تريد مدينة الدار البيضاء الساحلية المغربية الشهيرة أن تتزين من أجل كأس العالم 2030 وأن تحل في الوقت نفسه مشكلة المرور لديها ولهذا السبب تم الآن حظر العربات التي تجرها الدواب (الكرويلا). ما قد يسعد سائقي السيارات، لكنه في الوقت نفسه كارثة بالنسبة للبائعين الصغار الذين عليهم أن يجلبوا بضاعتهم إلى السوق. وهناك من يستخدمون تلك العربات كوسيلة نقل للأفراد، ومن هذه الوسيلة كانوا يكسبون لقمة عيشهم. كثيرون الآن لا يعرفون كيف سيتمكنون من تغطية نفقاتهم ماليا في المستقبل.
ولا يخفي أيوب يأسه، ويقول الشاب المغربي إن منع مدينة الدار البيضاء مؤخرًا سير العربات المجرورة، التي تجرها الحمير في الشوارع قد دمر مصدر رزقه.
وحتى وقت قريب كان أيوب قادراً على إعالة أسرته في القرية، والآن لم يعد لديه ما يكفيه هو نفسه، ويقول: “لم أعد أتصل بوالدتي لأنني لا أستطيع أن أقدم لها أي شيء. في بعض الأحيان لا آكل لمدة يوم كامل لأنه لم يعد لدي ما يكفي من المال. ثم أنام في يوم وأتناول الطعام في اليوم التالي”.
عندما كان يحكي لنا ذلك، كان أيوب يجلس في مقهى يرتدي سترة ممزقة أكمامها ومغبرة، وكان يرتدي أيضا رداءً طويلاً يحميه من البرد. ويرفض أيوب أن ندعوه لتناول الشاي فهو أمر مزعج للغاية بالنسبة له. ومن أجل كسب لقمة العيش، كان أيوب في السابق يستعير كل يوم عربة يجرها حمار لنقل البضائع أو الأشخاص في جميع أنحاء المدينة. وقد انتهى كل هذا منذ قرار الحظر.
“لقد أخذوا مني كل شيء”
وحكى أيوب لنا قائلا: “في أحد الأيام، أخذوا عربتي بالخضار الذي كان عليها. كان هذا كل ما أملك. أخذوا مني كل شيء”. والآن، يقول أيوب، إن عليه أن يكسب عيشه كعامل يومي بالأجرة.
في سوق الجملة للفواكه والخضروات في الدار البيضاء، كل شيء ضخم تقريبًا، وليس فقط الصخب والضجيج. فصناديق البصل والباذنجان والفلفل مثلا مكدسة بارتفاع أمتار تشق عنان السماء، وتم وضع شاحنات كاملة من القرع البرتقالي والبني. ونادرا ما تتسوق الأسر هنا، لأن في هذا السوق يقوم تجار الجملة بتخزين البضائع بكميات تصل إلى مئات الكيلوغرامات أو حتى أطنان.
أيوب، المسكين وقليل الحليلة، يساعد هنا وهناك في الحمل والنقل والتحميل والتفريغ. ويشتكي الشاب المغربي من أن المبلغ الذي يتقاضاه لا يكفي لدفع إيجار مسكنه. ولهذا السبب يريد في المستقبل أن يبيت في أي مكان بالسوق.
شوارع مزدحمة وحوادث كثيرة
وفي حين لا يرى أيوب مستقبلا لنفسه، فإن وجهة نظر المدينة هي أن العربات المجرورة بواسطة الحمير والبغال أصبحت شيئا من الماضي، فهي تسد الشوارع. ويوضح مولاي أحمد أفيلال، نائب رئيس مجلس المدينة: “هناك مشكلة في حركة المرور وهناك مشكلة في الحوادث. لقد تلقينا شكاوى. في الآونة الأخيرة، سقط رجل عجوز من عربة لم يكن مؤمنا عليه”.
منظر العربة التي يجرها حمار أو بغل ليس هو الوجه الذي تريد المدينة الاقتصادية التي يقطنها الملايين أن تظهره للعالم – خاصة عندما يأتي العالم إلى الدار البيضاء قريبا، فالمغرب سيستضيف كأس الأمم الأفريقية 2025، ولكن الأهم من ذلك أنه سيستضيف بالمشاركة مع البرتغال وإسبانيا، مباريات بكأس العالم 2030: وأضاف مولاي أحمد أفيلال: “الدار البيضاء ستكون جاهزة لكأس الأمم الأفريقية وكأس العالم. وهذا مهم للغاية بالنسبة لنا”.
خوف على المستقبل
العربة المجرورة “الكرويلا” لا تتناسب ببساطة مع مفهوم المدينة الذكية الذي تنتهجه الدار البيضاء. وهناك منذ فترة طويلة تسير حافلات كهربائية صديقة للبيئة، ويبدو أن عربات الترام الحمراء تسير بشكل أفضل على القضبان بدلاً من التدحرج على العجلات.
لكن الرجال مثل أيوب يرون الأمر من منظور مختلف: ما فائدة المدينة الذكية إذا كانوا لا يعرفون كيف يواصلون العيش لليوم التالي وكيف يمكنهم الحفاظ على بقائهم على قيد الحياة، هذا هو سؤالهم.
ويشتكي أيوب من أن السلطات لم تقدم لهم أي تعويض أو مساعدة بعد منع الحمير. ويختتم كلامه بالقول: “الحياة تعني المعاناة بالنسبة لنا – وفي مرحلة ما سنموت ونحن نعاني”.
الكاتب: كاي كوستنر، من استديو شمال وغرب أفريقيا بالقناة الألمانية الأولى (ARD)
أعده للعربية: صلاح شرارة