هل يضاعف ميثاق الهجرة الأوروبي معاناة المهاجرين؟

0


تقود منظمة العفو الدوليةالانتقادات الموجهة إلى اتفاق الهجرة الجديد للاتحاد الأوروبي معتبرة أنه سيؤدي إلى “تفاقم المعاناة، ويعرقل قانون اللجوء الأوروبي لعقود مقبلة”. وقالت إيف جيدي، مديرة مكتب المؤسسات الأوروبية بمنظمة العفو الدولية، في بيان إن”النتيجة المحتملة لتبني الميثاق هي زيادة المعاناة في كل خطوة من رحلة أي طالب اللجوء في الاتحاد الأوروبي”.

وقد انتقدت منظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات غير الحكومية كونالاتفاق يسمح لأعضاء الاتحاد الأوروبي بسن تدابير استثنائية عند ارتفاع أعداد الوافدين، خاصة عند تدخل قوى أجنبية التي تحاول المس بأمن واستقرار الاتحاد الأوروبي، من خلال تشجيع أو تنظيم وصول المهاجرين.

وبالنسبة لمنظمة العفو الدولية فإن هذا يعني أنه سيتم السماح للدول الأعضاء في الاتحاد بتوقيف العمل بمجموعة كبيرة من قوانين اللجوء في الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي سيكون بمثابة “خرق للالتزامات الدولية بموجب قانون اللاجئين والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.

سي ووتش: “ميثاق صمم ليزيد من معاناة المهاجرين”

ومن بين المنتقدين الآخرين للميثاق، مؤسسة Sea-Watch للإنقاذ البحري، والتي تدعي أن الصفقة ستؤدي إلى خسارة “المزيد من الأرواح في البحر”. وفي بيان أصدرته المنظمة باتفاق مع 12 منظمة أخرى، فقد اعتبروا أن الاتفاق “فشل تاريخي وضعف أمام الأحزاب اليمينية في أوروبا”.

تشديد الإجراءات في جزيرة لامبيدوزا الإيطالية
تشديد الإجراءات في جزيرة لامبيدوزا الإيطاليةصورة من: Cecilia Fabiano/ZUMA Press/dpa

وجاء في بيان المنظمات أيضًا “لن يتم إنقاذ حياة واحدة بعد إقرار هذه الاتفاقية اليوم”، مشددًا على أن اتفاق الاتحاد الأوروبي من شأنه أن “يقوض الاستجابة الإنسانية المشتركة لنداءات الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة، ويعرض النكثيرين لخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”، مما يشكل سابقة خطيرة لحق اللجوء على المستوى العالمي.

وفي تناقض صارخ مع نداء المنظمات، أشادت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا بالميثاق واصفة إياه بـ”الاتفاقية التاريخية”، ومعتبرة أنه مخطط للاتحاد الأوروبي لأجل قيادة الطريق عالميًا فيما يتعلق بالهجرة.

عشرات المنظمات غير الحكومية تدق ناقوس الخطر!

أشار البيان الذي أصدرته منظمة Sea-Watch والذي تم التوقيع عليه أيضًا من قبل Alarm Phone وSea-Eye وSOS Humanity والعديد من منظمات غير الحكومية الأخرى التي تهتم بأوضاع المهاجرين، إلى أن الاتفاقية تعتبر “نقطة تحول تسير في تجاه عدم احترام حقوق الإنسان، والتسبب في المعاناة على طول الحدود الأوروبية”. 

المنظمات الأربعة المذكورة،هي من بين المنظمات التي تعمل في مجال إنقاذ المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا على متن قوارب صغيرة عبر البحر الأبيض المتوسط. ويذكر أنه في هذا العام وحده، لقي أكثر من 2200 شخص حتفهم خلال الطريق عبر البحر الأبيض المتوسط، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة.

السواحل الإيطالية شهدت عام 2023 أكثر الحوادث المتعلقة بالهجرة غير النظامية مأساوية
السواحل الإيطالية شهدت عام 2023 أكثر الحوادث المتعلقة بالهجرة غير النظامية مأساويةصورة من: Yara Nardi/REUTERS

اتفاقية لا ترحم الأطفال!

