مائة يوم على حرب غزة.. وضع مأساوي واسرائيل تواصل الحرب
دخلت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الأحد (14 يناير/ كانون الثاني 2024)، يومها المائة على الرغم من الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار في النزاع الذي أدى إلى أزمة إنسانية كبيرة في قطاع غزة.
وقال رئيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الذي يزور المنطقة الساحلية من القطاع، إن “جسامة الموت والدمار والتهجير والجوع والخسارة والحزن في الأيام المئة الماضية تلطخ إنسانيتنا المشتركة”. وأكد أيضا أن جيلا كاملا من أطفال غزة يعاني من “صدمة نفسية”، والأمراض مستمرة في الانتشار و”المجاعة” تلوح في الأفق.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 1,9 مليون شخص أو نحو 85 بالمائة من السكان، اضطروا إلى مغادرة منازلهم منذ اندلاع الحرب. ويلجأ كثيرون إلى رفح أو إلى مناطق أخرى في جنوب القطاع الصغير، بينما تكرر وزارة الصحة المحلية أنها لا تملك بنية تحتية لاستيعابهم.
ومع أن المستشفيات في المنطقة محمية بموجب القانون الإنساني الدولي، إلا أنها تعرضت للقصف مرات عدة، إذ تتهم إسرائيل حماس باستخدام المستشفيات قواعد لها واستخدام المدنيين كدروع بشرية، وهو ما تنفيه حركة حماس.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أن أقل من نصف المستشفيات في القطاع تعمل جزئيا فقط.
الضفة الغربية
وبينما الحرب مستمرة في غزة، يزداد الوضع توترا في الضفة الغربية التي تشهد مواجهات متفرقة بين الجيش الإسرائيلي والفلسطنيين. وفي بيان مشترك لهيئة “شؤون الأسرى والمحررين” و”نادي الأسير الفلسطيني” أعلن عن اعتقال 25 فلسطينيا على الأقل في الضفة الغربية الليلة الماضية، من بينهم شقيقتا صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي اغتيل في الضاحية الجنوبية ببيروت مطلع الشهر الجاري. واضاف البيان أنه جرى اعتقال دلال العاروري (53 عاما) من منزلها في بلدة عارورة شمال رام الله وشقيقتها فاطمة (48 عاما) من منزلها في مدينة البيرة. ولم يصدر تعقيب من السلطات الإسرائيلية بعد حول اعتقال الشقيقتين دلال وفاطمة العاروري.
كما أوضح البيان أنه من بين المعتقلين “15 مواطنا من عمال غزة في بلدة بديا بمحافظة سلفيت” بالضفة الغربية وهم من العمال الذين كانوا في إسرائيل قبل الهجوم الذي شنّته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لترتفع “حصيلة الاعتقالات بعد السابع من أكتوبر إلى نحو 5875… هذه الحصيلة تشمل من جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتجزوا كرهائن”، وفقاً لذات المصدر.
إسرائيل مصممة على مواصلة الحرب
ورغم المطالب الدولية لوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن مجلس الحرب الإسرائيلي مصمم على “مواصلة القتال”. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في مؤتمر صحافي في تل أبيب “لن يوقفنا أحد، لا لاهاي ولا +محور الشر+ ولا أي شخص آخر”، في إشارة خصوصا إلى دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، متهمة إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية في غزة.
من جهته أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أن بلاده تخوض حربا “عادلة” للدفاع عن “حقها في العيش هنا بأمان”. وأضاف السبت “لقد وافقنا على خطط من جانب القيادة الجنوبية، للاستمرار في أعمال القتال وزيادة الضغط العسكري على حماس، حيث سيؤدي الضغط إلى تفكيك حماس وعودة الرهائن”، مضيفا أن “هذا الضغط، وهو فقط، الذي نجح في إعادة الكثير من الرهائن”.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة المحاصر، على إثر الهجوم الإرهابي المباغت الذي شنّته حماس وجماعات أخرى في غلاف غزة في السابع من تشرين الاول/أكتوبر، ما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز أزيد من 240 آخرين كرهائن، وفقاً لمصادر إسرائيلية. وردّت إسرائيل على الهجوم غير المسبوق بحملة عسكرية مكثفة برّاً وبحراً جوّاً. وتسببت الحرب في مقتل أكثر من 23 ألفا وتسعمائة شخص غالبيتهم من النساء والأطفال إضافة إلى آلاف المفقودين وفقاً لأرقام وزارة الصحة الفلسطينية التابعة لحماس في غزة.
وخلال وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تم إطلاق سراح 105 رهائن مقابل إطلاق سراح 240 سجينا فلسطينيا. وما زالت عائلات الرهائن في حالة تعبئة من أجل عودتهم، محاولة الضغط على الحكومة الإسرائيلية عبر تحركات عملية أحيانًا ورمزية.
وتجمع آلاف الأشخاص في تل أبيب السبت للمطالبة بالإفراج عن الرهائن. وقال إيدان بيغيرانو (47 عاما) الذي شارك في التظاهرة، لفرانس برس “سنواصل المجيء إلى هنا الأسبوع تلو الآخر حتى يتم إطلاق سراح الجميع”. وفي مكان قريب تظاهر نحو مائة شخص أيضًا، لكن للمطالبة بإنهاء الحرب، رافعين لافتات كتب عليها “لا للاحتلال” و”الانتقام ليس نصرًا”.
من جهتها، وفي اليوم المائة على اندلاع الحرب أعربت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عن أملها في إطلاق سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس. وكتبت بيربوك الأحد على منصة “إكس” (تويتر سابقا): “لن نستسلم، ولن نتراخى في عملنا إلى أن يعود جميع الرهائن لدى حماس إلى ديارهم”. وتابعت: “منذ 100 يوم هناك أطفال وآباء وأخوات وأصدقاء مفقودون في إسرائيل. 100 يوم مفعمة بالريبة والحزن والأمل”.
يذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
مخاوف من اشتعال المنطقة
ومع استمرار الحرب، تزداد يوما عن يوم المخاوف من اشتعال المنطقة بعد ضربات جديدة ضد المتمردين الحوثيين اليمنيين المدعومين من إيران الذين يضاعفون هجماتهم في البحر الأحمر ضد السفن التجارية، تضامناً مع الفلسطينيين. وقالت الولايات المتحدة إن قواتها وصلت إلى “موقع رادار في اليمن” بعد أن تعرضت مواقع المتمردين اليمنيين لضربات أمريكية وبريطانية.
وعلى الحدود مع لبنان شمال إسرائيل، أعلن الجيش الإسرائيلي الأحد أنه أطلق النار على “إرهابيين” دخلوا أراضيه، وقتل أربعة من هؤلاء المقاتلين.
ويتواصل تبادل إطلاق النار بين حزب الله اللبناني الداعم لحركة حماس، والقوات الإسرائيلية بشكل شبه يومي منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وتمّ إجلاء عشرات الآلاف من السكان من المنطقة الواقعة على جانبي هذه الحدود في بداية النزاع.
وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول عربية. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ “منظمة إرهابية”.
و.ب/م.س/ز.أ.ب (أ ف ب، رويترز، د ب أ)