نظرة مستقبلية لعام 2024: خمسة تحديات تنتظر الاتحاد الأوروبي


هناك تحديات مرتقبة تلوح في الأفق أمام الإتحاد الأوروبي العام المقبل 2024 إليك أبرز هذه التحديدات 

التحدي الأول: حرب روسيا

لقد قامت الدول الـ 27 بالتعهد مرارًا بأنها ستقدم المساعدة لأوكرانيا في الدفاع ضد روسيا طالما كان ذلك ضروريًا، لأن انتصار روسيا قد يهدد أمان أوروبا بشكل عام. هل سيلتزم الاتحاد الأوروبي بهذا التعهد في العام القادم؟

هناك الكثير من الحديث عن التعب من الحرب والتضامن المنهار في بروكسل في الوقت الحالي. يواجه الاتحاد الأوروبي صعوبة في اتخاذ قرار بشأن مساعداته المالية لأوكرانيا بالإجماع. من المرجح أن يتم التشكيك في استراتيجية ترك الأمر لأوكرانيا لتقرر ما إذا كانت ستتفاوض مع روسيا أم لا في عام 2024.

“يجب أن يظل هدفنا دائما تحقيق السلام العادل وليس إبقاء الصراع”، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين. وتابعت “أفضل طريقة لتحقيق الاستقرار والازدهار في أوكرانيا هي من خلال  عضوية الاتحاد الأوروبي . بالنسبة لأوكرانيا المنبعثة من جديد، أوروبا هي الحل”.

 

التحدي الثاني: توسيع الاتحاد الأوروبي

تطرح أورسولا فون دير لايين تحدٍ يعتبره كثيرون في الدول الأعضاء أمرًا يسير بسرعة كبيرة بشكل مبالغ. من المقرر بدء محادثات الانضمام مع أوكرانيا ومولدافيا في عام 2024. سيكون انضمام أوكرانيا، التي تعاني من آثار الحرب، مرتبطًا بتكاليف هائلة للاتحاد الأوروبي. لذلك، حتى أصدقاء أوكرانيا السياسيين الكبار، مثل بولندا أو دول البلطيق يشعرون بالقلق من هذا الأمر. إذ يمكن أن يتحولوا من دول تتلقى المساعدات إلى دول يترتب عليها التزامات مالية. يحاول مسؤولو الاتحاد الأوروبي تهدئة الأمور بالقول إن المفاوضات ستبدأ على الرغم من أن الانضمام قد يكون في المستقبل البعيد وسيستغرق سنوات عديدة.

تراقب دول غرب البلقان، والتي ترغب جميعها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وبعضها موجود على قائمة الانتظار منذ حوالي 20 عاما، بريبة السرعة القياسية التي تتقدم بها جهود انضمام أوكرانيا ومولدوفا. ستكون هناك تواريخ محددة لانضمام الجبل الأسود وألبانيا ومقدونيا الشمالية، أيضا من أجل احتواء النفوذ الروسي والصيني في البلقان. وبالنسبة لصربيا وكوسوفو، فإن الاحتمالات متواضعة إلى حد ما، لأن الصراعات العرقية تشل أي تقدم. إن البوسنة والهرسك تكافح من أجل الخروج من وضعها كدولة مختلة. بيد أن الصراع الذي تغذيه روسيا بين صرب البوسنة والجماعات العرقية الأخرى هو أكبر عائق.

 

التحدي الثالث: إصلاحات الاتحاد الأوروبي الداخلية

قبل الشروع في قبول دول أعضاء جديدة، يجب إجراء إصلاحات شاملة في عمليات اتخاذ القرار وتمويل الاتحاد الأوروبي. “فقط أوروبا ذات السيادة القوية اقتصاديا هي القادرة على توفير “القدرة الاستيعابية”، كما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ فترة طويلة. كما وضعت الحكومة الألمانية مقترحات من اجل تغيير عملية اتخاذ القرار لتكون بالأغلبية بدلا من الإجماع. ومن غير الواضح ما إذا كان سيتم تنفيذ أي من هذا في عام 2024، وفقا لدبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي فإن إلغاء الإجماع لاعتماد القرار وتحويله إلى الأغلبية فقط يتطلب قرارا بالإجماع مسبقا.

في السنوات السابقة، فشل الاتحاد الأوروبي في إجبار المعارضين المعروفين بالرفض، كهنغاريا وبولندا، اللذين يستخدمون حق النقض الخاص بهم بلا تردد، على التراجع. نتيجة لذلك توقفت العديد من القرارات. في عام 2024، سيظل  خصم الاتحاد الأوروبي فيكتور أوربان في المجر على رفضه الدائم لقرارات بقية الدول. في بولندا، هناك أمل، حيث يتولى الناشط الأوروبي السابق دونالد توسك المقاليد حاليا.

قبل 20 عاما وبعد انضمام ثماني دول من أوروبا الوسطى والشرقية بالإضافة إلى مالطا وقبرص – اعتمد الاتحاد الأوروبي “معاهدات لشبونة” ، التي لا تزال قوانين الاتحاد حتى اليوم. فهل يجب تعديل هذه الاتفاقيات؟ ستشهد هذه النقاشات زخما في عام 2024.