حول الموضوع ذاته، أصدرت منظمة أطباء بلا حدود بيانا منفصلا، قال فيه كريستوس كريستو، الرئيس الدولي لمنظمة أطباء بلا حدود: “اليوم هو يوم كارثي بالنسبة للأشخاص الفارين من الحرب والعنف. فمن خلال إصلاح نظام اللجوء، يركز الاتحاد الأوروبي على مخيمات الاعتقال وتشييد الأسوار والترحيل إلى بلدان ثالثة غير آمنة، وهذه كلها حلول تأتي على حساب حقوق الإنسان”.

ومن الأصوات المنتقدة الأخرى للاتفاقية منظمة إنقاذ الطفولة، التي تطرقت في بيان لها إلى كيفية تأثير الصفقة على المهاجرين القاصرين، قائلة إنها “ستؤدي إلى انتهاكات صارخة لحقوق الطفل، وسيتعرض الأطفال المهاجرين للخطر، وستؤدي إلى تشتيت العائلات المهاجرة”.

كما قامت منظمة أوكسفام، بدراسة التأثير الذي قد تحدثه الاتفاقية على الأطفال، قائلة إنه سيؤدي إلى احتجاز الجميع بما في ذلك الأطفال والأسر في مراكز شبيهة بالسجون، وأن الاتحاد الأوروبي أضاع فرصة الاتفاق أخيرًا، بشأن تقاسم أفضل للمسؤوليات وتحسين التعاون والتضامن بين بلدانه”.

معظم دول الاتحاد الأوروبي ترحب بالاتفاقية!

إلى جانب مسألة تضييق الخناق على الدخول غير القانوني لبلدان الاتحاد، تتضمن الاتفاقية سلسلة من الأحكام لتسريع ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، وهو ما انتقدته المنظمات غير الحكومية أيضًا، قائلة إن هذا من شأنه أن “يقيد الوصول إلى الحماية في أوروبا”.

روبرتا ميتسولا رئيسة البرلمان الأوروبي تتحدث للصحافيين إثر التوصل لإتفاق اللجوء
روبرتا ميتسولا رئيسة البرلمان الأوروبي تتحدث للصحافيين إثر التوصل لإتفاق اللجوءصورة من: Miguel Medina/AFP/Getty Images

وخلص البيان إلى أن “كل هذا سيجبر المزيد من المهاجرين على محاولة الفرار عن طريق البحر واختيار طرق أكثر خطورة، وستفقد أرواح أكثر”. وشددت منظمة العفو الدولية في الوقت نفسه على أن الاتفاقية لن يغير الكثير بشأن الوضع الراهن المتعلق بالهجرة في كل أنحاء أوروبا.

وأضاف “بدون تجديد الالتزام بإنفاذ قانون الاتحاد الأوروبي وضمان المساءلة عن عمليات الإعادة وغيرها من الانتهاكات، فإن الميثاق لن يفعل شيئًا لتحسين ظروف الحماية لطالبي اللجوء في أوروبا”. وباستثناء المجر، رحبت العديد من الدول الأوروبية بالاتفاقية.

أما إيطاليا واليونان، الدولتان الواقعتان في جنوب الاتحاد الأوروبي، اللتان تتحملان العبء الأكبر من الوافدين غير القانونيين، إن الاتفاق سيخفف من حدة وضعهما. واعتبرت ألمانيا، حيث يقيم أكبر عدد من المهاجرين واللاجئين داخل الاتحاد الأوروبي، أن ذلك مهم لها أيضا.

إلا أن المجر اعتبرت أن الاتفاق ينتهك سيادتها، وقال وزير الخارجية المجري بيتر زيجارتو إن بلاده ترفض “اتفاق الهجرة هذا بأشد العبارات الممكنة”، مضيفا أن المجر لن تسمح “لأحد أن يحدد لنا، من يمكننا السماح له بالدخول من عدمه”.

جدير بالذكر أن الاتفاقية ستستغرق بضعة أشهر قبل التوقيع عليها لتصبح سارية المفعول، وتأمل المنظمات غير الحكومية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة Sea-Watch خلال هذه الفترة في الحصول على فرصة للإحداث تغيير.

سيرتان ساندرسون/ م.ب مهاجر نيوز

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اضف تعليق
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.