في حالة صدورها.. ما عواقب مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو؟
بحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، فإن الحكومة الإسرائيلية تتابع بقلق ما يجري في لاهاي بهولندا، حيث مقر المحكمة الجنائية الدولية، إذ يحتمل صدور قرار من المحكمة هذا الأسبوع بشأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، ورئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هاليفي على خلفية الحرب في غزة.
وكان نتنياهو قد علق على الإجراءات الجنائية من قبل المحكمة الجنائية الدولية يوم الجمعة الماضي (26 أبريل / نيسان2024) وكتب على موقع “إكس”، أن بلاده لن تقبل أي محاولة من قبل المحكمة الجنائية الدولية تهدف إلى تقويض “حقها في الدفاع عن النفس”.
ما الإجراءات التي يمكن أن تتخذها المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو؟
المحكمة الجنائية الدولية تحقق مع الأفراد فقط. ولا يتم اتخاذ إجراء إلا إذا كان الشخص مشتبهًا في أنه يشغل منصبًا رفيعًا ومسؤولاً عن إحدى الجرائم الأساسية الأربع: الإبادة الجماعية، جرائم الحرب الخطيرة، الجرائم ضد الإنسانية، أو الحرب العدوانية.
في الواقع، تحقق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب مشتبه بها ضد مسؤولين محتملين في إسرائيل منذ عام 2021. ومع ذلك، تقول المحكمة الجنائية إنها تحقق أيضًا مع مقاتلي حماس بنفس الاتهام. ولا تزال التحقيقات جارية أيضًا في أعمال العنف التي يشبته بارتكابها من قبل مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية. وينبغي أيضاً أخذ التطورات الأخيرة في الحرب بين إسرائيل وحماس في عين الاعتبار. بدأ الأمر بعد أن قتلت حركة حماس الإسلاموية المتشددة المصنفة من قبل ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية، حوالي 1200 شخص في إسرائيل في هجوم إرهابي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، واختطفت أكثر من 240 رهينة إلى قطاع غزة.
وأدت العمليات العسكرية الإسرائيلية ردًا على الهجوم إلى مقتل أكثر من 34 ألف شخص في قطاع غزة، وفق السلطات الصحية التابعة لحماس. ولا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل.
متى يمكن للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق مع مواطنين إسرائيليين؟
من حيث المبدأ، لا يجوز للمحكمة الجنائية الدولية أن تتخذ إجراءات إلا إذا كانت الدول غير قادرة على أو غير راغبة في المحاكمة على الجرائم المذكورة أعلاه أمام المحاكم الوطنية. ومن غير المرجح حالياً أن تتمكن المحاكم الإسرائيلية من رفع دعوى جنائية ضد رئيس الحكومة أو وزرائه أو قادة الجيش، لأسباب ليس أقلها الحرب المستمرة. بالإضافة إلى ذلك، على الدولة التي ينتمي إليها المشتبه فيه بارتكاب الجريمة، الاعتراف بذلك، و- إسرائيل لا تفعل ذلك – أو يجب أن تقوم بذلك الدولة التي ارتكبت فيها الجرائم المزعومة. وقد يكون لهذا دوره هنا لأن الأراضي الفلسطينية انضمت إلى معاهدة المحكمة الجنائية الدولية.
وإلى جانب إسرائيل، فإن الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا والهند وجميع الدول العربية تقريباً وإيران لا تعترف بالمحكمة الجنائية الدولية. وفي حال لم تكن أي من المناطق المتضررة طرفاً متعاقداً في المحكمة الجنائية الدولية، فإن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وحده، الذي يمكنه أن يأمر المحكمة بالقيام بذلك عن طريق إصدار قرار بذلك. وقد كان هذا هو الحال، على سبيل المثال، في حالة السودان وليبيا.
ما العواقب التي قد تترتب على صدور مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو؟
مذكرة الاعتقال أصلا ليست حكما. أولا وقبل كل شيء، هذه علامة على أن المحكمة الجنائية الدولية تأخذ الادعاءات ضد شخص مشتبه به على محمل الجد بما يكفي للتحقيق فيها. ووفق موقعها على الإنترنت، لا تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال إلا إذا رأى القضاة أنه من الضروري أن يمثل الشخص المعني أمام المحكمة، لأن هذا إجراء ضروري من إجراءات المحكمة الجنائية الدولية. وقد تكون الأسباب الأخرى هي خوف القضاة من أن يقوم المتهم بعرقلة الإجراءات أو ارتكاب المزيد من الجرائم.
وعلى الرغم من ذلك، ليس للمحكمة الجنائية الدولية قوة شرطة خاصة بها لتعقب واعتقال المشتبه بهم. ومن غير المرجح أن يمثل أعضاء الحكومة الإسرائيلية أمام المحاكمة في لاهاي. لكن مذكرة الاعتقال ـ في حالة صدورها ـ من شأنها أن تقيد حرية التنقل الدولية لنتنياهو والوزراء المطلوبين للمحاكمة معه أيضاً، فجميع الأطراف المتعاقدة في المحكمة الجنائية الدولية، وعددها 124، ملزمة باعتقال الأشخاص المطلوبين على أراضيها وتسليمهم إلى المحكمة. على سبيل المثال، ابتعد فلاديمير بوتين عن معظم الاجتماعات الدولية منذ أن أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحقه بتهمة اختطاف أطفال أوكرانيين ونقلهم إلى روسيا. يسافر الرئيس الروسي فقط للدول التي ليست عضواً بالمحكمة الجنائية الدولية ولا تعترف بسلطتها.
ما علاقة مذكرة الاعتقال المحتملة بتهم الإبادة الجماعية الموجهة ضد إسرائيل؟
لا ينبغي الخلط بين تحقيق المحكمة الجنائية الدولية واتهامات بـ الإبادة الجماعية التي وجهتها بعض الدول لإسرائيل. وقد رفعت جنوب أفريقيا، من بين دول أخرى، دعوى قضائية ضد دولة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بسبب سقوط قتلى حرب كثيرين في قطاع غزة. ومحكمة العدل الدولية موجودة أيضاً في لاهاي، لكنها لا تحقق مع الأفراد أو تصدر أوامر اعتقال بحقهم. ولكنها مسؤولة بشكل حصري عن النزاعات بين الدول. وفي نهاية يناير/ كانون الثاني من هذا العام، أقرت محكمة العدل الدولية “بخطر الإبادة الجماعية في قطاع غزة” . ومع ذلك، لم تتم الاستجابة لطلب جنوب أفريقيا العاجل بأن توقف إسرائيل جميع الأعمال العدائية في القطاع. وبعد هذا القرار الأولي، من المرجح أن تستمر إجراءات الخاصة بتهمة الإبادة الجماعية المزعومة لأشهر أو سنوات.
جانيت كوينك
أعدته للعربية: إيمان ملوك