خبراء: "أوروبا تعتمد على الطغاة" لصد اللاجئين من الجنوب
ما الذي تساهم به ألمانيا وأوروبا لمساعدة اللاجئين؟ يجيب البروفيسور فرانك دوفيل، الباحث في شؤون الهجرة في جامعة أوسنابروك: “مساهمة كبيرة”، في إشارة إلى أكثر من مليون لاجئ تم قبولهم في عام 2023. وعلى الرغم من هذا الثناء، إلا أنه غير راضٍ عن النتيجة الإجمالية. وهذا ينطبق أيضا على الخبراء الآخرين الذين يقدمون معه في برلين “تقرير اللجوء العالمي لعام 2024”.
يقول دوفيل: “تركز المناقشات الحالية حول اللاجئين على اتخاذ إجراءات لردعهم” (كي لا يصلوا إلى أوروبا)، منتقدا التسوية التي تم التوصل إليها بشأن كيفية التعامل مع اللاجئين، بعد سنوات من النزاعات داخل الاتحاد الأوروبي.
رمز لمعاناة اللاجئين: مخيم موريا في جزيرة ليسبوس
أمسى مخيم موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية، والذي كان من المقرر أن يستوعب 2800 شخص، رمزا لسياسة اللاجئين الفاشلة. وفي أصعب أوقات الأزمة، تم إيواء 20 ألف رجل وامرأة وطفل هناك. لقد كانوا يعيشون في ظروف صحية كارثية.
وفقا لنظام اللجوء الجديد في الاتحاد الأوروبي، سيتم في المستقبل فحص طالبي اللجوء وتسجيلهم على الحدود الخارجية للاتحاد. ومن المفترض أن ينتظروا في معسكرات الاستقبال لمدة تصل إلى اثني عشر أسبوعا، إلى أن يتم اتخاذ البت بشأن طلباتهم للجوء. توقعات دوفيل بهذا الخصوص: “سنحصل على الكثير من معسكرات موريا”.
كما تخشى بيترا بيندل من جامعة إرلانغن-نورنبيرغ من احتمال تكرار صور المخيمات المكتظة وغير الإنسانية، وخاصة للأطفال والعائلات، في المستقبل: “هل يمكن أن تتطور الأوضاع الكارثية في مراكز الاستقبال العديدة الموجودة على الحدود الخارجية إلى إجراءات فعالة؟ هذا ما سيتضح حين التنفيذ”.
“أوروبا أصبحت معتمدة بشكل كبير على الطغاة”
ويشاطرها زميلها دوفيل الرأي. ويرى الباحث في مجال اللجوء والهجرة أن اتفاقيات قبول اللاجئين، مع دول غير أوروبية في الغالب، تمثل مشكلة كبيرة. والسبب خلف ذلك هو: “يجب ألا يبقوا معنا. من الأفضل لهم الذهاب إلى رواندا أو تونس أو ألبانيا”.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الاتفاقيات مع الدول الاستبدادية من شأنها أن تقوض عمليات إرساء الديمقراطية في هذه البلدان، وينتقد الخبير هذا النهج: “أوروبا أصبحت تعتمد بشكل كبير على الطغاة”. وتقوم بريطانيا، الدولة التي كانت سابقا ضمن الاتحاد الأوروبي، بالقبض على أوائل المهاجرين لترحيلهم إلى رواندا في يوليو/تموز. وتريد حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك نقل 5700 شخص إلى الدولة الإفريقية بحلول نهاية العام.
الثناء على معاملة اللاجئين الأوكران
يشعر خبراء الهجرة بالارتياح وبنفس الوقت بالقلق بشأن التعامل مع لاجئي الحرب من أوكرانيا. يقول فرانك دوفيل إن الهجوم الروسي على الدولة المجاورة لها أدى إلى أكبر حركة للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. لكن الأمور قد تزداد سوءا: “إذا لم يتم منع روسيا من تصعيد الحرب بشكل أكبر أو حتى الفوز بها، فعلينا أن نتوقع ملايين اللاجئين الإضافيين في الغرب”.
لقد تم استيعاب حوالي مليون شخص في ألمانيا بشكل جيد حتى الآن لسببين. فمن ناحية، قررت الحكومة الاتحادية عدم إجبارهم على المكوث في مآوي اللاجئين، ومن ناحية أخرى، ساعد المجتمع المدني بشكل كبير في تخفيف حدة الأزمة. ويرى دوفيل أنه “لولا ذلك لكان نظام الاستيعاب قد انهار في ربيع عام 2022”.
وحتى الاتحاد الأوروبي تصرف بشكل جيد وسرعان ما نجح في خلق الإطار القانوني. فقد وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تمديد الحماية المؤقتة للأشخاص الفارين من الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا حتى مارس/آذار 2025.
الشرق الأوسط: لا نهاية في الأفق
المشكلة التي لم يتم حلها منذ عقود هي الوضع في الشرق الأوسط، والذي تفاقم أكثر منذ بداية حرب غزة الحالية . ويصف دوفيل النازحين في منطقة غزة باللاجئين الذين لا يستطيعون الهروب: “لأنهم لا يستطيعون مغادرة قطاع غزة – لا إلى إسرائيل ولا إلى مصر”. والأخيرة قامت بتحديث أنظمة مراقبة الحدود وشيدت الجدران والأسوار على نطاق واسع. يقول خبير الهجرة: “مصر والدول العربية الأخرى جزء من المشكلة”، بالنظر إلى الوضع اليائس الذي يجد سكان المنطقة أنفسهم فيه.
يتحدث بنيامين إيتسولد من مركز بون الدولي لدراسات النزاعات عن “السيناريو الأسوأ” فيما يتعلق بالفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة. هناك مئات الآلاف من عديمي الجنسية؛ وتشير التقديرات إلى وجود ما مجموعه 1.4 مليون فلسطيني عديمي الجنسية في قطاع غزة والضفة الغربية. ولهذا عواقب وخيمة، بحسب الخبير: “من خلال السياسة تنتج حالات انعدام الجنسية. كما أن أطفال اللاجئين لا يحصلون على أي أوراق ثبوتية”.
يفتقد الباحثون في مجال الصراعات أساليب الحلول العالمية
وفي غزة، يمكن رؤية العواقب التي تنتج عن إدارة وضع اللاجئين لعقود من الزمن، كما يقول إيتسولد. ويضيف “نرى نفس الشيء في باكستان مع اللاجئين الأفغان الذين يعيشون هناك في وضع محفوف بالمخاطر منذ 40 عاما، وليست لديهم إمكانية الحصول بشكل دائم على الحقوق والمواطنة”.
ومن أجل تحسين وضع اللاجئين في جميع أنحاء العالم، يتوقع الباحث في مركز بون لأبحاث النزاعات، المزيد من الالتزام من جانب الاتحاد الأوروبي والحكومة الألمانية. وينتقد إيتسولد حقيقة أن التركيز ينصب على الحد من وصول اللاجئين إلى أوروبا. “لا أرى في ميثاق الهجرة واللجوء الجديد في الاتحاد الأوروبي سوى مبادرات ضئيلة جدا من أجل حلول عالمية لمسألة اللجوء”.
أعده للعربية: ف.ي