ما هي مواقف الأحزاب الأوروبية من قضايا الهجرة واللجوء؟
سيتجه الناخبون الأوروبيون إلى صناديق الاقتراع في بداية الأسبوع الثاني من شهري يونيو/حزيران المقبل لتحديد الوجه السياسي الجديد للبرلمان الأوروبي، الذي يقرر ميزانية الاتحاد الأوروبي ويتبنى القوانين بالتعاون مع مجلس أوروبا.
على الرغم من أن العديد من القرارات المتعلقة بالهجرة يتم اتخاذها داخليا من قبل الحكومات، إلا أن القرارات التي تهم مختلف الدول يتم اتخاذها على مستوى الاتحاد الأوروبي. ولعل الإصلاح الشامل لنظام الهجرة في أوروبا خير نموذج على القرارات التي يتخذها الاتحاد وتلتزم بها كل الدول الأعضاء.
الأحزاب السبعة
يتكون البرلمان الأوروبي من سبعة أحزاب، حزب الشعب الأوروبي (EPP) يحتل أكبر عدد من المقاعد بـ 177 مقعدا، يليه التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين بـ 140 مقعداً، وحزب تجديد أوروبا بـ 102 مقعدا.
أما بقية الأحزاب، كحزب الخضر الأوروبي والمحافظون والإصلاحيون الأوروبيون ومجموعة الهوية والديمقراطية، واليسار في البرلمان الأوروبي، فتشغل كل منها أقل من مائة مقعد، أي 72 و68 و59 و37 مقعداً على التوالي.
البلاغات الحزبية
قبل الانتخابات، تصدر الأحزاب بلاغات تحدد مواقفها بشأن أهم المواضيع التي تشغل بال الناخبين، مثل المناخ والرعاية الصحية وغيرها. في هذا التقرير، نستعرض آراء الأحزاب الأوروبية بشأن أهم قضايا الهجرة، مثل ما يتعلق بوكالة مراقبة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي فرونتكس، وعمليات البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط وعمليات التفتيش على الحدود الداخلية.
سياسة الهجرة من المواضيع التي تختلف حولها الأحزاب الأوروبية، إلا أنها تتحد حول هدف اتخاذ موقف صارم بشأن الاتجار بالبشر. وقد أدانت الأحزاب السبعة جريمة تهريب البشر في بلاغاتها الحزبية الخاصة بالانتخابات.
حزب الشعب الأوروبي
يحتل حزب الشعب الأوروبي الذي ينتمي إلى يمين الوسط أكبر عدد من المقاعد في برلمان الاتحاد الأوروبي. ويتألف من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي في ألمانيا، والجمهوريين في فرنسا، وحزب فورزا إيطاليا في إيطاليا، إضافة إلى أحزاب أخرى. بعض استطلاعات الرأي في الفترة الأخيرة، توقعت أن يخسر حزب الشعب الأوروبي مقعدين في الانتخابات المقبلة.
في بلاغه، تعهد حزب الشعب الأوروبي “بمضاعفة عدد موظفي فرونتكس ثلاثة أضعاف ليصل إلى 30 ألفًا” وزيادة ميزانية وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي من أجل تحويلها إلى “حرس حدود أوروبي حقيقي”.
ووفقا للحزب، فإن عمل فرونتكس يجب أن يركز على ثلاث نقاط أساسية، منع الهجرة غير القانونية إلى الاتحاد الأوروبي ومراقبة الحدود الخارجية للاتحاد و تكثيف عودة المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم”.
وتعهد حزب الشعب الأوروبي بتعزيز الحدود الخارجية للاتحاد من خلال مراقبة أكثر دقيقة للمهاجرين الوافدين، موضحا أنه يجب مراقبة الحدود الخارجية “بشكل شامل وإلكترونيا”.
يدعو حزب الشعب الأوروبي إلى انضمام بلغاريا ورومانيا إلى منطقة شنغن “في أسرع وقت ممكن” لتحسين جودة السيطرة على في تدفقات الهجرة إلى دول الاتحاد، وتقليل الحاجة إلى عمليات التفتيش على الحدود الداخلية. ويعبر العديد من المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي من الشرق عبر هذين البلدين.
ومن أبرز ما جاء في بلاغه السابق للانتخابات، اهتمامه بإرسال طالبي اللجوء المحتملين إلى “دول ثالثة آمنة”، وهو الاقتراح الذي يشبه خطة رواندا في المملكة المتحدة وخطة ألبانيا في إيطاليا.
التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين
يحتل التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين (S&D) الذي ينتمي إلى يسار الوسط ثاني أكبر عدد من المقاعد في برلمان الاتحاد الأوروبي ويتكون من ممثلين عن الأحزاب العمالية والاشتراكية والديمقراطية الاجتماعية في جميع أنحاء أوروبا.
وتتوقع استطلاعات الرأي أن يحصل الاشتراكيون والديمقراطيون على خمسة مقاعد إضافية في الانتخابات المقبلة، مما يرفع إجمالي مقاعد الحزب من 140 إلى 145.
وقال حزب S&D في بلاغه إنه يدعم أي مهمة أوروبية للبحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط. إذ يتم حاليًا تسهيل معظم عمليات البحث والإنقاذ في البحر من قبل المنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية. كما يقوم خفر السواحل الإيطالي واليوناني والإسباني بتسهيل العمليات، ولكن فقط بالقرب من سواحل البلاد. وأضاف الحزب أنه “لن يجرم أبدًا المساعدة الإنسانية”.
وحوله عمليات التفتيش على الحدود، قال الحزب إنه سيضمن “تعزيز مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بشكل فعال، مع حماية سلامة وحقوق الأشخاص الوافدين”.
حزب تجديد أوروبا!
هو حزب ليبرالي اقتصاديًا مؤيد للاتحاد الأوروبي، ويتكون من عدد من الأحزاب المختلفة، بما في ذلك ALDE (الليبراليين والديمقراطيين في أوروبا)، والحزب الديمقراطي الأوروبي، وحزب النهضة بزعامة ماكرون وأحزاب وطنية أخرى. وتتوقع استطلاعات الرأي أن يخسر حزب تجديد أوروبا 21 مقعدًا في الانتخابات المقبلة، مما يرفع إجمالي مقاعد الحزب من 102 إلى 81.
تضمن بيان الحزب معلومات حول خططه المتعلقة بالهجرة، ودعا إلى تسهيل المعاملات القانونية للعمال المهاجرين “حتى تتمكن الاقتصادات الأوروبية من الحصول على القوى العاملة اللازمة لازدهارها”، في ظل النقص الحاد في اليد العاملة الأوروبية.
بخصوص عملي ودعم وكالة فرونتكس، فقد توعد الحزب “بالإصلاح من أجل السيطرة الفعالة على الحدود الخارجية للاتحاد فقال الحزب إنه “سيطلق خطة عمل أوروبية” خاصة بعمليات البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط “مع إعطاء الأولوية لسلامة وكرامة الأشخاص المعنيين”. وقال الحزب إنه سيضمن أن تتوقف عمليات الإعادة وسوء معاملة المهاجرين وغيرها من الانتهاكات لحقوقهم.
وتعهد الحزب، مثل حزب الشعب الأوروبي، بدعم اتفاقيات الدول الثالثة “لوقف الهجرة غير القانونية إلى الاتحاد الأوروبي، في ظل حماية حقوق الإنسان”. كما يدعم الحزب إنشاء “مرافق مشتركة يديرها الاتحاد الأوروبي خارج حدوده لطالبي اللجوء، وتكون مسؤولة عن تسهيل معالجة الطلبات”.
الخضر الأوروبيون/التحالف الحر الأوروبي
إن حزب الخضر الأوروبي/التحالف الحر الأوروبي هو ائتلاف يضم العديد من الأحزاب الأوروبية المختلفة وأغلبها تنتمي إلى يسار الوسط والتي تركز بشكل خاص على قضايا المناخ.
وتتوقع استطلاعات الرأي أن يخسر حزب الخضر الأوروبي/التحالف الحر الأوروبي 29 مقعدًا في الانتخابات المقبلة، مما يخفض إجمالي مقاعد الحزب من 72 إلى 43.
ويدعو G-EFA في بيانه إلى إنشاء مهمة بحث وإنقاذ يمولها ويقودها الاتحاد الأوروبي في البحر الأبيض المتوسط، كما تدعو إلى تعزيز “التفويض والمسؤولية الإنسانية” لفرونتكس.
وأضاف الحزب أنه يهدف إلى “رقابة أكبر على عمل الوكالة، من خلال البرلمانات الوطنية إلى جانب البرلمان الأوروبي”. وقال الحزب إنه يريد إنهاء تجريم المساعدة الإنسانية، وإنه ينبغي ضمان حصول طالبي اللجوء على المساعدة القانونية.
ودعا الحزب إلى نظام لجوء منسق على مستوى الكتلة في الاتحاد الأوروبي تتقاسم فيه الدول الأعضاء مسؤولية تقديم الطلبات. ووقال الحزب أيضًا إنه يهدف إلى توفير الحماية القانونية للأشخاص النازحين بسبب الأزمات المناخية وأنه “يجب مراعاة الوضع الخاص لطالبي اللجوء من مجتمع LGBTQIA+”.
