كرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضه منح الفلسطينيين السيادة على قطاع غزة لضمان ألا تُشكّل “بعد الآن تهديدا لإسرائيل” فيما احتدم القتال في القطاع الفلسطيني في اليوم السادس بعد المئة من الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس. وبهذا يمكن أن تدخل الحرب الإسرائيلية على حركة حماس في قطاع غزة مرحلة جديدة مع تواتر تقارير عن إعادة تموضع وانتشار للقوات الإسرائيلية شملت العديد من المناطق التي كانت قد انسحبت منها قبل أسابيع. فمع ارتفاع فاتورة الحرب اقتصاديا، وفي ظل انتقادات بعض وزراء مجلس الحرب الإسرائيلي نفسه لقرارات نتنياهو، وسخط أهالي الرهائن ومطالبتهم برحيله تزداد الضغوط على الرجل الذي يفقد كل يوم نصيبا كبيرا من الدعم الذي حظي به في بداية الحرب حتى من قبل الولايات المتحدة، الحليف الأقوى والأقرب لإسرائيل.
وعادت الخلافات الأمريكية الإسرائيلية لتطفو على السطح من جديد بشأن حرب غزة، بعدما أثار رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن إقامة دولة فلسطينية بعد انتهاء الحرب، عاصفة انتقادات من قبل مسؤولين أمريكيين. وقال نتنياهو عبر حسابه على موقع إكس “لن أتنازل عن سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة على كل الأراضي الواقعة غرب الأردن”، وذلك بعد تأكيد مكتبه على رغبته في سيطرة أمنية إسرائيلية على قطاع غزة.
وجاء هذا الموقف غداة إعلان البيت الأبيض عن تفاصيل اتصال هاتفي هو الأول منذ نحو شهر بين بايدن ونتنياهو، تردد أنه تناول الحلول الممكنة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، والتي رأى الرئيس الأمريكي أن أحد هذه الحلول قد يتضمن دولة منزوعة السلاح. إلا أن مكتب نتنياهو قال في بيان “خلال محادثته مع الرئيس بايدن، أكد رئيس الوزراء نتنياهو مجددا على سياسته التي تنص على أنه بعد تدمير حماس يجب أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على غزة لضمان أنها لن تمثل تهديدا بعد الآن على إسرائيل، وهو ما يتعارض مع مطلب السيادة الفلسطينية”.
وفي باريس، أعلن وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه السبت أنّ “للفلسطينيين الحق في السيادة وفي إنشاء دولة”، مؤكداً عبر منصة إكس أنّ “فرنسا ستبقى وفية لالتزامها من أجل بلوغ هذا الهدف”.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن نتنياهو يسعى لـ”استرضاء أعضاء ائتلافه اليميني الحاكم بتكثيف الحرب ضد حماس، بينما يعارض دعوات ضبط النفس من جانب الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل”. وردا على تصريحات نتنياهو الرافضة لإقامة الدولة الفلسطينية، دعت الرئاسة الفلسطينية واشنطن إلى “الاعتراف بدولة فلسطين، وليس فقط الحديث عن حل الدولتين، وهذا هو الوقت المناسب للقيام لذلك”.
غوتيريش يؤكد حق الفلسطينيين في بناء دولتهم
بدوره أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال قمة حركة عدم الانحياز في أوغندا السبت أن “الجميع يجب أن يعترف بحق الشعب الفلسطيني في بناء دولته”، ووصف أي “إنكار” لهذا الحق بأنه “غير مقبول”. وقال غوتيريش إن “رفض قبول حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك إنكار حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة، أمر غير مقبول”، مضيفا أن “هذا من شأنه أن يطيل إلى أجل غير مسمى أمد نزاع أصبح تهديدا كبيرا للسلم والأمن العالميين، ما يؤدي إلى تفاقم الاستقطاب وتشجيع المتطرفين في جميع أنحاء العالم”.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على “وجوب اعتراف الجميع بحق الشعب الفلسطيني في بناء دولته”. وما بين بحث نتنياهو عن تحقيق “النصر الكامل” وضرورة التأكد من أن “حماس لم تعد تمثل تهديدا” لأمن إسرائيل، تتواصل الحرب ليس فقط في غزة ولكن على جبهات عدة أخرى، وتتزايد معها المخاوف من اتساع رقعة الصراع وانزلاق المنطقة المشتعلة بالفعل إلى دوامة من الفوضى ربما يخرج الكل خاسرا فيها.
تواصل القتال
ميدانيا، تتواصل المعارك العنيفة الأحد في قطاع غزة بين إٍسرائيل وحركة حماس، فيما تنفذ القوات الإسرائيلية عمليات في الضفة الغربية المحتلة، فقد أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الأحد مقتل أحد جنوده، خلال القتال في جنوب قطاع غزة. وبمقتل الجندي ترتفع حصيلة القتلى منذ بدء الهجوم البري ضد حركة “حماس” إلى 195 قتيلا، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل، في موقعها الإلكتروني اليوم.
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه في قطاع غزة لتحقيق أهدافها التي تشمل القضاء على القدرات العسكرية لحركة حماس وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
وذكر الجيش الإسرائيلي أن البحرية الإسرائيلية قصفت مبنى، بوسط قطاع غزة، حيث كان عدد من عناصر حركة “حماس” يستعد لنصب كمين للجنود الإسرائيليين. وأضاف الجيش أن البحرية حددت التهديد وقامت بالتعاون مع اللواء المدرع الاحتياطي الـ179، بقصف عناصر حماس، حسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” اليوم الأحد.
ومن جهة أخرى، في جنوب غزة، ذكر الجيش أنه في عملية مشتركة بين سلاح الجو وقناصة من لواء الكوماندوز، تم قتل العديد من عناصر حركة “حماس”. وفي حيي “الدرج” و”التفاح” بمدينة غزة، ذكر الجيش أن اللواء المدرع 401، خاض قتالا مع حماس، مما أسفر عن مقتل حوالي 15 عنصرا بالحركة وداهم مبنى كانت تستخدمه الحركة، حيث عثر الجنود الإسرائيليون على أسلحة.
ح.ز/ ع.غ (أ.ف.ب / د.ب.أ)