قال متحدث باسم الخارجية الألمانية في برلين اليوم لإثنين (29 يناير/ كانون الثاني 2024) إن التفكير في طرد الفلسطينيين من قطاع غزة “غير مقبول تماما” مشيرا إلى أن مثل هذه الأفكار “تساهم خلال الصراع الحالي في تفاقم الوضع وتخالف القانون الدولي بشكل واضح تماما”. وكان وزراء إسرائيليون من حزب رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بنيامين نتانياهو “الليكود” شاركوا في مؤتمر مؤيد للمستوطنين في القدس أمس الأحد، وجرى الحديث في هذا المؤتمر عن عودة مستوطنين إسرائيليين إلى القطاع الواقع على ساحل البحر المتوسط. في المقابل، قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية “من يعتقد أن من الممكن تحقيق الأمن لإسرائيل عن طريق أوهام الطرد، فإنه مخطئ على نحو واضح تماما”، وشدد المتحدث على الحاجة إلى التوصل إلى حل دائم للصراع يتضمن الفلسطينيين.
في سياق متصل، أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أن مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي ونتيجة لضغوط أمريكيةوافق على إرسال وفد تابع للأمم المتحدة لزيارة شمال غزة، لتحديد ما هو مطلوب من أجل عودة المدنيين إلى المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن موافقة إسرائيل على الزيارة كانت مشروطة بأن يقوم الوفد الأممي قبل الدخول إلى غزة، بزيارة المستوطنات الحدودية المحيطة بالقطاع للتعرف على حجم “الدمار الذي خلفته مجزرة حماس”، وأن يشارك ممثل أمريكي في الوفد، بالإضافة إلى توضيح إسرائيلي بألا تعني الزيارة إمكانية عودة سكان غزة الذين تم إجلاؤهم من شمال القطاع، في هذه المرحلة.
مؤتمر للترويج لبناء المستوطنات
يأتي ذلك غداة المؤتمر الذي نظمه حزب “القوة اليهودية” اليميني في القدس الأحد للترويج لإعادة الاستيطان في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية. وشارك في هذا المؤتمر آلاف الإسرائيليين، من بينهم وزراء من اليمين المتطرف ونواب من الكنيست.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد أعرب في تصريحات رسمية سابقة عن رفضه لفكرة إعادة الاستيطان، غير أن المؤتمر يُظهر أن الموقف الذي كان هامشيا في السابق قد اكتسب زخما داخل حكومة نتانياهو اليمينية المتشددة.
وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير “إذا كنّا لا نريد 7 أكتوبر/تشرين الأول آخر، علينا أن… نسيطر على المنطقة”، في إشارة إلى الهجوم الدامي الذي شنّته حماس على إسرائيل وأشعل فتيل حرب دخلت الآن شهرها الرابع. وأضاف السياسي المثير للجدل أن على إسرائيل “تشجيع الهجرة الطوعية” للفلسطينيين من غزة، مكررا تصريحات سابقة استدعت توبيخا حادا من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
وحمل العديد من المشاركين أسلحة، بينما كان باعة خارج مركز المؤتمرات يبيعون قمصانا كتب عليها “غزة جزء من أرض إسرائيل”.
وحض المتحدثون في المؤتمر الذي أقيم في مركز مؤتمرات بالقدس وحضره أعضاء من حزب نتانياهو والعديد من الوزراء الآخرين، رئيس الوزراء على “تحويل حلمهم إلى حقيقة”. فيما دعا بعضهم إلى ترحيل الفلسطينيين من غزة وأعلنوا أن المستوطنات هي “السبيل الوحيد لضمان الأمن للإسرائيليين”.
وقالت زعيمة المستوطنين دانييلا فايس إن مؤتمر الأحد يهدف إلى الضغط على الحكومة “للعودة إلى قطاع غزة وإقامة مجتمعات على الفور”. وأضافت أن “العرب لن يبقوا في غزة”، مضيفة “ولا حماس، ولا أنصار حماس. وأولئك الذين لا يدعمون حماس لا يريدون البقاء على أي حال”.
يذكر أن إسرائيل احتلت قطاع غزة عام 1967 خلال حرب الأيام الستة التي شهدت أيضا الاستيلاء على الضفة الغربية والقدس الشرقية. ويعيش الآن أكثر من 400 ألف إسرائيلي في مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة التي تعتبر غير شرعية بموجب القانون الدولي، إلى جانب نحو ثلاثة ملايين فلسطيني. فيما كانت إسرائيل قد سحبت قواتها ومستوطنيها من قطاع غزة عام 2005.
حماس تستنكر
في المقابل استنكرت حركة حماس، في تصريح أوردته اليوم الاثنين وكالة الصحافة الفلسطينية (صفا)، تنظيم هذا المؤتمر وقالت إنه “يعكس استخفاف الاحتلال بالقوانين الدولية وبقرارات محكمة العدل الدولية”، في إشارة إلى قرار هذه المحكمة إلزام إسرائيل بـ “اتخاذ كافة التدابير لحماية حياة الفلسطينيين في غزة”.
ودعت حماس المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف حازم من عقد هذا المؤتمر وإدانته بشكلٍ واضح. ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
اتصال هاتفي بين شولتس والسيسي
وفي خبر ذي صلة، اتفق المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في اتصال هاتفي، على أهمية السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، حسبما أعلن عنه متحدث باسم الحكومة الألمانية.
وجاءت دعوة الزعيمين في الوقت الذي قررت فيه عدد من الدول الغربية، من بينها ألمانياوآخرها النمسا، وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، تفاعلا مع اتهام تل أبيب للوكالة بمشاركة عدد من موظفيها في الهجوم الذي شنّته حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والذي قتل فيه نحو 1200 إسرائيلي وتم اختطاف أكثر من 242 رهينة.
ومنذ ذلك الحين تقود إسرائيل هجوما عسكريا غير مسبوق في قطاع غزة متوعدة بالقضاء على حماس، وحسب بيانات السلطات الصحية التابعة لحماس أمس الأحد، فقد قتل ما لا يقل عن 26446 فلسطيني على الأقل إضافة إلى آلاف المفقودين والجرحى.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية بشأن وقف تمويل وكالةأونروا، إن “هناك طرق أخرى لتقديم المساعدات لسكان غزة ونحن نتطلع إليها”، بينما حذر المتحدث باسم الوكالة الأممية الاثنين، من وقف تمويل الوكالة الذي سيمنعها من مواصلة عملياتها وخدمتها في أنحاء المنطقة بما في ذلك غزة بعد نهاية الشهر القادم.
و.ب/ح.ز (أ ف ب، رويترز، د ب أ)