أما عمليات التفتيش على الحدود الداخلية في منطقة شنغن، إضافة إلى عمليات الصد على حدود الاتحاد الأوروبي فيقول الحزب “يجب أن تنتهي”. وأوضح الحزب دعمه لانضمام بلغاريا ورومانيا إلى منطقة شنغن.
أما عن فكرة نقل اللاجئين إلى دول ثالثة، فقد قال الحزب “نحن نعارض بشدة ما يسمى باتفاقات الهجرة، مثل الاتفاق مع تونس، حيث يدفع الاتحاد الأوروبي للدول مالاً لمنع المهاجرين من دخولها”. معتبرا أن “جعل التعاون التنموي مع دول ثالثة مشروطًا بإدارة “الهجرة” هو “أمر غير أخلاقي”.
المحافظون والإصلاحيون الأوروبيون
يعتبر حزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين (ECR) من يمين الوسط، هدفه السياسي الأساسي هو ضمان عدم تحول الاتحاد الأوروبي إلى دولة عظمى تتدخل في السلطة والسياسة الخاصة بكل بلد.
وتتوقع استطلاعات الرأي أن يحصل الحزب على خمسة مقاعد في الانتخابات المقبلة، مما يرفع إجمالي مقاعد الحزب من 68 إلى 73.
تعهد الحزب بمحاربة “استغلال تدفقات المهاجرين كسلاح من قبل الجيران الشرقيين والجنوبيين، بهدف زعزعة الاستقرار وزيادة التوترات داخل الاتحاد الأوروبي”. اقترح الحزب “استراتيجية شاملة لأمن الحدود تمولها الدول الأعضاء وتغطي جميع نقاط الدخول المحتملة، بما في ذلك الحدود الجوية والبرية والبحرية”.
أما بخصوص نقل المهاجرين إلى دول ثالثة، فلا يرفض الحزب إضفاء الطابع الخارجي على إدارة الهجرة، وقال إنه سيسعى إلى ضمان أن “يتم تقييم غالبية طلبات الحماية الدولية مباشرة خارج الاتحاد الأوروبي”.
حزب الهوية والديمقراطية
وتتكون مجموعة الهوية والديمقراطية اليمينية المتطرفة من أحزاب قومية من جميع أنحاء الاتحاد، بما في ذلك حزب لا ليجا الإيطالي، وحزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) وحزب التجمع الوطني الفرنسي.
وتتوقع استطلاعات الرأي أن يحصل الحزب على 24 مقعدًا في الانتخابات المقبلة، مما يرفع إجمالي مقاعد الحزب من 59 إلى 83.
لم تصدر مجموعة الهوية والديمقراطية بيانًا لعام 2024، لكن أهدافها للسنوات الخمس المقبلة تظل نفس الأهداف والتي تم الإعلان عنها قبل انتخابات 2019.
وفي بيان عام 2019، دعا الحزب إلى حماية أفضل للحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، مضيفًا أن “لكل دولة الحق في حماية حدودها والسيطرة عليها ومراقبتها”. كما دعا إلى تكثيف عمليات ترحيل “المهاجرين غير القانونيين والمجرمين”. ودعا في المقابل إلى “احتضان الهويات الوطنية واحترامها والحفاظ عليها”.
اليسار في البرلمان الأوروبي
يتكون اليسار في البرلمان الأوروبي من أحزاب يسارية متطرفة من جميع أنحاء الكتلة. وتتوقع استطلاعات الرأي أن يخسر اليسار خمسة مقاعد في الانتخابات المقبلة، مما يخفض إجمالي مقاعد الحزب من 37 إلى 32.
يدعو اليسار في بيانه إلى “حل” وكالة فرونتكس وإلغاء اتفاقية دبلن التي تلزم المهاجرين بتقديم طلب اللجوء في أول دولة يصلون إليها عند الدخول إلى الاتحاد الأوروبي.
ودعا الحزب إلى إلغاء ميثاق الاتحاد الأوروبي الجديد بشأن الهجرة واللجوء، الموقع في 20 ديسمبر 2023 “لأنه يتسبf باحتجاز اللاجئين، وفي معظم الحالات، بالترحيل”. ودعا الحزب بدلاً من ذلك إلى “نظام استقبال مشترك في الاتحاد الأوروبي يعتمد على معايير التضامن بين مختلف البلدان واحترام حقوق المهاجرين واللاجئين”. ويعارض الحزب “نقل مراكز الاحتجاز” إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي.
كلير روث