تدفق قياسي للاجئين إلى أوروبا.. مادة دعائية للأحزاب المتطرفة
تقدم أكثر من 1.14 مليون شخص بطلب لجوء في الاتحاد الأوروبي في عام 2023، وفق الأرقام السنوية الصادرة عن وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء (EUAA). والرقم هو الأكبر منذ موجة اللاجئين الكبرى في عامي 2015 و2016.
بلغت حصة ألمانيا 29% من طلبات اللجوء، وبواقع نحو 334 ألف شخص يطلبون الحماية في عام 2023. وقد استغل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي ملف الهجرة لكسب المزيد من الشعبية ليرتفع تأييده إلى 19% في البلاد.
وجاءت فرنسا (167000) وإسبانيا (162000) وإيطاليا (136000) خلف ألمانيا كأكبر متلقين للطلبات. وتلقت قبرص أكبر عدد من الطلبات مقارنة بعدد سكانها البالغ 1.2 مليون نسمة، وبواقع مع 12 ألف طلب.
بلدان المنشأ
وكالعادة منذ سنوات، قدم السوريون أكبر عدد من الطلبات في عام 2023، حيث بلغ عددهم 181000. وظلت أفغانستان ثاني أكبر بلد منشأ، وبواقع 114 ألف طلب في عام 2023.
وشهد العام الماضي زيادة بنسبة 82% في عدد الأتراك المتقدمين للحصول على الحماية الدولية في الاتحاد الأوروبي، بما يزيد عن 100 ألف.
تعترف وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء (EUAA) بأن الأرقام الواردة في تقريرها السنوي لا “تنقل صورة كاملة” عن مجمل الوضع في الاتحاد الأوروبي، حيث لم يجري إحصاء 4.4 مليون أوكراني دخلوا الاتحاد الأوروبي منذ بداية الغزو الروسي. وجرى منحهم “الحماية المؤقتة” دون الحاجة إلى تقديم طلب رسمي للحصول على اللجوء.
وقفز عدد الفلسطينيين المتقدمين بطلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي إلى مستوى قياسي بلغ أكثر من 11 ألفاً، بعدما كان نحو 6700 في عام 2022.
يقول ألبرتو هورست نيدهارت، كبير محللي السياسات في “مركز السياسة الأوروبية” (EPC)، لـ المانيا اليوم: “الزيادة في الأعداد متوقعة، بسبب تزايد عدم الاستقرار الجيوسياسي في جميع أنحاء العالم، وخاصة تزايد الصراعات في مناطق ليست بعيدة عن أوروبا”.
اعداد قياسية على مستوى العالم
وخلص تقرير “الاتجاهات العالمية” الأخير الصادر عن وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى أن 110 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم نزحوا قسراً من منازلهم، بزيادة قدرها أكثر من 1.6 مليون شخص عن نهاية عام 2022.
وقالت كاثرين وولارد، مديرة المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين، وهي منظمة غير حكومية، لـ المانيا اليوم: “هناك أعداد قياسية من النازحين على مستوى العالم، ونرى أن 10%، قد يطلبون الحماية في أوروبا. إذا نظرنا إلى حركة النزوح العالمي ونسبة الأشخاص الذين يأتون بالفعل إلى أوروبا، فسنجد أن الأعداد ليست مرتفعة مقارنة بالبلدان الأخرى والمناطق الأخرى من العالم”.
وحسب أرقام EUAA، تمت الموافقة على 43٪ من طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي في عام 2023.
إصلاح نظام اللجوء
وفي ديسمبر/كانون الأول، اتفقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي على إجراء إصلاح شامل لقوانين اللجوء والهجرة الخاصة بالاتحاد.
وتضمنت عملية الإصلاح أحكاماً للبت بشكل أسرع بطلبات طالبي اللجوء، وإنشاء مراكز احتجاز على الحدود، وترحيل سريع لطالبي اللجوء الذين تم رفض طلباتهم.
كما تضمنت “آلية تضامن” يتعين بموجبها على الدول التي لا يصلها عدد كبير من المهاجرين مساعدة الدول الأخرى باستضافة اللاجئين على أراضيه، والدول التي ترفض استقبالهم ستقدم مساهمات مالية أو مادية للدول التي تتحمل العبء الأكبر كإيطاليا واليونان ومالطا.
ووصف نائب رئيس المفوضية الأوروبية مارغاريتيس شيناس الاتفاق بأنه “اختراق”، لكن حكومة المجر وبولندا في ذلك الوقت عارضتا الاتفاق بشدة.
ويوضح ألبرتو هورست نيدهارت، كبير محللي السياسات في “مركز السياسة الأوروبية” (EPC): “علينا أن نضع في اعتبارنا أن هذه الإصلاحات لن تدخل حيز التنفيذ إلا اعتباراً من عام 2026. هناك أيضًا خطر المبالغة في تضخيم توقعات الناخبين، بأن هذه الإصلاحات ستحل جميع المشكلات المتعلقة بكيفية التعامل مع الهجرة بين عشية وضحاها”.
أصدرت “وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء” تقريرها السنوي في ظل احتدام الحملات الانتخابية لخوض غمار انتخابات لبرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران، وتشكل الهجرة أولوية قصوى بالنسبة للناخبين في العديد من دول الاتحاد الأوروبي.
فرصة للأحزاب اليمنيية المتطرفة
ويتوقع أحدث استطلاع للرأي حمل عنوان “منتخبو أوروبا” أن يفوز حزب البديل من أجل ألمانيا بـ 22 مقعداً من مقاعد ألمانيا في البرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران، وهو ثاني أعلى مجموع بعد كتلة تحالف الديمقراطيين المسيحيين والاتحاد الاجتماعي المسيحي.
وقال ألبرتو هورست نيدهارت، كبير محللي السياسات في “مركز السياسة الأوروبية” (EPC): “أتوقع أن تستغل الأحزاب اليمينية المتطرفة في ألمانيا ودول أوروبية أخرى أرقام [اللجوء] هذه لصالحها في حملاتها الانتخابية”.
وأضاف “الحقيقة هي أيضا أن الأحزاب الأخرى من يمين الوسط ويسار الوسط والليبراليين، راهنت أيضاً بشكل كبير على إصلاحات الهجرة على أمل أن تقنع ناخبيها بأن موضوع الهجرة يتصدر أجنداتها”.
ويقوم حزب البديل من أجل ألمانيا بحملته الانتخابية على أساس وعد بتضييق الخناق على دخول المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي وألمانيا.
كذلك تأمل الأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية الأخرى في فرنسا والنمسا وإيطاليا وفي جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي في تحقيق مكاسب انتخابية كبيرة. وإذا تمكنت أحزاب اليمين المتطرف من مختلف البلدان من تنحية خلافاتها جانباً والتوحد في البرلمان الأوروبي، فمن الممكن أن تصبح قوة رئيسية في عملية سن القوانين في الاتحاد الأوروبي.
أعده للعربية: خالد سلامة