نفذت السلطات الأمنية الألمانية حملة مداهمات وتفتيش ضد من يشتبه في أنهم مؤيدون لحركة حماس و كذلك شبكة صامدون من أجل مصادرة أدلة وأي أصول محتملة. وشلمت عمليات التفتيش مواقع في أربع ولايات اتحادية، مع التركيز على برلين.وتأتي هذه الخطوة إثر صدور قرار من السلطات الألمانية بحظر حركة حماس وتصنيفها كمنظة إرهابية.
بهذه الخطوة تسعى وزيرة داخلية ألمانيا، نانسي فيزر، لتطبيق الحظر الذي أعلنت عنه في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني. وقالت فيزر عن هذه الخطوة ” من الحظر المفروض على حماس وصامدون في ألمانيا، نرسل رسالة واضحة مفادها أننا لا نتسامح مع أي تمجيد أو دعم للإرهاب الهمجي الذي تمارسه حماس ضد إسرائيل”. وأن لا يجب أن يشعر الإسلاميون والمعادون للسامية بالأمان في أي مكان في ألمانيا”.
وزيرة الداخلية: رسالة واضحة للإسلامويين والمعادين للسامية
بعد الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس على إسرائيل يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والذي خلف أكثر من ألف قتيل، جرت احتفالات عفوية بين أنصار حماس في ألمانيا وبالأخص في برلين حيث احتفلت شبكة “صامدون” المؤيدة للفلسطينيين بهجوم حماس على إسرائيل، ووزعت الحلويات في الشوارع. ما خلف صدمة واسعة في ألمانيا. وعن موقفه مما حدث، عبر المستشار الألماني، أولاف شولتس، بهذه الكلمات:”لا نقبل أن يتم الاحتفال بالهجمات الشنيعة ضد إسرائيل هنا في شوارعنا”. وأعلن شولتس فرض الحظر على أنشطة حماس في ألمانيا وشبكة “صامدون” كجمعية مرخصة. وقال شولتس في بيان للحكومة: “كل من يدعم منظمات إرهابية مثل حماس يرتكب جريمة” يعاقب عليها القانون.
كما علق أيمن مزيك، رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، على صور مشينة، وقال: “لا أستطيع أن أكون سعيدا أبدا – بغض النظر عن انتماء الشخص لأي دين أو عدم إيمانه بأي دين – عندما يتعرض للذبح أو الترهيب”
ويعني الحظر المفروض على الأنشطة وعلى رُخصتها كجمعية مسجلة قانونا أنه لن يُسمح بعقد أي تجمعات أو أنشطة للمنظمة أو إظهار شعاراتها. كما يمكن أيضا مصادرة أصولها. وكل من يصر، رغم الحظر، على القيام بتلك الأفعال، يرتكب جريمة يعاقب عليها.
كما تريد وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر اتخاذ إجراءات ضد مؤيدي حماس الآخرين والمتعاطفين معها في ألمانيا. وينطبق هذا أيضا على الأشخاص الذين يجمعون التبرعات للمنظمة. وفي الوقت نفسه، تريد دراسة إمكانية “طرد مجرمين ينتمون للمشهد الإسلاموي، ممن ليس لديهم جواز سفر ألماني”.
المؤيدون والمتعاطفون
ووفقا لتقديرات هيئة حماية الدستور، فهناك حوالي 450 شخصا يقفون وراء حماس في ألمانيا، كثير منهم مواطنون ألمان. ولا يوجد فرع رسمي للحركة في ألمانيا.
هناك أيضا مؤيدون ومتعاطفون. يقول خبير شؤون الشرق الأوسط غيدو شتاينبيرغ من مؤسسة العلوم والسياسة في برلين في مقابلة مع المانيا اليوم: “عدد الداعمين يقدر ببضعة آلاف”، ويضيف: “أما مجموعة المتعاطفين فهي أكبر من ذلك، ولا يمكن تقدير عددهم بدقة”. ويفرق شتاينبيرغ بين الفئتين؛ بمعنى أن المؤيدين يفعلون شيئا ملموسا لصالح حماس، على سبيل المثال الترويج لها، بينما لا يظهر من المتعاطفين، في الغالب، أي نشاط علني على الإطلاق.
“إن هذا الحظر هو أحد أهم الأدوات التي تمتلكها الديمقراطية لمنع تدفق الأموال إلى المنظمات الإرهابية”، كما يقول هانز ياكوب شيندلر من مركز أبحاث مشروع مكافحة التطرف عبر الأطلسي في حديث لـ المانيا اليوم. ويستدرك: لكن “الأمر صعب دائما، لأن الجمعيات والمنظمات غير الربحية في ألمانيا تتمتع بمستوى معين من الحماية عندما يتعلق الأمر بأنشطتها. كما أن التحقيقات التي تجريها سلطات مهمة مثل هيئة حماية الدستور، تبقى محدودة عندما يتعلق الأمر بالشؤون المالية”.