أوقاتا عصيبة قد تشهدها أوروبا في حال نجح ترامب بالعودة صورة من: Stephen Maturen/AFP/Getty Images

 

التحدي الرابع: دونالد ترامب

إذا نجح الجمهوري المحافظ دونالد ترامب بالعودة إلى البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة على الرغم من إجراءات المحكمة الجارية، فستكون هناك فترة عصيبة أمام الإتحاد الأوروبي وأيضًا للجزء الأوروبي من حلف شمال الأطلسي (الناتو) إذ يمكن أن يتراجع دعم لأوكرانيا وردع روسيا. أما في قضايا التجارة فقد تضطر أوروبا إلى تعويض المساعدات الأمريكية لأوكرانيا وهو ما سيزيد الصعوبات على الدول الأوروبية.

وتتوقع غرفة التجارة الألمانية الأمريكية أن يفرض دونالد ترامب رسومًا جمركية على أوروبا. وفي المقابل، قد يضطر الاتحاد الأوروبي لزيادة الرسوم الجمركية. من المتوقع أن ينخفض حجم التجارة والنمو الاقتصادي.

بالنسبة للصين والتي تعتبر الشريك التجاري الأكثر أهمية للعديد من دول الاتحاد الأوروبي فمن غير المعروف ما إذا كان ترامب سيجعل العلاقات مع الصين أسوأ مما هي عليه بالفعل؟ وسيصبح العالم حينئذ أقل استقرارا مما هو عليه بالفعل وهو كابوس للعديد من خبراء السياسة الخارجية في بروكسل. شخص واحد فقط سيكون سعيدا وهو فيكتور أوربان، حيث سيرى رئيس الوزراء المجري ترامب حليفا في معركته من أجل ديمقراطية “غير ليبرالية”.

التحدي الخامس: انتخابات البرلمان الأوروبي

في بداية يونيو/ حزيران القادم، سيقرر حوالي 400 مليون ناخب مصيرالبرلمان الأوروبي. بالأحرى: يمكنهم ذلك، ولكن فقط نصف هذا العدد أي حوالي 200 مليون، قاموا بالتصويت في المرة السابقة. يُتوقع أن تكون الفائز الجديد مرة أخرى هي الأحزاب المسيحية الديمقراطية، ولكن من المتوقع أن نشهد أيضا ارتفاع التصويت لأحزاب اليمين المتطرف والأحزاب الشعبوية

وفقا لاستطلاع الرأي Eurobarometer ، فإن القضية الأكثر أهمية بالنسبة للناخبين هي وضعهم الاقتصادي ومستوى معيشتهم. لذلك فإن أوكرانيا والهجرة والإصلاحات وتوسيع الاتحاد الأوروبي لها أهمية ثانوية في قرار التصويت. ومن المتوقع أن تظل السياسية الألمانيةأورسولا فون دير لايين رئيسة لمفوضية الاتحاد الأوروبي. للقيام بذلك، يجب أن يتم تأكيد بقائها في المنصب من قبل برلمان الاتحاد الأوروبي.

نظرة إيجابية لمستقبل الاتحاد الأوروبي

بالرغم من التحديات الخمسة الرئيسية، من المرجح أن يواجه الاتحاد الأوروبي عددا من التحديات الأخرى في العام المقبل. على سبيل المثال، من المقرر أن يصبح الإصلاح المثير للجدل لإجراءات اللجوء، أو ما يسمى بميثاق الهجرة، قانونا. كما يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى قواعد جديدة لمديونية الميزانيات الوطنية لدول الأعضاء. لقد طال انتظار قانون ينظم الذكاء الاصطناعي. هناك حاجة إلى إطلاق المزيد من الاستثمار في تكنولوجيا المناخ الأخضر. ويستمر البحث عن المال. وتريد المفوضية الأوروبية الحصول على 66 مليار يورو بالإضافة إلى ميزانية تبلغ 1.1 تريليون يورو على مدى سبع سنوات. ومع ذلك، فإن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تماطل في هذا الأمر مما قد يؤدي إلى صراعات عميقة بين الدول المانحة في الشمال والدول المتلقية في الشرق والجنوب في الاتحاد: المانحة الشمالية وكذلك المتلقين الشرقيين والجنوبيين في الاتحاد.

وعلى الرغم من كل هذا، هناك شكاوى وتذمر للعديد من مواطني الاتحاد، فهم يشكون في استطلاع Eurobarometer من أن تأثيرهم ضئيل للغاية على القرارات في بروكسل، إلا أنهم متفائلون إلى حد ما بشأن آفاق مستقبل الاتحاد الأوروبي. يقول 60 في المائة من المستطلعين ذلك. المفاجأة هي فرنسا، حيث تقع معدلات التفاؤل دون 50 في المائة وهي صاحبة أدنى نسبة بين جميع دول الاتحاد الأوروبي. أما الدانمارك فكانت هي الأعلى بنسبة 86 في المائة. وفي ألمانيا: ينظر 58 في المئة من المستطلعين إلى تطور الاتحاد الأوروبي في عام 2024 بتفاؤل

أعده للعربية: علاء جمعة

 

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اضف تعليق
Comments (0)
Add Comment