غريب قرب بغداد ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة آخرين، فيما أكد مسؤول عسكري أميركي أن القوات الأميركية في العراق “ردت دفاعا عن النفس” بعد تعرضها لهجوم في قاعدة عين الأسد الواقعة في غرب البلاد أسفر عن “إصابات طفيفة” بين الجنود.
وهذه السلسلة من الضربات الأمريكية هي الأولى في العراق منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس والتي أدت إلى زيادة التوترات في المنطقة.
وكانت واشنطن ردت على هجمات استهدفت قواتها بقصف مواقع مرتبطة بإيران ثلاث مرات في سوريا. كذلك، فرضت الولايات المتحدة عقوبات في حق سبعة أشخاص ينتمون إلى جماعتين مسلحتين عراقيتين مواليتين لإيران، بينها حزب الله. وتنشر الولايات المتحدة نحو 900 جندي في سوريا ونحو 2500 في العراق في إطار محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ح.ز/ ا.ف (أ.ف.ب / رويترز )
-
من التدخل العسكري إلى الاكتفاء بالتدريب.. مسار القوات الغربية في العراق
نهاية رسمية للمهام القتالية
تنتهي “المهام القتالية” لقوات التحالف الدولي في العراق في آخر يوم من عام 2021، حسب ما أعلنت حكومة هذا الأخير. لكن ذلك لا يعني رحيلها، بل ستصبح مهامها محصورة على التدريب والاستشارة، وهي المهمة التي بدأت فيها رسمياً منذ صيف 2020، كما أنها ستقوم بـ “الدفاع عن نفسها في حال أي هجوم ضدها”، حسب بيان للتحالف.
-
من التدخل العسكري إلى الاكتفاء بالتدريب.. مسار القوات الغربية في العراق
هل تحقق هدف القضاء على “داعش”؟
ركزت قوات التحالف الدولي على مواجهة تنظيم “داعش” الإرهابي، خصوصاً بعد سقوط الموصل في أيادي مقاتليه عام 2014. وأعلن العراق ومعه قوات التحالف النصر على التنظيم الإرهابي عام 2017، لكن الأوضاع الأمنية في البلد لم تتحسن كثيراً، فبعد فترة من الهدوء، عاد التنظيم مؤخراً لشن عمليات انتحارية. ومع ذلك، فقوات التحالف لا ترغب في مزيد من القتال، ويصل عددها إلى 3500 مقاتل، بينهم 2500 أمريكي.
-
من التدخل العسكري إلى الاكتفاء بالتدريب.. مسار القوات الغربية في العراق
إخلاء للساحة أمام إيران؟
غير أن التهديد الأكبر لقوات التحالف لا يأتي من “داعش” وحده، بل من فصائل مقاتلة موالية لإيران إلى جانب فصائل سياسية، خصوصاً فصائل الحشد الشعبي التي تضغط لرحيل كامل لكل القوات الأجنبية. ويثير متابعون مخاوف من سقوط العراق في دائرة النفوذ الإيراني، إذ تحولت طهران إلى اللاعب الإقليمي الأول في البلد، ولم ينجح كثيراً الحراك الشعبي الذي انطلق عام 2019 في إنهاء هذا التدخل.
-
من التدخل العسكري إلى الاكتفاء بالتدريب.. مسار القوات الغربية في العراق
أوباما أول من بدأ الانسحاب
الانسحاب الأمريكي من العراق ليس جديداً، فقد بدأ في عهد باراك أوباما، وفق خطة هدفت إلى سحب جلّ القوات بحدود نهاية 2011 مع الإبقاء على قوة لا تزيد عن 50 ألف جندي. غير أن ظهور “داعش” دفع أوباما إلى إعادة إرسال قوات جديدة عام 2014 تحت مظلة التحالف الدولي. أراد أوباما التخلص من التركة الثقيلة لسلفه جورج بوش في الشرق الأوسط، لكن قراره أثار كذلك انتقادات بتركه البلد مفتوحا أمام النفوذ الإيراني.
-
من التدخل العسكري إلى الاكتفاء بالتدريب.. مسار القوات الغربية في العراق
ترامب والانسحاب الجزئي
على العكس من سياسة الجمهوريين، ذهب دونالد ترامب نحو تخفيض قوات بلاده في الشرق الأوسط ومن ذلك العراق في إطار سياسته “أمريكا أولاً”. لم يكن متحمساً لسحب شامل للقوات من العراق بسبب عدائه الكبير لإيران واستمرار تهديدات “داعش”، كما أشرف على عملية نوعية باغتيال الإيراني قاسم سليماني، لكن في نهاية ولايته أمر بسحب جزئي للقوات، كما اعتبر أن “غزو العراق” كان خطأ كبيراً.
-
من التدخل العسكري إلى الاكتفاء بالتدريب.. مسار القوات الغربية في العراق
بايدن يغلق القوس
لم يتراجع الرئيس جو بايدن عن سياسة سلفه دونالد ترامب في العراق رغم تباين وجهات نظرهما في ملفات كثيرة، ولم يلغ سحب القوات. تظهر السياسة الأمريكية متسقة في السنوات الأخيرة بتقليل القوات العسكرية في مناطق النزاع، وهو ما حدث كذلك في أفغانستان. لكن بايدن لا يريد إخلاء تاماً للساحة العراقية خصوصاً بعد الفوضى التي وقعت في كابول، وعبر مهام التدريب والاستشارة، يريد الحفاظ على حضور أمريكي في البلد.
-
من التدخل العسكري إلى الاكتفاء بالتدريب.. مسار القوات الغربية في العراق
بوش- مهندس احتلال العراق
كانت واشنطن تنظر إلى العراق كأحد محاور الشر في عهد جورج بوش، وبعد سنوات من الحصار الاقتصادي، قرّر بوش اجتياح البلد عسكرياً وإسقاط نظام صدام حسين عام 2003 تحت ذريعة وجود أسلحة الدمار الشامل، وهو ما لم يتأكد بشكل مستقل. أرسل بوش أكثر من مئة ألف جندي أمريكي، وكان يخطط لـ “عراق ديمقراطي” حسب قوله، لكن القرار حظيت بانتقادات محلية ودولية، خصوصا من الأمم المتحدة.
-
من التدخل العسكري إلى الاكتفاء بالتدريب.. مسار القوات الغربية في العراق
مستنقع الموت
لم تنجح سياسة بوش في خلق الاستقرار بالبلد التي تحوّل إلى بؤرة لا استقرار وساحة من القتل. تجاوزت حصيلة القتلى العراقيين حتى عام 2010 أكثر من 100 ألف، ووصلت بين الجنود الأمريكيين إجمالاً إلى حدود 5 آلاف فضلاً عن آلاف المصابين. زيادة على مهاجمة الأهداف الامريكية، عاش العراق عنفاً طائفياً خطيراً بين فصائل شيعية وأخرى سنية، كما تدهور الاقتصاد أكثر، ما انعكس على أعداد الفارين من البلد.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});