بيد أنه إذا تمت الدعوة إلى العنف علنا، فسيصبح الأمر ممكنا. و”طالما بقي الأمر منضبطا، فسيكون ذلك صعبا للغاية”. وعادة ما يولي المعنيون اهتماما وثيقا بما يقولونه حتى لا يلفتوا انتباه السلطات.
هيئة حماية الدستور: حماس تنظر لألمانيا كقاعدة خلفية للدعم
ولا تعترف حماس بدولة إسرائيل وتقول إنها تريد تدميرها. وتصنف ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وجول أخرى، حماس كمنظمة إرهابية.
وقبل سنوات قليلة تم حظر العديد من الجمعيات القريبة من الحركة. وجاء في تقرير المكتب الاتحادي لحماية الدستور لعام 2022: “تنظر حماس إلى الدول الغربية مثل ألمانيا كقاعدة خلفية تركز فيها المنظمة على جمع التبرعات وتجنيد أتباع جدد ونشر دعايتها”، كما ورد في التقرير السنوي للمكتب الاتحادي لعام 2022.
وبحسب هيئة حماية الدستور، فإن جمعية صامدون تنتمي إلى المنظمة الفلسطينية المتطرفة “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”. وتروج الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أيضا للكفاح المسلح ضد إسرائيل، ولكنها على عكس حماس ليست دينية.
كما تعتبر جمعية “الجالية الفلسطينية في ألمانيا” ضمن شبكة من المتطرفين الفلسطينيين، والتي، وفقا للسلطات الأمنية، تتكون بشكل أساسي من أنصار حماس.
لكن ألمانيا تلعب دورا صغيرا فقط كقاعدة خلفية في تمويل حماس، كما يقول شندلر: “يجب أن نتذكر أن ألمانيا وأوروبا، رغم حملات جمع التبرعات، ليسا الممولين الرئيسيين لحماس. وهذا واضح جدا عندما يتعلق الأمر بالمال، إنها قطر. (…) حماس لن تستمر بدون أموال قطر”.
النفوذ الإيراني في المركز الإسلامي في هامبورغ
ويتطلع السياسيون الألمان أيضا إلى داعمي حماس الدوليين: فقد تم حظر حزب الله اللبناني من قبل وزير الداخلية السابق هورست زيهوفر في عام 2020.
أما المركز الإسلامي في هامبورغ، المشتبه بأنه خاضع لسيطرة إيران، فكان تحت مراقبة هيئة حماية الدستور لعقود من الزمن. وينظر إليه على أنه امتداد للنظام الإيراني الذي هنأ حماس على هجومها على إسرائيل يوم السبت. وقال المستشار الألماني شولتس: “لولا الدعم الإيراني على مدى السنوات القليلة الماضية، ما كانت حماس لتصبح قادرة على شن هذه الهجمات غير المسبوقة على الأراضي الإسرائيلية”.
وكانت السلطات الألمانية قد طردت بالفعل نائب رئيس المركز في عام 2022، لأنه دعم منظمات إرهابية وممولي الإرهابيين. ومع ذلك، فإن المركز الإسلامي في هامبورغلا يزال غير محظور. إن الشرط الأساسي للحظر، والذي يمكنه بعد ذلك أن يصمد أمام المراجعة القضائية المحتملة، هو بشكل عام أن يتوفر دليل على أن السلوك العدواني هو الطابع المميز للجمعية.
المجلس المركزي للمسلمين: أقلية فقط مناهضة لإسرائيل
ويعتقد أيمن مزيك، رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، أنه من المهم التأكيد على أن أقلية فقط من المسلمين تخرج إلى الشوارع بشعارات معادية لإسرائيل أو معادية للسامية. لا ينبغي افتراض “أن هذه الصور، وهؤلاء الأشخاص يتحدثون باسم جميع المسلمين، أو باسم المسلمين الألمان، أو باسم المنظمات الموجودة هنا”.
فهل يتعين علينا الآن أن نتوقع هجمات من جانب حماس أو المتعاطفين معها في ألمانيا؟ يقول هانز ياكوب شيندلر: “لا أرى أن ألمانيا هي الهدف الرئيسي لهجوم حماس، ولكن لا يمكن استبعاد احتمال أن يشعر أفراد متحمسون ومتطرفون بأنهم مجبرون على القيام بشيء ما”.
يشار إلى أن حركة حماس هي جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى، كمنظمة إرهابية.
أعده للعربية: فلاح الياس/ إيمان ملوك